4 سيناريوهات لتعامل الاقتصاد العالمي مع "أوميكرون": أحدها "إنذار كاذب"

29 نوفمبر 2021
مسافرون في مطار ملبورن بأستراليا (فرانس برس)
+ الخط -

رغم الارتباك الحاد الذي سيطر على الأسواق العالمية في أعقاب الإعلان عن سلالة "أوميكرون" المتحورة من فيروس كورونا، فإن الغموض لا يزال يكتنف التأثير الحقيقي لهذه السلالة على الاقتصاد العالمي، وما إذا كانت لا تختلف كثيراً عن سابقاتها، إذ يترقب المستثمرون في مختلف القطاعات نتائج المختبرات العالمية لتحديد مدى خطورة "الوافد الجديد" لتحديد وجهتهم، لا سيما أن حالة عدم اليقين قد تكون أكثر قسوة من تداعيات الوباء.

وحتى الآن، وُصفت هذه السلالة التي اكتشفت في أفريقيا بأنها مثيرة للقلق للغاية، فيما يقوم العلماء بتحليل ما إذا كان بإمكانها الإفلات من اللقاحات المطروحة، وكيفية اختلاف أعراضها عن السلالات الحالية، وفي غضون ساعات من الإعلان عن ظهورها، تسابق الكثير من الدول حول العالم نحو فرض قيود على السفر من جديد وحظر دخول القادمين من العديد من الدول الأفريقية، وسط ترقب لما هو قادم.

ووضع اقتصاديون لدى بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس" أربعة سيناريوهات للتأثير المحتمل لـ"أوميكرون" على نمو الاقتصاد العالمي، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، اليوم الاثنين، غير أنهم أكدوا أن الوقت لا يزال مبكراً لتعديل توقعاتهم في ضوء عدم وضوح ما قد يحدث فيما بعد.

والسيناريو الأول الذي وصفه الاقتصاديون في البنك بـ"السيئ" يتمثل في أن ينتقل "أوميكرون" بوتيرة أسرع من فيروس "دلتا" الذي سبقه، ويؤدي ذلك إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي في الربع الأول من العام المقبل إلى ما بين 2% و2.5%، وهو ما يقل عن توقعات "غولدمان ساكس" الحالية.

 توقع بنك الاستثمار الأميركي غولمان ساكس أن يكون "أوميكرون" بمثابة "إنذار كاذب" وأن ينتشر بمعدل أبطأ من فيروس "دلتا"، وبالتالي لن يكون له تأثير مهم على نمو الاقتصاد العالمي أو معدل التضخم

وتوقع البنك الأميركي أن يحقق الاقتصاد العالمي لعام 2022 كاملاً نمواً بنسبة 4.2%، أو بمعدل يقل بنحو 0.4% عن المتوقع حالياً، في حين ستعتبر النظرة المستقبلية لمعدل التضخم "مبهمة".

والسيناريو الثاني هو "أشد سوءاً"، إذ يتوقع أن يكون الوافد الجديد من سلالات كورونا أكثر شراسة ومقاومته للعلاج أشد من فيروس "دلتا"، ما سيعرض نمو الاقتصاد العالمي "لضربة عنيفة"، وسيظل تأثيره على التضخم"مبهماً".

والسيناريو الثالث أن يكون "أوميكرون" بمثابة "إنذار كاذب"، وأن ينتشر بمعدل أبطأ من فيروس "دلتا"، وبالتالي، لن يكون له تأثير مهم على نمو الاقتصاد العالمي أو معدل التضخم.

والسيناريو الرابع هو سيناريو متفائل، بحيث يتوقع أن ينتشر "أوميكرون" بوتيرة أسرع قليلاً، غير أنه يتسبب في أمراض أقل حدة بكثير عن السلالة السابقة. وفي هذا السيناريو التخيلي "الخاص بعودة الأوضاع إلى طبيعتها"، يؤدي انخفاض صافي العبء المرضي إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي، ويرجح معه انخفاض معدل التضخم مع تسارع عملية توازن الطلب مع العرض، وتعافي عرض السلع وقوة العمل.

ورغم وضع "غولمان ساكس" أربعة سيناريوهات حول تأثير "أوميكرون"، فإنه أكد أنه لن يغير في توقعاته بشأن التضخم والنمو والسياسة النقدية تغييراً يرتبط بفيروس "أوميكرون"، حتى يصبح احتمال وقوع أحد هذه السيناريوهات أكثر وضوحاً"، مضيفا أن توجهه هذا يأتي في ضوء احتمال سيناريو "الإنذار الكاذب" .

وربما سيكون هناك مجال لمزيد من الوضوح حول "أوميكرون" خلال مدة تتراوح ما بين أسبوعين إلى ثمانية أسابيع، حيث قد يتأثر الطلب على الأصول ذات المخاطر العالية، حسب ما ذكر المحللون الاستراتيجيون في "سيتي غروب".

وتتوقع شركة "بيونتك" لصناعة اللقاحات صدور البيانات الأولية في غضون أسبوعين، وستساعد النتائج الأولية في تحديد ما إذا كان الخوف عابراً، أم أن هناك ضربة أكبر تلوح في الأفق.

