السوريون يودعون 2023 بمزيد من العوز

27 ديسمبر 2023
12 مليون سوري لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم التالية (Getty)
+ الخط -

يودع السوريون عامهم بمزيد من الحرمان والفقر، بعد ارتفاع الأسعار بين 100% و150% خلال عام 2023 وانسداد الآمال بحلول تنتشلهم من معاناة معيشية ومالية مستمرة منذ أكثر من عقد بفعل سياسات نظام بشار الأسد.

وبات الكثير من الأسر يعجز عن تلبية أدنى الاحتياجات خلال أعياد الميلاد ورأس السنة، في ظل ارتفاع متتال لأسعار السلع، وأزمات الطاقة المستمرة وقفزات أسعارها، حيث تصل فترة انقطاع التيار الكهربائي إلى نحو 22 ساعة يومياً وقفز سعر ليتر المازوت إلى 16 ألف ليرة في السوق السوداء.

وزادت برودة الطقس، إذ وصلت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، في بعض مناطق إنتاج الخضر والفواكه على الساحل السوري، من تراجع الإنتاج، لتأتي زيادة الطلب على الفاكهة والخضر خلال فترة الأعياد هذه، كعامل إضافي برفع الأسعار التي بلغت بين 30% و40% خلال الأسبوع الجاري، بحسب عضو لجنة سوق "الهال" للجملة في العاصمة السورية دمشق، محمد العقاد.

ويشير العقاد إلى أن كميات الخضر والفواكه الواردة إلى السوق تراجعت بين 20% و30%، معتبراً خلال تصريحات نقلتها صحيفة "أثر" الإلكترونية المقربة من النظام السوري، قبل يومين، أن تراجع العرض هو السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار.

ويضيف أن زيادة استجرار المطاعم والمنشآت السياحية، كميات زائدة بنحو 50% من المواد الأولية المطلوبة للحفلات نهاية العام، زادت من الطلب على السوق وساهمت في ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن سعر كيلو الطماطم بلغ 6 آلاف ليرة (0.42 دولار).

في المقابل، وبسبب المنخفض الجوي الذي ضرب مدن الساحل السوري (اللاذقية وطرطوس) وتسبب في حدوث "تنين بحري" خلّف أضراراً بالغة على الزراعات المحمية (بيوت بلاستيكية) تأثر عرض الخضر والفواكه في السوق بعد تضرر 200 بيت بلاستيكي، بحسب تصريحات صحافية أخيرة لرئيس صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية في مديرية زراعة طرطوس، حيدر شاهين.

ويشير شاهين إلى أن نسبة الضرر تراوحت بين 30% و100% للزراعات المحمية والبيوت البلاستيكية المزروعة بالخضروات كالبندورة (الطماطم)، الفاصولياء، الكوسا، الباذنجان، بالإضافة للموز.

ويلفت الاقتصادي السوري، محمود حسين، إلى أن التصدير إلى دول الخليج العربي زاد من تراجع عرض الخضر والفواكه في الأسواق السورية، مضيفا في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنه من المتوقع أن تساهم التحويلات المالية التي تصل إلى الأسر من ذويها في الخارج خلال الأعياد، في تنشيط السوق المحلية. وقدر التحويلات اليومية من المهاجرين لذويهم بالداخل السوري، بنحو 5 ملايين دولار.

وبحسب مصادر اقتصادية من دمشق، فإن التضخم هذا العام هو الأعلى منذ مطلع الثورة عام 2011، كما أن التراجع بسعر العملة السورية هو الأكبر، إذ دخلت الليرة العام الجاري بنحو 6 آلاف مقابل الدولار، بينما وصلت العملة الأميركية حالياً إلى نحو 14.2 ألف ليرة.

وتشير المصادر لـ"العربي الجديد" إلى أن أسعار السلع والمنتجات ارتفعت عام 2023 بين 100% و150% ليبلغ سعر كيلو السكر 16 ألف ليرة، ويزيد سعر كيلو الأرز عن 35 ألفاً وسعر صحن البيض (30 بيضة) 65 ألف ليرة.

في حين كانت الزيادة على اللحوم ومشتقات الألبان، بين 200% و250%، بعدما سجل سعر كيلو الحليب 7500 ليرة، وتعدى سعر كيلو اللبنة 35 ألف ليرة، وزاد سعر كيلو الجبنة 70 ألف ليرة، ووصل سعر كيلو الفروج (الدجاج) إلى 55 ألف ليرة، وسعر اللحوم الحمراء "خروف" نحو 210 آلاف ليرة، بزيادة تجاوزت الـ 300%.

ووسّع غلاء الأسعار وتراجع الدخول من الطبقة الفقيرة التي تشير البيانات، المحلية والدولية، لزيادتها عن 90% في حين تلاشت الطبقة الوسطى وتقلّصت طبقة الأغنياء إلى ما دون 10% من السكان.

وفي وقت يزيد متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية عن 7 ملايين ليرة، بحسب مركز "قاسيون" للدراسات في دمشق، لا تزيد الدخول، رغم رفع الأجور 100% خلال عام 2023، عن 250 ألف ليرة، الأمر الذي رفع من نسبة الفقر واتساع الهوة بين طبقات المجتمع السوري.

ويحذر الخبير الاقتصادي، محمود حسين، من أن تلاشي الطبقة الوسطى سيؤثر على مستقبل سورية، على اعتبارها المفرزة للمثقفين والاقتصاديين وقادة الفكر والاقتصاد، فضلاً عن أن اتساع هذه الطبقة يزيد من الطلب على السلع والخدمات، ويساعد في دفع النمو الاقتصادي الذي تقوده زيادة الإنتاج والاستهلاك.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد حذر أخيراً من اتساع معدلات الجوع في سورية، بعدما بلغت مستويات قياسية في بلد ينهشه نزاع دام ويرافقه انهيار اقتصادي ومالي مزمن.

وقال البرنامج في بيان له، إنه بعد نحو 12 عاماً على اندلاع النزاع "فإن 12 مليون شخص لا يعرف كل منهم من أين ستأتي وجبته التالية، فيما 2.9 مليون معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع"، ما يعني أن 70% من السوريين "قد يكونون غير قادرين قريباً على وضع طعام على المائدة لعائلاتهم".

المساهمون