ارتفاع سعر مشتقات النفط يشلّ المواصلات في سورية

08 نوفمبر 2014
ارتفاع سعر المازوت شل حركة النقل في البلاد (أرشيف/getty)
+ الخط -

انعكس ارتفاع سعر المشتقات النفطية الأخير على أسعار السلع الاستهلاكية في سورية. وكانت أسعار المشتقات البترولية ارتفعت قبيل عيد الأضحي بيومين ثم واصلت الارتفاع، حيث قفز سعر لتر المازوت من 60 إلى 80 ليرة (0.35 إلى 0.47 دولار)، والبنزين من 120 إلى 140 ليرة، قبل أن تخفّض الحكومة الأسبوع الماضي سعر اللتر إلى 135 ليرة.

وأدى ارتفاع سعر المازوت إلى شل حركة النقل بعد الإضرابات المتكررة التي نفذها السائقون؛ احتجاجاً على غلاء سعر المازوت، وعدم توفره إلا في السوق السوداء وبسعر 200 ليرة للتر الواحد.

وبحسب سلمان طربيه من مدينة صحنايا جنوب العاصمة دمشق، فإن قطاع النقل هو الأسرع تأثراً بارتفاع أسعار المشتقات النفطية، حيث حددت الحكومة تسعيرة الركوب بـ27 ليرة مقابل 5 ليرات قبل الحرب، لكن السائقين لا يلتزمون بالتعرفة الرسمية ويرفعونها بين 30 و40 ليرة، على حسب المزاج.

وأضاف طربيه لـ"العربي الجديد": ما إن تقول للسائق إنه يتقاضى أعلى من التسعيرة الرسمية حتى يرد "اذهب واملأ لي مازوتا بالسعر الرسمي"؛ لأن سيارات النقل تشتري المازوت من السوق السوداء بسعر يتراوح بين 120 و150 ليرة، إثر الازدحام وعدم توفر المادة في محطات الوقود، وإن توفرت- يقول طربيه- فلا بد من دفع رشى لعامل محطة البنزين كي يعطيك مازوتا.

من جانبها قالت حنان محمد، العاملة في إحدى الوسائل الإعلامية في دمشق: "نخوض معركة النقل كل يوم، ما يضطرني للذهاب قبل ساعات؛ لأنني أضع احتمال المشي يومياً، نتيجة الازدحام والشجار الذي نعانيه خلال ركوب الحافلات" .

وتضيف حنان لـ"العربي الجديد": يتقاضى السائقون ضعف التسعيرة، ويضعوننا كالأغنام في سيارة أجرة، فسعة الحافلة 12 راكباً، لكنهم يضعون 20 راكباً، ولنا أن نتصور الإساءات والذل كل يوم".

ويقول فادي شحود من ريف إدلب المحرر: ارتفعت أجور النقل لأكثر من الضعف بعد رفع أسعار المازوت وتوقف بيع المازوت الأخضر الذي كان يكرر بالحرق محلياً، ما زاد من معاناة الحصار والتجويع الممارس علينا.

وأضاف شحود لـ"العربي الجديد": تستمر الرحلة بين مدينة إدلب وحلب التي لا تبعد عنا سوى 60 كلم، أكثر من 12 ساعة، لأن الحافلات مضطرة للذهاب إلى حماة ومن ثم العودة لتتفادى الحواجز والمناطق الملتهبة، ما زاد من أجور النقل التي تصل إلى نحو 500 ليرة سورية.

وتأثرت مدينة دير الزور، أكثر المناطق إنتاجاً للنفط في سورية، بارتفاعات المشتقات النفطية، بحسب الدكتور أحمد الحسين، خاصة بعد تدمير 13 مصفاة تكرير بدائية كانت تكرر النفط الخام من الآبار التي تسيطر عليها "داعش"، ما انعكس على الأسعار وأجور النقل، بعد أن ارتفعت أسعار المشتقات النفطية بشكل جنوني، فمن 10 ليرات لسعر اللتر من المازوت المكرر يدوياً إلى نحو 50 ليرة إن توفر، ويبلغ سعر لتر المازوت النظامي نحو 100 ليرة.

ومع تزايد الطلب على مشتقات النفط والمازوت، لاعتباره مادة التدفئة الأساسية، شهدت الأسواق السورية ارتفاعات في الأسعار وقلة في العرض، بعد فقدان سيطرة النظام على آبار ومناطق الإنتاج، وما تردد عن توقف إيران عن تزويد نظام الأسد بالنفط، نتيجة العقوبات، وصعوبة تأمين الناقلات.

ففي دمشق، وصل سعر لتر المازوت بين 120 و200 ليرة سورية في واقع الازدحام على المحطات وغياب الرقابة. وأكد الصحافي صبري عيسى أن السعر وصل إلى نحو 200 ليرة للتر المازوت.

وفي المناطق المحررة في ريف إدلب، وصل سعر لتر المازوت إلى نحو 130 ليرة، مع وجود عدة أسعار للمازوت الممرر يدوياً والمخزن من ذي قبل، بحسب ما قال أحمد خالد من سرمين.

وقال المحلل الاقتصادي السوري عبد المجيد محمد: تتحمل حكومة بشار الأسد كل هذه التداعيات التي نشأت عن ارتفاع الأسعار، لأنها ببساطة تنظر إلى أبسط الطرق لتمويل الحرب، وهي جيوب السوريين.

ويضيف محمد: لم نر قراراً صائباً يصب في صالح السوريين، حتى دعم الإنتاج الصناعي الذي يتشدقون به، يحاولون قتل ما تبقى من المنشآت، عبر زيادة أسعار المشتقات النفطية، وقطع التيار الكهربائي. وتساءل "هل يعقل أن تحدد الحكومة سعراً خاصاً للمازوت لزوم الصناعة بـ150 ليرة، وهو ضعف السعر الرسمي الأخير؟ ألم يفكروا فيما سينتج من سوق سوداء وارتفاع تكاليف الإنتاج التي سيتحملها المواطن السوري في نهاية المطاف؟".

وأكد المحلل الاقتصادي لـ"العربي الجديد": لو أن القصة قلة سيولة وحصار اقتصادي كما تدعي الحكومة، فلماذا لم نسمع عن تكاليف الحرب الممتدة منذ ثلاثة أعوام؟ وهل سعر الطلقة أو الصاروخ أو البرميل المتفجر الذي يستخدمه النظام لقتل شعبه يتم تمويله من خارج حسابات الموازنة؟

وأنهى المحلل السوري: لا شك أن مجمل الأسعار تأثرت برفع أسعار المشتقات النفطية، بداية من الخبز، وصولاً للخضروات والفاكهة التي تسقى بمحركات تعمل على المازوت. كما أثر ارتفاع سعر المازوت على وسائط النقل التي يتحكم فيها السائقون بعيداً عن أعين الحكومة والرقابة.
المساهمون