البرديات الفرعونية

10 يناير 2017
هناك برديّة طبيّة تُعرَف ببردية "بتري" (Getty)
+ الخط -
توضّح برديّة "كاهون" المحفوظة في متحف برلين، ويعود تاريخها إلى حوالي 3500 عام، كيف كانت المرأة الفرعونيّة تتعرّف على نوع جنينها منذ بداية الحمل. إذ تكشف البردية عن عدة طرق غير مألوفة لبحث مسألة الخصوبة والحمل وتحديد جنس الجنين.

ومن بين تلك الوسائل التي تكشُف عنها البرديّة، حثُّ الحامل على القيء، ثمّ فحص العينين بعدها. ثمّة طريقة أخرى تكون عبر بضع حبات من الشعير والقمح، تقوم المرأة التي تشكُّ بحملها بالبول عليها، ثم تتركها أربعة أيام في إناء؛ فإذا لم تنبت الحبوب، كان ذلك دليلاً على أن الحملَ كاذب. وإذا نبتت حبات الشعير فقط كانت المرأةُ حُبلى بذكر. وإذا نمت حبات القمح يكون ذلك دليلاً على أنها حُبلى بأنثى. وإذا نبتت الحبوب من النوعين جميعاً كانت المرأة حبلى بتوأم.
تلك التجارب جميعاً تكون في الشهر الأول للحمل، فلم يكن على النساء الانتظار عدة أشهر لمعرفة نوع الجنين كما يحدث الآن بالأجهزة الحديثة.

هذه التقنيات القديمة، أجرى بعض العلماء اختباراً لمدى صحتها في القرن العشرين. ففي سنة 1936، نشر بول غليونجي وخليل وعمار، في "مجلة المكتبة الوطنية للطب" التابعة لمعاهد الطب الوطنية الأميركية، نتائج بحثهم. وذكر البحث أنّ البذور لم تنبت أبداً عند سقيها ببول الرجل أو الإناث غير الحوامل. ولكن عند التجربة ببول الحوامل، نما نوع واحد أو اثنين من البذور في أكثر من 50% من الحالات، وكان ذلك مؤشّراً جيّداً على نجاح تلك التقنية في التنبّؤ بالحمل. لكن التجربة لتحديد ما إذا كان قد حدث حمل أم لا عبر إنبات الحبوب، فإنه لم يحظ إلا بنسبة نجاح في 30% فقط من الحالات. بينما كان توقع نوع الجنين صحيحاً في ست حالات وغير صحيح في ست عشرة حالة.

تضيفُ البرديَّة أيضاً وسيلة أخرى (وصفة)، لمعرفة هل يمكن حدوث الحمل أم لا عن طريق عصير البطيخ الذي يوضع في اللبن، ثم تشربه المرأة المختبَرة، فإذا تقيَّأت ذلك اللبن المخلوط، كان ذلك دليلاً على أنها صالحة للحمل، وإذا انتفخت بطنها فإنها لن تحمل.

هناك برديّة طبيّة أخرى محفوظة في جامعة لندن، تُعرَف ببردية "بتري"، نسبة لفليندرز بتري العالم الجيولوجي الذي عثر عليها عام 1889 بالقرب من قرية بالفيوم. وعلى خلفية البردية تاريخ كتابتها وهو العام التاسع والعشرون من عهد الملك إمنمحات الثالث. تحدّثنا بردية بتري عن أمراض النساء الخاصة بالجهاز التناسلي، وأمراض أخرى وعلاجات لمن هنّ على وشك الوضع، وعن الوسائل المساعدة على الولادة، مثل استخدام البخار لتسهيل الولادة. كما تتحدَّث أيضاً عن استخدام بعض وسائل منع الحمل بأدوية موضعيّة، وتحتوي الوصفة على أقماع موضعيّة تتركَّب من براز التمساح، ودهانات مكونة من العسل واللبن الرائب.

وتكشف بعض النقوش على جدران المعابد كيف كان الأطباء الفراعنة يستخدمون آلةً، مثل البندول، يمررونها فوق بطن الحامل لمعرفة نوع الجنين، فإذا اتجه البندول ناحية اليسار كانت المرأة حبلى بولد، وإن اتجه ناحية اليمين كان الحمل ببنت. كما اخترعوا جهازاً لتسهيل الولادة يشبه المقعد؛ تجلس عليه المرأة الحامل، وتضع يديها على ساقيها، وبجوارها النساء الأخريات، إذ ترعاهم الإله حتحور، ربة الحب والجمال والأمومة والسعادة والموسيقى والخصوبة، ويرمز إليها بالبقرة.

دلالات
المساهمون