جامع الزِيتونة، كما يسميه التونسيون في لهجتهم الدارجة، واحد من عناوينهم البارزة طيلة قرون، حوله تأسست المدينة العتيقة التي بقيت محافظة على تطورها على مدى قرون من الزمن، وتأقلمت قي ذلك مع كل التغييرات التي طرأت على عاصمتهم، سياسية واقتصادية، ما أبقاها إلى اليوم شاملة لكل مواقع القرار برغم اتساع العاصمة عشرات المرات.
واحتضنت المدينة العتيقة من حولها قصر رئاسة الحكومة والمحاكم وأغلب الوزارات المهمة: العدل والتعليم والدفاع والثقافة وغيرها، وكأنها تتمسك بكل قواها بأصل الحكم الذي كان بحوزتها على مدى تاريخ تونس، وترفض أن تفرط فيه للعاصمة الحديثة برغم كل المحاولات.
كل هذا انتظم على مدى عقود من حول جامع الزيتونة والمدينة العتيقة التي بقيت حية برغم كل الانتكاسات الاقتصادية، وصمدت أسواق الذهب والنحاس والزرابي والصناعات التقليدية بكل أشكالها وتفاصيلها، مصرة على روح تونسية ترفض أن تفرط في أصالتها ولكنها تمازجت فيها مع كل نسمات انفتاح وتطور، ولا تزال المدينة العتيقة تحافظ في داخلها على قدرات كبيرة للتطور والتأقلم مع كل مستجد.
وبالعودة إلى تسمية جامع الزيتونة، تختلف الروايات حول واحد من أقدم الجامعات في العالم، وتذهب رواية إلى أن الفاتحين وجدوا في مكان الجامع شجرة زيتون منفردة فأطلقوا على الجامع الذي بنوه هناك اسم جامع الزيتونة، وتؤكد رواية أخرى أن الجامع استمد تسميته من قدّيسة مسيحية اسمها الزيتونة كانت مدفونة في المكان، وقيل أيضا إنّ المكان في الأصل خلوة لناسك مسيحيّ وكانت بالقرب منه زيتونة فنسب الجامع إليها.
بني جامع الزيتونة على يد حسان بن النعمان سنة 76 هجرية، واكتمل بناء الجامع في عهد عبيد الله بن الحباب، ولذلك يختلف المؤرخون حول تأسيسه، وأعيد بناؤه في أواسط القرن التاسع، وأدخلت عليه بعد ذلك تغييرات وترميمات عديدة، وحرصت كلّ دولة على تجميله وتطوير طرق التعليم فيه.
وتشير تقارير تاريخية إلى أن آخر إصلاح شمله يعود إلى سنة 1894، حيث جدّدت المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 44م. لذلك يعدّ هذا التاريخ منطلقا لتطوّر فنّ البناء في تونس منذ بداية العهد الوسيط، وربما قبله بسبب المواد التي أُدمجت في البناء مثل السواكف الرخاميّة المنحوتة، أو غابة الأعمدة والتيجان التي تدعم سقف المسجد، أو باحات الأروقة الخارجيّة وأغلبها ينتمي إلى العهدين الروماني والبيزنطي، كما يذكر المؤرخون والمتخصصون.
وشيّد جامع الزيتونة على شاكلة جامع عقبة بن نافع في القيروان، ولكنه تفوق عليه في المضامين، حيث تحوّل إلى منارة علمية وصل إشعاعها إلى كل المناطق الإسلامية بفضل علمائه الذين تخرجوا منه وسافروا إلى أهم العواصم الإسلامية للتدريس ونشر علومهم، وتَرَكُوا حيثما حلوا بصماتهم إلى اليوم.
وتشمل قائمة خريجي الزيتونة أسماء كبيرة غيرت مجرى التاريخ في اختصاصاتها، منها علي بن زياد وأسد بن الفرات والإمام سحنون صاحب المدوّنة التي رتبت المذهب المالكي وقننته، والمفسّر والمحدّث محمد بن عرفة التونسي وعبد الرحمان بن خلدون المؤرخ ومبتكر علم الاجتماع.
ونذكر أيضا إبراهيم الرياحي وسالم بوحاجب ومحمد النخلي ومحمد الطاهر بن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير، ومحمد الخضر حسين الذي أصبح فيما بعد شيخ الأزهر، ومحمد العزيز جعيط، والمصلح الزعيم عبد العزيز الثعالبي وشاعر تونس الخالد أبو القاسم الشابي، والمصلح الاجتماعي الطاهر الحداد صاحب كتاب امرأتنا في الشريعة والمجتمع الذي وضع لبنة تحرير المرأة في تونس وغيرهم كثير من النخب التونسية والمغاربية والعربية التي جاءت من كل البلاد لنيل العلم وعادت إلى مدنها تنشر ما تلقته من علوم وأثرت في مجتمعاتها تأثيرا بليغا.
