في العمل المخابراتي، لا يتورع القائمون على التحقيق عن ارتكاب أشنع الممارسات بحق المعتقلين، في سبيل الحصول على المعلومات، أو للانتقام عبر الحطّ من إنسانيتهم. وإن كان الإيذاء الجسدي هو العنوان الأبرز للانتهاكات بحق المعتقلين، فإن الإيذاء النفسي لا يقل شأناً، يعمد فيه السجانون إلى اختراق الحصن الأخير لدى المعتقل لكسر إرادته.
وابتكر القائمون على تلك المهمات، العديد من الأدوات في سبيل تحقيق هذا الهدف. بعضها يفوق التخيلات، كما فعلت وكالة الاستخبارات الأميركية CIA، عبر تحويل الموسيقى، غذاء الروح، إلى سوط يجلد أرواح وعقول المعتقلين.. وهذه قائمة ببعض الأغاني التي استخدمت في التعذيب، وفق شهادات المعتقلين التي وثقتها وسائل إعلامية مثل "ميك"، ومجلة "تايم" الأميركية، و"تيليغراف" البريطانية.
1- أغنية "The Real Slim Shady"
أصدرها مغني الراب الأميركي إيمينيم عام 2000، حظيت بشهرة واسعة لسخريتها من مشاهيرة عدة، من بينهم باميلا أندرسون، احتلت المركز الرابع في قائمة بيلبورد هوت 100، وكانت من بين الأغاني الـ14 الأكثر مبيعاً في المملكة المتحدة.
وصف المعتقل محمد بنيام، زنزانته في "سجن الظلام" في كابول، الذي تشرف عليه الولايات المتحدة، بزنزانة تعذيب من القرون الوسطى، مع إضافة الموسيقى والضوضاء الصاخبة في الأذن، والتي تم ضخها في الزنزانات على مدار 24 ساعة في اليوم. وقال "كانت تلك أسوأ أيام حياتي. اقتربت من الجنون. معجزة أن ذهني لا يزال سليماً"، مؤكداً في شهادته أن السجناء يقضون وقتهم في الظلام، تحت رحمة مكبرات صوت في الزنزانة، والتي تعمل بقوة 160 واط، على مدار 24 ساعة في اليوم من دون توقف، وقد شغّل السجانون أغنية إيمينيم تلك طوال شهر كامل، بينما كان السجناء مقيدين بالسلاسل.
2- أغنية "Take Your Best Shot"
أغنية روك أصدرتها الفرقة الموسيقية الأميركية Dope، الموسيقى فيها حادة وصاخبة. ووصف المواطن البريطاني روهال أحمد، في مقابلة أجراها عام 2008، تعذيبه بتلك الأغنية قائلاً: "يمكنني أن أتعرض للضرب، إنها ليست مشكلة، فبمجرد قبولك بأنك ستذهب إلى غرفة الاستجواب وستتعرض للضرب، يمكنك إعداد نفسك عقلياً، لكن في التعذيب النفسي، لا يمكنك ذلك".
وقال إنه تعرض للتعذيب مرات عديدة، عبر تعريضه لمجموعة متنوعة من الموسيقى: "تشعر وكأنك ذاهب للجنون، بسبب الضوضاء العالية، وبعد مدة لا تستطيع سماع أي كلمات، هناك ضوضاء فحسب".
3- أغنية "Dirrty"
أغنية هيب هوب مشتركة، أداها الفنانان الأميركيان كريستينا أغيليرا وريدمان، وصدرت عام (2002)، لم تلق الاستحسان المرجو في أميركا لكنها نجحت في بريطانيا وأستراليا والدنمارك، وهولندا، وسويسرا. وحظرت على التلفزيون التايلاندي بسبب محتواها الجنسي. وأشارت التقارير إلى أن المعتقل محمد القحطاني، المعروف باسم "الخاطف العشرون المزعوم لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر"، والذي كان يفترض أن يشارك في الهجمات، ولكن لم تُعط له تأشيرة، قد تعرّض للتعذيب بهذه الأغنية كجزء من الإذلال الجنسي الممارس ضد المعتقلين، وكان الجنود يطلقون على هذه العملية اسم "المسلم السيئ".
4 معزوفة ذكرياتي
كانت هذه المقطوعة تُقدَّم على أنها مقدمة موسيقية لمونولوج أغنية "رق الحبيب"، ولكنها عُرفت في ما بعد منفصلةً عنها كمعزوفة "ذكرياتي"، وهي من ألحان الموسيقار المصري محمد القصبجي. واستخدمها المحققون مع المعتقل محمد القحطاني كجزء من عملية "المسلم السيئ"، مستغلين المحظورات في الثقافة الإسلامية، عبر إجبارهم له على الاستماع إليها في أول أيام رمضان.
5- أغنية Babylon
أغنية روك للمغني والكاتب البريطاني ديفيد غراي، ورغم أنها تمتاز بنوعيتها بعض الشيء، إلا أن المحققين استخدموها في تعذيب المعتقلين الإسلاميين السابقين، عبر انتهاك ثقافتهم والحطّ منها، نظراً لمدلولات عنوانها التوراتية.
6- أغنية Saturday Night Fever
الأغنية الرئيسية لفيلم يحمل العنوان نفسه من بطولة جون ترافولتا صدر عام 1977، وهي أغنية ديسكو أدتها فرقة Bee Gees، أما عن استخدامها في تعذيب المعتقلين فقد كتب البريطاني من أصول باكستانية، معتز بيج، الذي اعتقلته وكالة المخابرات المركزية في باكستان عام 2002، واحدة من أكثر المذكرات شمولاً تصف التعذيب الذي شهده في السجون العسكرية الأميركية. وقال في شهادته: "اعتبرت الأمر مجرد مزحة" عندما سمع الأغنية تصدح في زنزانته للمرة الأولى، ثم تابع: "بعد مدة صار الأمر لا يطاق، كان فظيعاً، لم يكن هناك ضوء على الإطلاق، المكان ضيق جداً، حار جداً، وأنت تجلس هناك لا يمكنك أن ترى أو تفعل أي شيء، ثم تهتز الجدران مع التفجير الموسيقي، العديد من الناس الذين كانوا هناك... كانوا على استعداد للاعتراف للأميركيين بأي شيء يريدونه، سواء كان صحيحاً أم لا".