4 عوامل وراء رهان الأسواق على ارتفاع الإسترليني

23 ابريل 2021
زيادة ظاهرة المضاربة على الإسترليني بين تجار العملات (Getty)
+ الخط -

على الرغم من التحديات العديدة التي تواجه الاقتصاد البريطاني في 2021، وعلى رأسها إكمال بناء الفضاء التجاري الجديد للبلاد بعد الخروج النهائي من عضوية الاتحاد الأوروبي، يتزايد الرهان في أسواق الصرف على ارتفاع الجنيه الإسترليني مقابل العملات الرئيسية.

ومنذ توصل الحكومة البريطانية إلى اتفاق مرن في مفاوضات بريكست يسمح للبلاد بمواصلة التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي من دون عوائق، خلافاً للتوقعات المتشائمة السابقة بانفصال بريطانيا قاسٍ من دون اتفاق تجاري، بدأت رحلة الصعود القوي للإسترليني الذي ارتفع إلى أعلى مستوياته ليبلغ 1.40 دولار في 5 إبريل/نيسان الجاري، مقارنة بمستوياته الدنيا تحت 1.20 دولار في ديسمبر/كانون الماضي.

وكسب الإسترليني خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 4.8% مقابل اليورو، إذ ارتفع مقترباً من 1.20 يورو. وكانت العملة البريطانية بلغت أعلى مستوياتها مقابل اليورو في 5 إبريل/نيسان عند 1.1802 يورو، وفقاً لبيانات فاينانشيال تايمز.

وقالت شركة الوساطة المالية اللندنية "آي جي" المتخصصة في العملات، في تحليل يوم الثلاثاء، إن تجار الصرف باتوا يرسمون صورة وردية لمستقبل الإسترليني، وإن 38% منهم يبيعون حالياً الدولار ويشترون العملة البريطانية.

ويرى محللون أن هناك 4 عوامل رئيسية تدعم الإسترليني، هي تدفق الاستثمارات الأجنبية على السوق البريطاني وقطاع العقارات، واحتمال عودة النشاط الاقتصادي في بريطانيا بأسرع من دول الاتحاد الأوروبي، وتوجهات أثرياء هونغ كونغ للانتقال إلى بريطانيا وسط المعاناة التي يجدونها من القبضة الأمنية التي تمارسها حكومة البر الصيني عليهم، إضافة إلى توقعات متفائلة بشأن النمو الاقتصادي خلال العامين الجاري والمقبل.

في هذا الشأن، قال 70 اقتصادياً في مسح حول مستقبل الاقتصاد البريطاني، إنه يتجه نحو النمو بنسبة 5.0% في 2021 و5.5% في 2022، وهذا أعلى من نسبة النمو المتوقعة للاقتصاد الأوروبي بنسبة 3.5% في العام الجاري.

كما يتوقع محللون أن يستفيد الاقتصاد البريطاني خلال الشهور المقبلة، أي بعد الفتح الكامل من دورة انتعاش شرائية يدعمها ارتفاع معدل الادخار للأسر، الذي نما بنسبة 16.1% منذ مارس/آذار في 2020، وكذلك ارتفاع الاستثمار في الأعمال التجارية الذي نما بنسبة 5.9%.

من جانبها، قالت شركة تدقيق الحسابات العالمية "كى بي أم جي"، في تقرير يوم الأربعاء، إن صناديق الاستثمار العالمية نفذت صفقات في بريطانيا أكثر من تلك التي نفذتها في أوروبا، إذ أن من بين أكبر 10 صفقات استثمارية كبرى نفذت خلال الربع الأول في أوروبا، كان نصيب بريطانيا 70% منها، وبقيمة بلغت 5.1 مليارات جنيه إسترليني. وفي ذات الصدد، قالت وكالة "نايت فرانك" العقارية إن لندن احتلت المرتبة الأولى بين المدن الجاذبة للصفقات العقارية الفاخرة.

وترى الخبيرة الاستراتيجية بتحليل العملات في مصرف "بانك أوف أميركا"، كمالا شارما، إن قدرة بريطانيا على جذب الاستثمارات الأجنبية كانت وراء ارتفاع الإسترليني.

لكن شارما تشير إلى أن مستقبل الإسترليني سيعتمد على مدى تواصل جذب البلاد للاستثمارات. ويرى مستثمرون أجانب أن الأصول المقيمة بالإسترليني لا تزال رخيصة في الوقت الراهن، وبالتالي يمكن تحقيق ربحية مرتفعة منها، مقارنة بالأصول الدولارية المتضخمة، وكذلك بمعدلات الفائدة السالبة في منطقة اليورو.

ومن بين العوامل التي ساهمت في دعم سعر الإسترليني مقابل اليورو، تقدم بريطانيا في التطعيم ضد فيروس "كوفيد-19"، إذ إن أكثر من 60% من البالغين حصلوا على جرعة التطعيم الأولى، وإن ثلث العدد حصلوا على تزايد الرهان في أسواق الصرف على ارتفاع العملة البريطانية خلال العام الجاري مقابل العملات الرئيسية.

ويرى مصرفيون أن البيانات الاقتصادية المشجعة تدعم مستقبل تحسّن الإسترليني. في هذا الصدد، قالت استراتيجية العملات في مصرف "رابو بانك"، جين فولي، إن تحسّن المستقبل الاقتصادي في بريطانيا سيدعم الجنيه الإسترليني في المستقبل، ولكن فولي قالت، في تعليقات نقلها موقع "باوند ستيرلنغ"، إن التوقعات تشير إلى أن الإسترليني ربما لن يرتفع بأعلى من المستويات الحالية مقابل الإسترليني والدولار.

لكن رغم هذا التفاؤل، فإن قدرة بريطانيا على الخروج من جائحة كورونا وزيادة تنافسية الاقتصاد البريطاني وقدرته على جذب الاستثمار الأجنبي وإجراء الترتيبات التجارية مع الاقتصادات الكبرى، ستكون من بين العوامل الحاسمة في تحديد مستقبل العملة البريطانية التي شهدت أكبر انهياراتها بسبب عدم اليقين.

ويلاحظ أن المستثمرين الأجانب يتجهون لضخ أموال في الولايات المتحدة على أساس أن السوق الأميركي سيشهد انتعاشاً غير مسبوق خلال العامين الحالي والجاري. وربما تدعم هذه التدفقات سعر صرف الدولار مقابل كل من اليورو والإسترليني والين وعملات النمور الآسيوية.

ويتخوف المستثمرون من ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من تطمينات مجلس الاحتياط الفيدرالي، "البنك المركزي الأميركي"، أنه لن يرفع سعر الفائدة قبل عام 2023، إلا أن كبار المستثمرين باتوا يشككون في هذه التعهدات، وبالتالي فإن حركة الفائدة الأميركية ستكون من العوامل الأساسية المحركة لأسعار العملات الرئيسية في سوق الصرف ومن بينها الإسترليني.

المساهمون