وبعد أن تعرضت أسواق النفط والسلع الأولية والأسهم لخسائر حادة نهاية الأسبوع الماضي فور الإعلان عن المتحور الجديد، عادت، اليوم الاثنين، لتسترد جزءاً كبيراً من هذه الخسائر إثر تقييم مبدئي من المستثمرين لمخاطر "أوميكرون".

ومن بين القطاعات الحيوية النفط الذي ارتفعت أسعاره بقوة، إذ صعدت العقود الآجلة لخام برنت، في وقت سابق من  التعاملات اليوم، أكثر من 3 دولارات، بما يعادل 4.2%، لتصل إلى 75.77 دولارا للبرميل، بعد خسارتها 9.5 دولارات بما يعادل 11.5% يوم الجمعة الماضي.

 روسيا لا ترى ثمة ضرورة لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن سوق النفط بسبب السلالة الجديدة من فيروس كورونا

وصعد كذلك خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 3.27 دولارات أو 4.8% إلى 71.42 دولارا للبرميل، بعد أن خسر 10.24 دولارات في الجلسة السابقة بتراجع نسبته 12%. وكانت أسعار النفط قد سجلت، الجمعة، أكبر انخفاض لها في يوم واحد منذ إبريل/ نيسان 2020، بعد أن أثارت سلالة "أوميكرون" مخاوف المستثمرين من إمكانية تزايد فائض المعروض في الربع الأول من العام المقبل.

وبدت روسيا، الحليف الأكبر لمنظمة أوبك فيما يعرف بمجموعة "أوبك+"، أكثر ميلاً إلى أن تأثيرات "أوميكرون" قد تكون أقل حدة من الحالة سادت العالم في أعقاب الإعلان عن ظهوره نهاية الأسبوع الماضي.

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء، اليوم، عن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قوله "يتعين علينا أن نراقب الوضع عن كثب.. لا حاجة لاتخاذ قرارات متسرعة". وأكد أن روسيا لا ترى ثمة ضرورة لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن سوق النفط بسبب السلالة الجديدة من فيروس كورونا، مهونا من فرص أن تغير مجموعة "أوبك+" سياسات الإنتاج هذا الأسبوع.

كما قال أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لعملاق النفط السعودي أرامكو، اليوم، إن أسواق النفط بالغت في ردة الفعل تجاه متحور كورونا الجديد. وقاوم تحالف "أوبك+" دعوات أميركية لضخ المزيد من النفط للحد من ارتفاع الأسعار، واستمر في التراجع تدريجياً عن خفض قياسي في الإنتاج العام الماضي عن طريق إضافة 400 ألف برميل يوميا كل شهر اعتبارا من أغسطس/ آب الماضي.

وكان من المقرر أن تعقد منظمة أوبك اجتماع لجنتها الفنية المشتركة اليوم الاثنين، إلا أنها أرجأته إلى الأربعاء المقبل، بحسب مندوبي بعض الدول الأعضاء. كما تقرر عقد اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لتحالف "أوبك+"، الذي يضم الدول الأعضاء في أوبك وكبار المنتجين من خارجها على رأسهم روسيا، يوم الخميس بدلاً من غد الثلاثاء.

ولم تقتصر حالة التريث في التعامل مع "أوميكرون" على منتجي النفط، وإنما شملت المتعاملين أيضا في أسواق العملات. إذ ساد الهدوء أسواق العملات في آسيا اليوم، بعد الصدمة الأولية لاكتشاف السلالة الجديدة.

  العقود الآجلة لخام برنت صعدت بأكثر من 3 دولارات بما يعادل 4.2%، اليوم، لتصل إلى 75.77 دولارا للبرميل، بعد خسارتها 9.5 دولارات بنسبة 11.5% الجمعة الماضي

واستفاد الدولار الأميركي من حالة الغموض في نهاية الأسبوع الماضي بسبب وضعه كملاذ آمن. لكن العديد من العملات الأجنبية سجلت تحسناً أمامه في بداية تعاملات هذا الأسبوع. وارتفع الدولار الأسترالي شديد التأثر بالمخاطر 0.37% إلى 0.7139 دولار أميركي، وذلك بعد هبوطه 1% يوم الجمعة، الذي شهد انخفاضه إلى 0.71125 دولار لأول مرة منذ 20 أغسطس/ آب.

كما ارتفع الدولار الكندي أيضا مع انخفاض الدولار 0.57% إلى 1.2726 دولار كندي، وهو ما يقل عن أعلى مستوى وصل إليه منذ شهرين في الجلسة السابقة عند 1.2800 دولار كندي، فيما ثبت سعر الجنيه الإسترليني تقريبا عند 1.3335 دولار، بعد هبوطه لأدنى مستوى له منذ 11 شهراً يوم الجمعة عند 1.3278 دولار.

وانتعشت الأسهم الأوروبية، كذلك، بعد خسائر حادة نهاية الأسبوع الماضي. وجرى تداول جميع القطاعات على ارتفاع، مع قيادة أسهم شركات السفر للأسهم الرابحة على غير المتوقع. كما ارتفعت أسهم النفط والتعدين.

المساهمون