روسيا تدعم إيراداتها النفطية بطفرة الصادرات إلى الهند

15 يوليو 2024
لقاء بوتين ومودي في موسكو، 9 يوليو 2024 (سيفا كاراجان/الأناضول)
+ الخط -

على الرغم مما جرى تداوله على نطاق واسع حول مواجهة روسيا صعوبات في الاستفادة من العوائد التي تجنيها عن صادراتها النفطية إلى الهند بسبب تحصيل قيمتها بالروبية الهندية وتراكمها في حسابات المصارف المحلية، فإن ذلك لم يمنع نيودلهي من أن تصبح أهم مشترٍ للنفط الروسي إلى جانب الصين. وبحسب أرقام كشف عنها نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى موسكو في الأسبوع الماضي، فإن مشتريات الهند من النفط الروسي بلغت في العام الماضي 90 مليون طن، ما يغطي 40 % من حاجتها، وسط ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 65 مليار دولار في العام الماضي.  

وبذلك، قفزت إمدادات النفط الروسي إلى الهند ما يقارب 20 ضعفاً خلال عامين فقط، إذ بلغت خمسة ملايين طن في عام 2021، ثم ارتفعت إلى 45 مليوناً في عام 2022، وواصلت صعودها في العام الماضي. وشكلت زيادة صادرات النفط إلى الهند دعما مهما للميزانية الروسية من النقد الأجنبي، إذ تشير بيانات وزارة المالية الروسية عن النصف الأول من العام الحالي إلى أن عوائد النفط والغاز بلغت نحو 5.7 تريليونات روبل (حوالي 65 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف الحالي) بزيادة نسبتها 68.5 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.  

وأشارت الوزارة، في تقرير صدر قبل أيام، إلى أن تزايد الإيرادات المحققة في النصف الأول من العام الجاري بمقدار 700 مليار روبل عن المستوى المتوقع سابقاً يعود إلى حد كبير لارتفاع أسعار النفط الروسي من ماركة يورالس وبيعه بسعر أعلى من السقف الذي حدده الغرب عند 60 دولاراً للبرميل. ويشير الخبير في المعهد المالي التابع للحكومة الروسية ستانيسلاف ميتراخوفيتش إلى أن روسيا نجحت في استبدال السوق الآسيوية بسوق النفط الأوروبية بوصفها أهم وجهة لصادرات النفط، لافتاً إلى أنّ الإمدادات الروسية ساهمت كثيراً في تطوير قطاع المصافي في الهند.

وفرضت أوروبا والولايات المتحدة عقوبات قاسية بحق قطاع الطاقة الروسي سواء النفط أو الغاز، ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، فرض الاتحاد الأوروبي حزماً من العقوبات على القطاع النفطي الروسي، ففي ديسمبر/كانون الأول 2022، حُظر شحنات النفط الروسية عبر البحر إلى الاتحاد، وفي فبراير/شباط 2023، حُظر استيراد البنزين والديزل ومشتقات أخرى.

ويوم 24 يونيو الماضي، أعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا تستهدف، للمرة الأولى، صادرات الغاز الروسي. فيما لم تصل الإجراءات إلى حدّ فرض حظر على واردات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي، والتي ارتفعت منذ بداية الحرب. 

ويقول ميتراخوفيتش في حديث لـ"العربي الجديد": "تواصل الشراكة الروسية الهندية تطورها رغم الظروف الدولية الصعبة على خلفية الأزمة الأوكرانية، وتأتي تجارة النفط على رأس هذه الشراكة، إذ جرى تحويل وجهة صادرات النفط الروسي المنقول بحراً من أوروبا إلى الصين والهند". ويقلل الخبير الروسي من أهمية المزاعم الغربية أن روسيا عاجزة عن تحصيل قيمة نفطها بسبب إجراء الحسابات بالروبية الهندية، مضيفاً: "أعتقد أن الوضع أفضل بكثير مما يُروَّج له، لأن الشركات الروسية ما كان لها أن تواصل الإمدادات ودفع الضرائب عن قيمتها ما لم تحصل عليها. صحيح أن تحويل المبالغ بالروبية إلى عملات أخرى يتطلب وقتاً ودفعاً للعمولات، ولكن لا مجال للحديث عن تعطلها".

ويلفت إلى إمكانية استخدام المبالغ بالروبية للاستثمار في الهند قائلا: "تستثمر الشركات الروسية في المصافي ومحطات الوقود الهندية، وتشارك بذلك فعلياً في إعادة تصدير منتجات النفط". ومع ذلك، أخلت الطفرة في إمدادات النفط الروسي إلى الهند بالتوازن في التجارة البينية، إذ بلغت الصادرات الهندية إلى روسيا أربعة مليارات دولار فقط في العام الماضي، في حين تناهز الواردات 60 ملياراً، وفق ما كشف عنه النائب الأول لوزير الخارجية الهندي فيناي كفاترا عشية زيارة مودي.

ومن اللافت أن مودي اختار موسكو أولَ وجهة خارجية له بعد فوز حزبه بالانتخابات التشريعية الهندية في يونيو/حزيران الماضي، ما مكنه من تولي رئاسة الحكومة للمرة الثالثة على التوالي. وفي بيان مشترك صدر في ختام القمة الروسية الهندية بدورتها الـ22، شدد مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مساهمة الاتصالات المنتظمة، بما في ذلك في إطار الرئاسة الهندية في منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة الدول الـ20 في عام 2023 والرئاسة الروسية في مجموعة "بريكس" في عام 2024، في مواصلة تعميق الشراكة الثنائية المتنامية.

وخلال الزيارة، حدد زعيما روسيا والهند، بوتين ومودي، هدفاً في إطار التعاون الثنائي يتمثل في رفع قيمة التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بين البلدين بحلول عام 2030، بحسب مكسيم أوريشكين، مساعد الرئيس الروسي.

المساهمون