5 عوامل تدعم قوة الدولار في عام 2022

24 ديسمبر 2021
رهان على الدولار بين مصارف وول ستريت (getty)
+ الخط -

خلافاً لتوقعات خبراء المصارف الاستثمارية الكبرى بتراجع سعر صرف الدولار خلال العام الجاري، تمكنت العملة الأميركية من الارتفاع إلى أعلى معدلاتها أمام العملات الرئيسية، مستفيدة من النمو الاقتصادي القوي ومخاطر الاستثمار في أوروبا والدول الناشئة، وعلى رأسها الاضطراب في البورصات الصينية بسبب ضغوط الحكومة على شركات التقنية، وتضرر قطاع العقارات.

وحسب بيانات نشرة "ماركت ووتش" الأميركية، فقد تمكن الدولار من الصعود القوي أمام ست عملات رئيسية في سوق الصرف بنحو 7.1% منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية الأسبوع الماضي، وهو أعلى معدل ارتفاع سنوي يشهده الدولار منذ عام 2015.

كذلك حققت العملة الأميركية ارتفاعات كبرى مقابل كل من اليورو الأوروبي والجنيه الإسترليني والين الياباني والدولار الكندي، ولكن كان أكبرها أمام الين الياباني وبنسبة 10%.

واستفاد الدولار في هذا الارتفاع الكبير مقابل العملة اليابانية من شره المصارف اليابانية للعائد الدولاري في سوق "وول ستريت" وجاذبية الأصول الأميركية، ما ساهم في تعزيز الصفقات الدولارية على حساب العملة الوطنية.

تمكن الدولار من الصعود القوي أمام ست عملات رئيسية في سوق الصرف بنحو 7.1% منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية الأسبوع الماضي، وهو أعلى معدل ارتفاع سنوي يشهده الدولار منذ عام 2015

ومعروف أن اليابان أكبر مستثمر في سندات الخزانة الأميركية، كما أنها من كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

من جانبه، يتوقع مصرف "أي أن جي" الهولندي أن يواصل الدولار قوته أمام كل من الجنيه الإسترليني واليورو خلال العام المقبل، وربما ينهي الدولار العام المقبل بارتفاع كبير مقابل اليورو بسبب المتاعب المالية التي تعيشها أوروبا على صعيد ارتفاع أسعار الطاقة والأزمات الجيوسياسية، بسبب التوتر العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية، وهذه العوامل تقلل من جاذبية أدوات المال المقومة باليورو.

ويشير المصرف الهولندي إلى أن اليورو ربما سينهي العام المقبل منخفضاً مقابل الدولار إلى 1.10 دولار.

وكانت التوقعات في العام الماضي تشير إلى أن اليورو سيواصل ارتفاعه خلال العام الجاري فوق 1.20 دولار.

وتتوقع المصارف الاستثمارية الكبرى أن يحافظ الدولار على قوته مقابل الجنيه الإسترليني، ولكن بمعدل أقل من اليورو.

وسيعتمد ارتفاع الدولار مقابل الإسترليني على مدى قدرة حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون على معالجة ملفات بريكست الخاصة بأيرلندا وصيد الأسماك. ولكنّ محللين يرون أن الأهم في تحديد مسار الجنيه الإسترليني مقابل الدولار هو مستقبل ملف الشراكة التجارية بين الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومعظم المصارف الاستثمارية ترى أن الدولار سيواصل جني المكاسب خلال العام المقبل أمام العملات الرئيسية العشرة الأكثر تداولاً في السوق العالمي، الذي يقدر حجمه اليومي بنحو 6.6 تريليونات دولار، وفقاً لبيانات بنك التسويات الدولية في بازل بسويسرا.

موقف
التحديثات الحية

ويبني محللو المصارف الاستثمارية الكبرى توقعاتهم لقوة الدولار الأميركي خلال العام المقبل على خمسة عوامل رئيسية:

  • أوّل العوامل قوة الاقتصاد الأميركي وقدرته على مقاومة تداعيات جائحة متحورات كورونا.
  • العامل الثاني، جاذبية الأصول الأميركية التي سيدعمها توجه مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لإنهاء برنامج شراء السندات الأميركية ورفع الفائدة المصرفية لمكافحة التضخم.
  • العامل الثالث، هو توقعات ببدء مسؤولي النقد في الولايات المتحدة رفع الفائدة في النصف الثاني من العام المقبل 2022، حسب تصريحات رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأخيرة. ولكن مصرف "سيتي بانك" من بين المصارف التي ترى أن البنك المركزي الأميركي لن يرفع معدل الفائدة الأميركية قبل عام 2023. وربما سيعتمد تحديد الموعد النهائي لتشديد السياسة النقدية الأميركية على مسار عدوى المتحور "أوميكرون" وتداعياته على النمو الاقتصادي، وكذلك على مسار التضخم الأميركي.
  • العامل الرابع يتمثل في حاجة المصارف الاستثمارية العالمية وأصحاب الثروات إلى العائد الدولاري، وسط النمو القوي للاقتصاد الأميركي ومخاطر العملات الناشئة والأصول الأوروبية.
  • أما العامل الخامس، فهو مركز الدولار القوي كـ"عملة احتياط" دولية تحتاج إليها الدول في تسوية الصفقات التجارية وشراء سلع مهمة للنمو الاقتصادي، مثل النفط والغاز الطبيعي.

وتقدر حصة الدولار من إجمالي احتياطات البنوك المركزية العالمية من العملات الصعبة بنحو 59%، حسب بيانات صندوق النقد الدولي في مايو/ آذار الماضي.

ويلاحظ أن الدول والأسواق الناشئة في آسيا وأميركا الجنوبية للدولار استدانت بكثافة خلال عام 2020 بسبب عملية الإغلاقات التي صاحبت تفشي جائحة كورونا، وبالتالي تحتاج إلى المزيد من الدولارات لتسوية القروض التي أخذتها بالدولار.

ويعد الدولار من أهم العوامل التي تدعم مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى في العالم، إذ إن النظام المالي العالمي بني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الدولار.

ويلاحظ أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تأبه بالعجز التجاري أو حجم الديون السيادية التي سترتفع في العام الجديد إلى 31 تريليون دولار.

ويعود عدم الاهتمام إلى هيمنة الدولار على السوق العالمي وقدرة الحكومة الأميركية على الحصول على تمويلات، فالكل يحتاج إلى الدولار، سواء لتسوية فواتير الواردات أو لشراء المحروقات، أو حتى للاستثمار في سندات الخزانة الأميركية التي باتت خزينة العالم التي تضع فيها الدول والشركات فوائضها وادخاراتها.

المساهمون