انتكاسة في أسواق الجزائر بسبب كورونا

06 مايو 2020
ارتباك حكومي في التعامل مع حركة التجارة(رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -


في حي العناصر بالعاصمة الجزائرية، فتح حمزة بهلولي محل الحلاقة بعد قرابة 35 يوما من الإغلاق، جراء القرار الذي اتخذته الحكومة بتوقيف مختلف الأنشطة التجارية ضمن إجراءات احترازية لكبح تفشي فيروس كورونا.

يقول بهلولي إنه "استقبل القرار الحكومي بين الرضا والخوف، فالفيروس لا يزال ينتشر في البلاد، إلا أن ظروف المعيشة تلزمه بالعمل لمواجهة مصاريف رمضان المرتفعة".

وأضاف: "اشتغلت في فترة الحجر الصحي بطرق سرية، إذ كنت آخذ المواعيد عبر الهاتف وفيسبوك وأتوجه لبيوت زبائني، إلا أن الأمر لم يكن يسيرا، باحتساب مصاريف النقل وتعقيم مواد الحلاقة، كان هامش الربح لا يتعدى 100 دينار أحيانا (0.9 دولار أميركي)".

يعتبر بهلولي واحدا من عشرات الآلاف من التجار والحرفيين الذين استفادوا من قرار مزاولة نشاطاتهم التجارية، بعد أكثر من شهر من إغلاق محلاتهم، إلا أن فرحة الكثير منهم لم تدم سوى لأيام قليلة، بعدما تراجعت السلطات، وقررت الإغلاق لعدد من الأنشطة مجددا في 11 ولاية (محافظة) من أصل 48 ولاية في البلاد.

وكانت الحكومة سمحت للتجار والمهنيين بالعودة تدريجيا لأنشطتهم، بعدما قامت بمراجعة تداعيات التدابير الوقائية من فيروس كورونا، وأثرها على بعض الأنشطة المعيشية في البلاد.


وبات العمل مسموحاً بدءا من 26 إبريل/نيسان الماضي، لمحال الحلاقة، سيارات الأجرة، ومحلات الـمرطبات والحلويات، والملابس والأحذية، وتجارة الأجهزة المنزلية، وأدوات وأواني المطبخ، والأقمشة والخياطة والمنسوجات، بالإضافة إلى تجارة المجوهرات والساعات، ومستحضرات التجميل والعطور، والأثاث المكتبي، والمكتبات وبيع اللوازم المدرسية وغيرها من الأنشطة.

ثم عادت الحكومة خطوة إلى الوراء في 3 مايو/أيار الجاري وقررت تعليق عمل ثمانية أنشطة تجارية منها الحلاقة، وبيع الحلويات والحلويات التقليدية، وبيع المرطبات، بالإضافة إلى تجارة الملابس والأقمشة، وذلك بعد تسجيل تجاوزات من المواطنين وعدم احترام إجراءات التباعد الاجتماعي.

وكانت الحكومة قد اشترطت على التجار ضرورة التزامهم وتقيدهم الصارم بتدابير الوقاية الصحية وقواعد النظافة والتباعد الاجتماعي بين الزبائن، من خلال السماح بوجود زبونين إلى 3 زبائن في وقت واحد داخل المحل، حسب مساحته، مع إلزامية ارتداء الكمامات وتعقيم المحلات بصفة دورية.

العم عبد القادر سائق أجرة، يؤكد لـ "العربي الجديد" أن "القرار الحكومي بفتح الأسواق جاء في وقته، إذ لم يعد يجد العديد من سائقي الأجرة وغيرهم من أصحاب المهن الحرة والدخل اليومي، ما ينفقونه، خاصة في مع دخول شهر رمضان، واستنفدت كل الطرق من الاقتراض والدين عند أصحاب المحلات، دون احتساب مصاريف السيارة من وقود وصيانة".

وتابع المواطن الجزائري وعلامات الحسرة تغمر وجهه: نحن بين سندان الفيروس القاتل ومطرقة مرارة المعيشة، الله يحفظنا، نحن نحاول توفير لقمة لأبنائنا.


وكانت الحكومة قد أعلنت منذ 23 مارس/ آذار الماضي الإغلاق الإجباري لكل المحال التجارية والأنشطة المهنية، عدا المخابز ومحال التموين بالخضر والمواد الغذائية، لتمكين المواطنين من التزود بحاجاتهم الأساسية.

وقال رئيس الاتحاد الجزائري للتجار والحرفيين الحاج، طاهر بلنوار، إن "الاتحاد هو من اقترح على الحكومة توسيع القائمة للنشاطات التجارية الجديدة، وذلك بعدما سجلنا ارتفاع الطلب عليها، بالإضافة لتضرر أصحابها من الإغلاق، نحن نتحمل مسؤولية الفتح، وسنراقب بشدة إجراءات الوقاية الصحية والتباعد الاجتماعي".

وأوضح بلنوار أنه "يمنع على التجار وكل الحرفیین الذين سمح لھم بممارسة نشاطھم، وضع كراسي داخل المحلات وإدخال أكثر من زبونین للمحل، ويتعین على كل تاجر سمح له بالنشاط تقلیل الاحتكاك مع الزبائن داخل المحلات، ويجب استعمال أرقام الھواتف لتحديد مواعید لحضور الزبائن إلى المحل لاقتناء حاجاتھم لتفادي الاحتكاك الاجتماعي".

وأضاف أن كل تاجر سمح له بممارسة نشاطه، وخالف إجراءات الوقاية الصحية يمكن معاقبته بالشطب من السجل التجاري ويسجل على أنه غیر صالح لممارسة النشاط ".

وإن لقي قرار الحكومة ترحيب التجار وأصحاب الحرف الذين لا يملكون حولا ولا قوة لمواجهة مصاريف المعيشة سوى بالعودة للعمل، غير أنه لم يعجب العديد من المواطنين، الذين يتخوفون من دخول المجتمع في حالة تراخ وتساهل، ما من شأنه مضاعفة عدد الإصابات بفيروس كورونا.

وفي السياق، قال رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، إن "الجمعية ليست ضد القرار، نتفهم قرار الحكومة، ونتفهم ظروف بعض التجار والحرفيين، وفي الأخير كلهم مواطنون".

وأضاف زبدي لـ "العربي الجديد" أن "جمعية حماية المستهلك تطالب بوضع وسائل تَكفُل تنظيم الطوابير لمنع الاكتظاظ، واستعمال قياس الحرارة قبل دخول المحل إن توفر ذلك".

المساهمون