البازار الكبير في إسطنبول

01 سبتمبر 2017
في بداية القرن السابع عشر تحقق للبازار شكله النهائي(Getty)
+ الخط -
هنا في قلب إسطنبول، يقف البازار الكبير مزهوّاً بتاريخه العريق، وازدحامه بالزبائن والسائحين، مُفتخراً أيضاً بتوظيفه لأكثر من 26 ألف شخص يعملون في مختلف نشاطاته، ومنهم كثير من الحرفيين أصحاب المواهب اليدوية النادرة الذين يلبّون احتياجات الزوار الذين يراوح عددهم بين ربع مليون و400 ألف زائر يومياً، وأكثر من 91 مليون زائر سنوياً.
يقول رئيس جمعية الحرفيين في تركيا، إن البازار كان في عام 2014 المعلم الأكثر زيارة في العالم، والأول عالمياً في جذب السياحة، وقد ترافق ذلك الأمر مع عيد ميلاد البازار الـ550.
يُسمّى المكان بالسوق المغطّى أو المسقوف، ويُطلق عليه الأتراك تسمية "بويوك كارسي"، وهو من أقدم الأسواق المغطّاة في العالم، إذ يوجد فيه أكثر من 4000 محل تجاري، تتوزع في 61 شارعاً مغطى داخل السوق. في عام 1455م، بدأ وضع اللبنات الأولى لما سيصبح في ما بعد البازار الكبير، وبعد الفتح العثماني للقسطنطينية بوقت وجيز، كان السوق جزءاً من مبادرة أوسع لتحفيز الازدهار الاقتصادي في عاصمة الإمبراطورية.

في بداية القرن السابع عشر، كان قد تحقق للبازار الكبير شكله النهائي. ومع التوسع الهائل للإمبراطورية العثمانية وامتدادها في ثلاث قارات، وسيطرتها الكاملة على الاتصالات البرية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، أصبح البازار والمناطق المحيطة به محور التجارة المتوسطية. ووفقاً لعدد من الرحالة الأوروبيين، منذ ذلك الحين وحتى منتصف القرن التاسع عشر، فإن هذا السوق لم يكن له مثيل في أوروبا من حيث وفرة السلع وتنوعها وجودتها.
لكن مع نمو صناعة الغزل والنسج في أوروبا في القرن التاسع عشر، ودخول وسائل الإنتاج الضخم، والتنازلات التي قدمتها الإمبراطورية العثمانية للتجار الأوروبيين وتزويدهم بالمواد الخام لإنتاج السلع في أوروبا، تراجع السوق عن سابق عهده.

وبسبب النجاح التجاري للمنتجات الغربية، اندفع التجار الذين ينتمون إلى الأقليات (اليونانية والأرمينية واليهودية) إلى الخروج من البازار، حيث نظروا إليه على أنه سوق عتيق، واتجهوا إلى فتح محلات جديدة في أماكن يرتادها الأوروبيون، رغم ذلك كان بالسوق، وفقاً لمسح عام 1890، حوالي 4400 محل تجاري نشط. في البداية، كان بناء المحال والهياكل في البازار من الخشب، لكن بعد حريق وقع عام 1700، أعيد بناؤها من الحجر والطوب، وتمّت تغطية جميع أجزاء السوق.
ووضع البلاط فوق أسقف السوق لحمايته، ولم يكن يسمح بالتدخين في داخله منعاً لحدوث الحرائق، ورغم عشوائية الإصلاحات التي جرت بالسوق بعد الحرائق والزلازل التي ضربته، فإن تلك الأعمال أعطت السوق وخاصة الجزء الغربي منه مظهراً رائعاً، بسبب متاهة الطرقات والممرات التي تتقاطع مع بعضها في زوايا عدة مختلفة.
كان السبب الرئيس في تركيز التجارة بمكان واحد، هو توفير أعلى درجات الأمن ضد السرقة والحريق، وأي أعمال غير قانونية، ومنذ قرون والبازار يتّبع تقليداً لا يتغير، فالأبواب تغلق في الليل من قبل الحراس، وتفتح بالنهار أمام الجمهور.

المساهمون