سوق سوداء للخبز في سورية.. والأسعار تتضاعف

27 فبراير 2024
أزمة الخبز تستفحل في سورية (فرانس برس)
+ الخط -

تضاعفت أسعار الخبز أمام الأفران والبائعين الجائلين في العاصمة السورية دمشق، ليصل سعر الربطة، زنة 1100 غرام، إلى 6 آلاف ليرة سورية، متأثرة برفع أسعار الخبز المدعوم وتكاليف الإنتاج، بعد رفع أسعار الدقيق ومازوت الأفران أخيراً، من 700 إلى 2000 ليرة لليتر الواحد.

وتأثر الخبز بموجة ارتفاع الأسعار أخيراً التي طاولت جميع السلع والمنتجات، بعد إيغال حكومة الأسد بسحب الدعم ورفع المحروقات، بحسب الاقتصادي محمود حسين، الذي طرح أسئلة عدة "قبل مناقشة سعر الخبز" بقوله: "من أين يأتي الأطفال والنساء بالخبز لبيعه بأسعار مضاعفة، ألا تبيعه لهم الأفران، إذاً الفساد أو التلاعب من داخل الأفران، خاصة الاحتياطية التي تتبع لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك".

ويتساءل الاقتصادي السوري خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" إن كان سعر ربطتي الخبز، 14 رغيفاً، نحو 12 ألف ليرة، وهي حاجة يومية لأصغر أسرة بسورية، فماذا يمكن أن يأكل السوريون الذين لا يزيد دخلهم عن 250 ألف ليرة، مضيفاً أن سياسة النظام بزيادة التجويع وصلت فعلياً إلى عدم شبع السوريين من الخبز.

ورأى حسين أن ارتفاع أسعار الخبز في السوق تزامن مع قرار رفع سعر الخبز المدعوم بنسبة 100% في السادس من شباط/فبراير الجاري، ورفع سعر المازوت الحر من 11675 إلى 12425 ليرة، ومازوت المخابز المدعوم من 700 إلى 2000 ليرة، ما زاد تكاليف إنتاج الخبز على الباعة، متوقعاً مزيداً من رفع أسعار المحروقات والسلع المدعومة قبل شهر رمضان وخلاله، لأن حكومة الأسد اختُصت بالجباية لتمويل الموازنة العامة، بعد تراجع الموارد والصادرات.

ويصف مصدر خاص من دمشق مشهد الازدحام على الأفران بـ"المرعب"، حيث لا يمكن تحصيل ربطة خبز إلا بعد انتظار لساعات، ما يدفع كثيراً من السوريين، خاصة الميسورين، إلى الشراء من الباعة أمام الأفران.

وحول فارق الأسعار، يضيف المصدر، أن آخر قرار لوزارة حماية المستهلك رَفَعَ سعر ربطة الخبز التمويني، وزن 1100 غرام، للمستبعدين من الدعم، وبالكمية المخصصة لهم، وفق البطاقة الإلكترونية المنتجة لدى المؤسسة السورية للمخابز ومخابز القطاع الخاص، لسعر 3000 ليرة بعد أن كان سعر المبيع 1250 ليرة، في حين يتراوح سعر الربطة من الباعة بحي المزة أو أمام أفران "ابن العميد" بحي ركن الدين، بين 5 و6 آلاف ليرة سورية.

وحول عدم مكافحة هذه الظاهرة، يضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، "الجميع ينظر بعين الرأفة إلى الباعة، فهم من النساء والأطفال الفقراء الذين يجدون ببيع الخبز فرصة عمل بواقع البطالة، وحين يتم اعتقالهم من دوريات التموين أو الشرطة، عادة ما يتم الإفراج عنهم من القضاة".

في المقابل، يقول نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، ماهر الأزعط، إنه قلما يقف باعة الخبز أمام الأفران الخاصة الموجودة في الأحياء الشعبية، ويكثرون أمام الأفران الاحتياطية والآلية، وذلك نظراً إلى وجود شريحة كبيرة فاسدة ضمن هذه الأفران تستفيد من ذلك، وهذا ما يجعل "التجار" يفترشون مسافات تصل إلى كيلومتر كامل أمام هذه الأفران.

واقترح الأزعط، خلال تصريح لصحيفة "الوطن" القريبة من نظام الأسد أمس الأول، أن تخصص وزارة التجارة الداخلية أكشاكاً ومنافذ للبيع لهؤلاء الأشخاص الذين يبيعون الخبز المدعوم، وذلك لكون الكثير منهم يعتبرون من الفئات الأكثر هشاشة بالمجتمع، والذين يحتاجون إلى مصادر دخل إضافية لإعانة أسرهم، مع تحديد الأسعار، وبذلك يستفيد المواطن والتاجر والحكومة في آن واحد.

يذكر أن سورية تستورد أكثر من مليوني طن من القمح، بعد أن تراجع إنتاجها من نحو 3.5 ملايين طن إلى أقل من 800 ألف طن، تسلم إلى مؤسسة تصنيع الحبوب، ما زاد من ارتفاع الأسعار وتراجع عرض الخبز الذي تقننه حكومة الأسد من خلال التوزيع بحسب "البطاقة الذكية"، بمعدل ربطتي خبز للأسرة بسعر 400 ليرة للكيلو، في حين يباع الخبز خارج البطاقة الذكية بسعر 3000 ليرة وفي الأسواق بسعر 5 آلاف ليرة للربطة.

وأثار ذلك سخرية الاقتصادي السوري، محمود حسين، فقد قال: "آمنا وصدقنا أن للدولار أربعة أسعار في السوق السورية ولكن للخبز؟ فهذا مؤشر واضح على عدم ضبط الأسواق وكفاية الشعب وحالة التجويع والفقر".

(الدولار الأميركي = 14,400 ليرة سورية)

المساهمون