وبرغم أن جامعة الزيتونة أصبحت مستقلة وخرجت عن الجامع، إلا أنه حافظ على مكانته في قلوب التونسيين وخصوصا أبناء المدينة العتيقة، ويشهد إقبالا كبيرا في المناسبات الدينية، آخرها ذكرى المولد النبوي الشريف منذ أيام.
اقــرأ أيضاً
واحتضنت المدينة العتيقة من حولها قصر رئاسة الحكومة والمحاكم وأغلب الوزارات المهمة: العدل والتعليم والدفاع والثقافة وغيرها، وكأنها تتمسك بكل قواها بأصل الحكم الذي كان بحوزتها على مدى تاريخ تونس، وترفض أن تفرط فيه للعاصمة الحديثة برغم كل المحاولات.
كل هذا انتظم على مدى عقود من حول جامع الزيتونة والمدينة العتيقة التي بقيت حية برغم كل الانتكاسات الاقتصادية، وصمدت أسواق الذهب والنحاس والزرابي والصناعات التقليدية بكل أشكالها وتفاصيلها، مصرة على روح تونسية ترفض أن تفرط في أصالتها ولكنها تمازجت فيها مع كل نسمات انفتاح وتطور، ولا تزال المدينة العتيقة تحافظ في داخلها على قدرات كبيرة للتطور والتأقلم مع كل مستجد.
وبالعودة إلى تسمية جامع الزيتونة، تختلف الروايات حول واحد من أقدم الجامعات في العالم، وتذهب رواية إلى أن الفاتحين وجدوا في مكان الجامع شجرة زيتون منفردة فأطلقوا على الجامع الذي بنوه هناك اسم جامع الزيتونة، وتؤكد رواية أخرى أن الجامع استمد تسميته من قدّيسة مسيحية اسمها الزيتونة كانت مدفونة في المكان، وقيل أيضا إنّ المكان في الأصل خلوة لناسك مسيحيّ وكانت بالقرب منه زيتونة فنسب الجامع إليها.
بني جامع الزيتونة على يد حسان بن النعمان سنة 76 هجرية، واكتمل بناء الجامع في عهد عبيد الله بن الحباب، ولذلك يختلف المؤرخون حول تأسيسه، وأعيد بناؤه في أواسط القرن التاسع، وأدخلت عليه بعد ذلك تغييرات وترميمات عديدة، وحرصت كلّ دولة على تجميله وتطوير طرق التعليم فيه.
وتشير تقارير تاريخية إلى أن آخر إصلاح شمله يعود إلى سنة 1894، حيث جدّدت المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 44م. لذلك يعدّ هذا التاريخ منطلقا لتطوّر فنّ البناء في تونس منذ بداية العهد الوسيط، وربما قبله بسبب المواد التي أُدمجت في البناء مثل السواكف الرخاميّة المنحوتة، أو غابة الأعمدة والتيجان التي تدعم سقف المسجد، أو باحات الأروقة الخارجيّة وأغلبها ينتمي إلى العهدين الروماني والبيزنطي، كما يذكر المؤرخون والمتخصصون.
وشيّد جامع الزيتونة على شاكلة جامع عقبة بن نافع في القيروان، ولكنه تفوق عليه في المضامين، حيث تحوّل إلى منارة علمية وصل إشعاعها إلى كل المناطق الإسلامية بفضل علمائه الذين تخرجوا منه وسافروا إلى أهم العواصم الإسلامية للتدريس ونشر علومهم، وتَرَكُوا حيثما حلوا بصماتهم إلى اليوم.
وتشمل قائمة خريجي الزيتونة أسماء كبيرة غيرت مجرى التاريخ في اختصاصاتها، منها علي بن زياد وأسد بن الفرات والإمام سحنون صاحب المدوّنة التي رتبت المذهب المالكي وقننته، والمفسّر والمحدّث محمد بن عرفة التونسي وعبد الرحمان بن خلدون المؤرخ ومبتكر علم الاجتماع.
ونذكر أيضا إبراهيم الرياحي وسالم بوحاجب ومحمد النخلي ومحمد الطاهر بن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير، ومحمد الخضر حسين الذي أصبح فيما بعد شيخ الأزهر، ومحمد العزيز جعيط، والمصلح الزعيم عبد العزيز الثعالبي وشاعر تونس الخالد أبو القاسم الشابي، والمصلح الاجتماعي الطاهر الحداد صاحب كتاب امرأتنا في الشريعة والمجتمع الذي وضع لبنة تحرير المرأة في تونس وغيرهم كثير من النخب التونسية والمغاربية والعربية التي جاءت من كل البلاد لنيل العلم وعادت إلى مدنها تنشر ما تلقته من علوم وأثرت في مجتمعاتها تأثيرا بليغا.
وبرغم أن جامعة الزيتونة أصبحت مستقلة وخرجت عن الجامع، إلا أنه حافظ على مكانته في قلوب التونسيين وخصوصا أبناء المدينة العتيقة، ويشهد إقبالا كبيرا في المناسبات الدينية، آخرها ذكرى المولد النبوي الشريف منذ أيام.