تشكيك بإحصاءات النظام الرسمية حول الاقتصاد السوري

09 نوفمبر 2022
نسبة التضخم ومعدلات النمو وغيرها من المؤشرات مفتقدة في سورية (فرانس برس)
+ الخط -

نكأ إصدار المكتب المركزي للإحصاء في سورية إحصاء عدد السكان أوجاع الاقتصاديين والباحثين الذين يفتقرون إلى أي رقم أو مؤشر إحصائي يمكّنهم من دراسات الجدوى أو تقديم أبحاث اقتصادية عن سورية، لأنّ آخر إصدارات المركز المتخصص، حسب قولهم، تعود إلى سنوات عدة سابقة.

وكان المكتب المركزي للإحصاء التابع لرئاسة الوزراء بحكومة بشار الأسد قد نشر على موقعه الرسمي، أمس الثلاثاء، إحصاء عدد سكان سورية البالغ حتى الشهر الجاري 27 مليوناً و802 ألف و584 نسمة، من دون أن يوضح الآلية المعتمدة في الإحصاء، أو يبرر سبب تراجع عدد السكان الذين أكد، بحسب بياناته الصادرة قبل عامين، أنهم وصلوا إلى 28.840 مليوناً، منهم 14.437 مليوناً من الإناث، و14.403 مليوناً من الذكور.

وتتضارب أرقام عدد سكان سورية بحسب ما يصدره المكتب الوحيد المعني داخل سورية، إذ بلغ عدد السكان عام 2019 وفق إصدارات المكتب 16.3 مليوناً وفي عام 2018 بلغ 16 مليوناً في حين كان العدد في عام 2017 26.3 مليوناً، قبل أن يترفع عام 2020 إلى 28.840 مليوناً، ما يعني وجود أخطاء في المعلومات المرفقة، وفق ما يقول مدير المكتب المركزي للإحصاء السابق شفيق عربش.

ويشير عربش، خلال تصريحات نشرتها صحف سورية محلية، اليوم الأربعاء، إلى وجود خطأ في الرقم المنشور عن عامي 2017، و2018، موضحاً أن الأرقام الواردة وفق بيانات سجلات الأحوال المدنية تشمل جميع السوريين المسجلين لدى أمانات السجل المدني سواء المقيمين في سورية أم خارجها، مبيّناً أنّ عدد السكان المسجل لعام 2020 والبالغ 28.8 مليوناً "ليس دقيقاً بشكل كامل"، متسائلاً عما إذا كانت هذه البيانات تشمل جميع الولادات الحاصلة خارج البلاد وفي مناطق المعارضة.

ثقة مفقودة

ويقول الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح إنه لا يمكن الوثوق بأي رقم أو نسبة يصدرها المكتب المركزي للإحصاء أو وزارتا المالية والاقتصاد، فالأرقام متضاربة إن وجدت أصلاً، لأن حكومة الأسد، برأيه، لا تنشر أي أرقام أو مؤشرات إلا بعد فوات الفائدة منها، فـ"لا توجد أرقام للتجارة الخارجية إلا عن أعوام سابقة".

وتحدث المصبح، لـ"العربي الجديد"، عما سماه "تسييس" الأرقام والنسب، "فإن كان من مصلحة أممية أو مساعدات نرى ارتفاع عدد السكان وإلا يتراجع العدد، ولكن الأهم كيف تمكّن المكتب المركزي من إحصاء عدد سكان سورية رغم واقع خروج مناطق عن سيطرته وما نراه من هجرة وتبدل خريطة سورية السكانية المستمر".

ويلفت المصبح إلى أنّ "الباحث أو المهتم بالشأن السوري، يفتقر لنسبة التضخم أو نمو الناتج المحلي الإجمالي وغيرها من المؤشرات، وإن وجدت تلك المؤشرات، فهي تعود لأعوام سابقة"، متسائلاً في الآن نفسه: "هل أصدر نظام الأسد نسبة نمو السكان للعامين الماضيين حتى يخرج المكتب المركزي للإحصاء بعدد السكان وبهذا الشكل المتناقض؟".

ويضيف المصبح أنّ "مؤشرات التجارة الخارجية قديمة ومتضاربة، ولا يمكن كشف مدى خسارة الميزان التجاري نظراً لعدم صدور بيانات دورية، والتضارب والاختلاف بأرقام الصادرات والواردات وحجم التبادل الخارجي"، لافتاً إلى أنّ "آخر إصدار بالمجموعة الإحصائية يعود لعام 2020".

واعتبر أنّ أسلوب تضارب وقِدم البيانات "متعمد من نظام الأسد نظراً لعودة أي جهة دولية إليه قبل أي قرار أو مساعدات، وخاصة ما يتعلق بحجم إنتاج الثروات الباطنية أو الديون"، موضحاً أنّه "لا يوجد أي رقم رسمي معتمد يوضح حجم الديون على الدولة السورية منذ ما تسمى اتفاقية المدفوعات قبل عقود".

بدوره، يشكك رجل الأعمال السوري محمد طيب العلو بجميع أرقام وبيانات حكومة الأسد، ابتداء من الموازنة العامة التي يتم خلالها التلاعب على سعر الصرف وكونها "صورية للتفاخر بالمليارات"، حسب قوله، وصولاً إلى سعر الفائدة غير الواضح وتعدد أسعار صرف الدولار، إذ "توجد أربعة أسعار للدولار في سورية"، كما يشير.

ويكشف الصناعي السوري أنّ نسب الضرائب في سورية "متبدلة على حسب الشخص والمنشأة وحجم الرشى، فمديرية الاستعلام الضريبي في وزارة المال بحكومة الأسد، تتلاعب بنسب ضرائب الأرباح والإنتاج، فترى صاحب منشأة صناعية صغيرة يدفع ضرائب سنوية أكثر من مجمع صناعي يديره مقرّب من النظام أو شريك له".

ويلفت العلو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى "التزوير في البيانات الحكومية، سواء بالإنتاج الذي يزيد عن المخطط، أو تتبع تنفيذ إنتاج الشركات الصناعية بنسب تفوق 100% رغم الشلل الذي تعانيه سورية، والمبالغات بتنفيذ الخطط الاستثمارية للقطاعات الاقتصادية، خلال تقديم تقارير تقديرية قبل إقرار الموازنة العامة، رغم أنّ سورية لا تشهد أي نشاط استثماري حكومي"، مذكّراً بعبارة قالها سابقاً الأديب السوري ممدوح عدوان "الحكومة تكذب حتى بدرجات الحرارة".

المساهمون