ندى أبو فرحات: تجربة الحمل على المسرح

10 فبراير 2017
الحمل جعل الدور صادقاً (فيسبوك)
+ الخط -
في نهاية الشهر الماضي، انطلقت مسرحية "حبلى" على خشبة مسرح "مترو المدينة" في بيروت. وتلعب دور البطولة في المسرحية، الممثلة اللبنانية، ندى أبو فرحات، التي نقلت تجربتها الشخصية بالحمل على خشبة المسرح. المسرحيّة من إخراج غابرييل يمين. ويشارك أبو فرحات بالمسرحية، زينب عساف وأسامة العلي وجويس أبو جودة.
وتحدثت بطلة المسرحية، ندى أبو فرحات، في حوار مع "العربي الجديد"، عن خصوصية هذا العرض بالنسبة لها، وقالت:
"كان إحساساً رائعاً. في الحقيقة، لم أكن أتخيل أن شعور الوقوف على خشبة المسرح مع جنيني سيكون له هذا المذاق الرائع. نعم، ولأكون صريحة أكثر، في الأشهر الثلاثة الأولى من حملي، تخيلت أن فترة الحمل لها خصوصية، ولذلك قررت أن أعمل على مسرحية. وفي الشهر الثالث تحديداً، قررت أن أخوض هذه التجربة مع الجنين، قبل أن أعرف إن كان صبياً أو بنتاً. فاتصلت بغابرييل يمين، واتفقنا بسرعة، وشعرت برغبة بتقديم كل الأفكار التي تدور برأسي دفعة واحدة. واخترت يمين كمخرج، لأني كنت أرغب بتقديم عرض مسرحي كوميدي، فأنا لم أرغب بمَسْرَحة حالتي النفسية والفيزيولوجية بوصفها مأساة. بصيغة أدق، كنت أرغب بتقديم المأساة بطريقة كوميدية. وأردت أن أعبر عن عذاب المرأة الرهيب قبل الحمل وبعده. وأعجبت الفكرة يمين، وتحمس مثلي للعرض، وعندما اكتمل العرض وصعدت على خشبة المسرح، كنت سعيدة جداً بهذه التجربة المتميزة. وأنصح كل ممثّلة حبلى، أن تمثل على المسرح في فترة حملها، إذا كانت تحب المسرح".

- وبالنسبة لشخصية "كلير"، التي تجسدينها في العرض، بماذا تختلف عن شخصية ندى أبو فرحات الحامل؟
الفرق بيني وبين الشخصية، أنها العكس، أو الشخصية المناقضة لي، فـ"كلير" ساذجة، ولم تقم بثورة على المجتمع أو ثورة على أهلها، ولذلك عجزت عن اتخاذ القرارات الهامة بحياتها. ولذلك عانت كثيراً من قمع عائلتها، ولاسيما أمها، ولذلك لم تتمكن "كلير" من العثور عن شخص تحبه، وهي فعلياً، كانت تبحث عن شخص تحبه منذ أن كانت صغيرة، وحلمها أن تكمل حياتها معه، وهي لا ترغب بإنجاب الأطفال بهذه المرحلة، بل تم ذلك بسبب ضغوط المجتمع والعائلة.
أما أنا، فإنني في الأربعين من عمري، وحبلت بالأربعين، ولو كنت مثل "كلير"، لكنت حبلت وأنا في الثالثة والعشرين من عمري. ولكن، كان هدفي أن أعثر على شخص أحبه. عملت وعشت كما أحب، مع كل الضغوطات، فأنا شخص قوي بالمجتمع، وقد يكون ذلك بسبب تربيتي التي تختلف كلياً عن تربية "كلير"، فقوة الشخصية هي الفارق الأكبر بيننا. ولكن الخوف والقلق من الإنجاب، و تحولي لشخص مسؤول بسبب وجود شخص جديد في الحياة، هو أمر مشترك بيني وبين شخصية "كلير"، وتتقاطع شخصيتي مع شخصية "كلير" بالإحساس والمعاناة الجسدية، الناجمة عن الحمل بالتأكيد.

- برأيك، ماهي العلاقة بين جسد الممثل وجسد الشخصية؟
طبعاً، وجود الجنين يجعل علاقتي مع الشخصية أكبر، فلو لم أكن حبلى، وعملت في هذه المسرحية، لكان من الممكن أن تكون المشاعر اكثر افتعالاً، ولكنت سأعتمد على تكنيك "ستانسلافسكي"، أو أي تكنيك آخر، لأستحضر حالة نفسية وبيولوجية هي موجودة لدي أصلاً. ففي العرض، وأنا أتحدث عن الجنين الموجود في بطني، يساعدني بالتأكيد وجود جنين حقيقي في بطني، وعندما أتحدث عن التغيرات الفيزيولوجية والهرمونات بجسدي، أعيشُ هذه التغيُّرات بشكل حقيقي، فساعدني ذلك لتقديم الأداء الجيد بشكل أسهل. وحدث ذلك معي من قبل بشكل مختلف، ففي فيلم "تحت القصف" استفدت من الدمار الموجود فعلاً لاستحضار الإحساس المطلوب بشكل أسهل.

- لماذا فضلت أن تختاري المسرح لنقل تجربتك الجسدية للحمل؟ ولم تختاري السينما أو التلفزيون؟
لأن المسرح أسرع، التلفزيون يحتاج لوقت طويل في التصوير، وسيعرض العمل بوقت أكون قد أنجبتُ فيه، وكذلك السينما، بينما المسرح أسهل وأسرع والتواصل مع الجمهور فيه مباشر وأقوى. ولكن المسألة لا ترتبط بنمط التمثيل، فأدائي لم يكن سيختلف لو لعبت الشخصية في السينما أو التلفزيون.


- برأيك كيف انعكست جماليات جسد المرأة الحامل على المسرح؟ وهل كان للتحولات الجسدية خصوصية لعلاقاتك مع الفضاء والجمهور؟
صورة الجسد المختلفة بسبب ظرف الحمل، كان لها جمالية خاصة بالتأكيد، واستفدت من تحولات جسدي، فالجمهور تفاعل مع تشكيل جسد المرأة الحامل، ولاسيما بعد أن سردت حكايتي مع الجنين الموجود بداخلي. فتشكيل جسدي بالفضاء المسرحي، وانعكاسات الضوء عليه، وباقي عناصر اللعبة المسرحية، أبرزت جمالية الجسد. واستفدنا من خصوصية وجمالية جسد المرآة الحامل بالبوستر، فصورة جسدي على البوستر، والبطن المكشوف فيه، أعطت البوستر جمالية خاصة، وجذبت الجمهور. وبالنسبة إلي، أحب جسد المرأة كيف خلق، وجسد الرجل أيضاً، ودائماً ما أحب أن أعرضهما بطريقة فنية بأعمالي.

- وهل ستكون هناك أعمال فنية قادمة تشاركين بها، مرتبطة بتحولات الجسد بعد الولادة؟
لا، بعد الولادة سأنقطع عن العالم كله، بعد الولادة سأعطي مساحة من حياتي لـ"ندي" ابني. وفي أوائل الخريف المقبل، سأعود للعمل، إذ سنحضّر لمسرحية جديدة، وأتأمل أن لا يكون لها علاقة بالتغيرات الجسدية، لأن الشخصية غريبة من نوعها، وليست شائعة بشكل كبير في المجتمع. وفي الخريف القادم سأبدأ العمل مع المخرج، جيرار أفيديسيان.



دلالات
المساهمون