استمع إلى الملخص
- **نقاط ضعف الدولار**: يعاني الدولار من تقييمه بأعلى من سعره الحقيقي بنسبة 12%، العجز التجاري الأميركي، وتوجه البنوك المركزية نحو الذهب، بالإضافة إلى توجه دول "بريكس" نحو عملة مشتركة.
- **مستقبل الدولار**: رغم نقاط الضعف، يرى بعض الخبراء أن ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية يظل إيجابياً للدولار، لكن التحديات الاقتصادية والسياسية قد تؤثر على استقراره.
بينما أعلن مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، أنه سيبدأ خفض أسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول المقبل، بدأت التساؤلات عن تأثير ذلك في توجهات سعر صرف الدولار، مقابل العملات الرئيسية في سوق الصرف العالمي، الذي يقدر حجمه بنحو 7.5 تريليونات دولار يومياً في إبريل/ نيسان 2022، أي أكثر من 250 مليار دولار في الساعة، وفق بيانات بنك التسويات الدولية المنشورة على موقعه في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022.
ويظل السؤال المحوري الذي يشغل بال أسواق المال العالمية في الوقت الراهن: كيف سيكون وضع الدولار في حال خفض سعر الفائدة الأميركية المتوقع أن يراوح بين ربع نقطة مئوية ونصف نقطة مئوية في أعلى التقديرات خلال الاجتماع المقبل في سبتمبر، وما عوامل قوة الدولار وضعفه؟ المؤكد حتى الآن أن سعر الدولار سيتراجع بسبب خفض سعر الفائدة. ومعروف أن الفائدة عبارة عن تسعير لقيم العملات. ولكن إضافة إلى تداعيات خفض الفائدة الأميركية، لاحظ محللون أن سعر صرف الدولار يعاني من 5 نقاط ضعف رئيسية كامنة حتى قبل قرار خفض سعر الفائدة المترقب.
وهذه النقاط هي أولاً، أن الدولار مقيم في سوق الصرف بأعلى من سعره الحقيقي. ووفق شركة "فانغارد" الأميركية المتخصصة في الاقتصاد والاستثمار في تحليل في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، فإن قيمة الدولار مبالغ فيها، وهي أعلى من السعر الحقيقي بنسبة 12% تقريباً، مقابل سلة من خمس عملات نافذة في سوق الصرف العالمي حتى بداية العام الجاري 2024. وفي العقد المقبل، تقدر الشركة احتمال انخفاض قيمة الدولار بنسبة قد تصل إلى 75% تقريباً، مع انخفاض متواضع سنوي يُقدَّر بنسبة 1.1%.
أما نقطة الضعف الثانية، فهي ضخامة الدين العام الأميركي الذي يقدر بأكثر من 35 تريليون دولار وخدمته التي تفوق مليار دولار يومياً. ويأتي ذلك متزامناً مع حاجة أميركا للإنفاق أكثر على ميزانية الدفاع المتضخمة، وهذا يعني أن الدين الأميركي سيواصل الارتفاع في كلا الحالين خلال الفترة المقبلة، سواء فازت المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس، أو فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ووفق تحليل بموقع أكسيوس الأميركي يوم الأربعاء، فإن خطط ترامب التي أعلنها حتى الآن في حملته الانتخابية ستضيف 5.8 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي.
وأظهر تحليل هاريس أن خطتها لتوسيع الإعفاء الضريبي للأطفال، والائتمان الضريبي على الدخل المكتسب، والإعفاءات الضريبية الأخرى، من شأنها أن تزيد الدين الأميركي بمقدار 2.1 تريليون دولار في السنوات العشر المقبلة. كما إن اقتراحها بتوفير إعانة دعم بقيمة 25 ألف دولار لكل مشتري المساكن المؤهلين لأول مرة، من شأنه أن يضيف 140 مليار دولار على مدى عقد من الزمان.
أما نقطة الضعف الثالثة، فهي العجز التجاري الأميركي الذي يواصل الارتفاع. ووفق بيانات وزارة التجارة الأميركية، فقد ارتفع هذا العجز في عام 2024، وبلغ 204.5 مليارات دولار في الربع الأول. ومن المتوقع أن يتواصل العجز في العام المقبل بعد نهاية الانتخابات الأميركية ووصول ساكن البيت الأبيض الجديد وفق ما أعلن المرشحان في حملاتهما الانتخابية.
أما نقطة الضعف الرابعة، فهي توجه البنوك المركزية العالمية نحو تغيير مراكز الاحتياطات النقدية تجاه شراء الذهب والتخلص التدريجي من احتياطات الدولار مع زيادة تعاملاتها التجارية مع الصين ومضايقات عقوبات واشنطن على الدول التي تعارض سياساتها.
أما نقطة الضعف الخامسة، فهي توجه البنوك المركزية العالمية إلى تغيير سياستها تجاه بناء احتياطاتها من الدولار إلى الذهب بسبب مخاوفها من خفض وكالات التصنيف الأميركية لدرجة الائتمان الأميركي. ومعروف أن خفض التصنيف يعني عدم الثقة بمستقبل العملة. ويرى خبراء أميركيون أن أميركا قد تعجز في مرحلة ما عن الإيفاء بتسديد التزاماتها للمستثمرين الأجانب في سندات الخزانة الأميركية.
أما نقطة الضعف السادسة، فهي توجه دول مجموعة "بريكس" في اجتماعها الذي سيعقد في روسيا في أكتوبر المقبل نحو إجازة "عملة مشتركة بين دولها". ووفق تقرير في صحيفة "إيكونوميك تايمز" الهندية في الشهر الماضي، ناقش رئيس الوزراء ناريندرا مودي في أثناء لقاء القمة الأخير في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترتيبات عملة بريكس، ونظام الدفع البديل لسويفت.
وفي السياق، قال الخبير الأميركي فينسنت لانسي في تحليل نشره موقع "زيرو هيدج"، في 11 يوليو/ تموز الماضي، إن "من المؤكد أن مجموعة بريكس تسير نحو تطبيق المعيار الذهبي خلال السنوات الخمس المقبلة. وهذا بالنسبة إلى الغرب يعني أنه إذا أرادت دولة غربية التجارة مع المجموعة مقابل سلعة معينة، فإنها تحتاج إلى المزيد من الذهب لتسديد فاتورة وارداتها. وإذا كان الغرب لا يرغب في التجارة مع مجموعة بريكس في ما يتعلق بهذه العناصر، يجب عليه إيجاد سلاسل التوريد الخاصة به. ومثل هذا الترتيب النقدي يروق للهند وروسيا والعديد من الدول الناشئة التي تعاني من قوة الدولار وتهديده موازين مدفوعاتها".
ولكن رغم ذلك، يقول جوناثان بيترسن، كبير اقتصاديي الأسواق والمتخصص في صرف العملات الأجنبية في مؤسسة كابيتال إيكونومكس، إن بيئة ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية مقارنة بتلك الموجودة في الدول الأخرى هي بشكل عام "إيجابية للدولار".
ورغم عوامل الضعف تلك التي تواجه الدولار قال وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوتشين، إن الدولار القوي يُعَدّ ميزة في مساعدة الولايات المتحدة على تمويل العجز المالي الضخم في الوقت الحالي. وتوقع منوتشين أن يبقى الدولار العملة الاحتياطية في المستقبل المنظور.