3 سيناريوهات لتعويض أوروبا الغاز الروسي

03 يناير 2025
غاز الأنابيب الروسي يتوقف وأوروبا في أزمة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه أوروبا تحديات كبيرة في تأمين احتياجات الغاز بعد وقف الإمدادات الروسية، وتسعى لتعويض النقص عبر استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر، مما يعكس رغبتها في تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

- انتهاء عقد نقل الغاز عبر أوكرانيا سيؤثر على دول مثل النمسا والمجر وسلوفاكيا، مع توقعات بارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى 33-35 يورو لكل ميغاوات في الساعة بحلول 2025.

- تسعى أوروبا لتعزيز بنيتها التحتية لاستيعاب واردات الغاز المسال، مع التركيز على تنويع المصادر لتقليل المخاطر الجيوسياسية وأمن الطاقة، وسط توقعات بزيادة الطلب العالمي.

من المتوقع أن يكون لوقف إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا آثار كبيرة على أسواق الغاز المسال العالمي الذي يعتبر وقوداً انتقالياً للطاقة النظيفة مقارنة بالبترول الملوث للبيئة، وتسعى الدول للتقليل منه. ويطرح معهد بروغيل في تحليل صادر في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ثلاثة خيارات لتعويض الغاز الروسي، وهي استبدال الإمدادات الروسية إلى وسط شرق أوروبا بالغاز الطبيعي المسال؛ والثاني: استبدال الإمدادات الروسية بالغاز الأذربيجاني عبر خطوط الأنابيب الأوكرانية؛ والثالث: نوع جديد من اتفاقية الغاز بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وروسيا.

ووفق المعهد، فإن انتهاء عقد نقل الغاز عبر أوكرانيا سيعني أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى استيراد غاز إضافي قدره 140 تيراواط/ساعة سنويًا من مصادر أخرى. لكن الخيار المفضل لدى أوروبا هو اللجوء لشراء الغاز الطبيعي المسال من مصادر عالمية أخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وقطر. وخسرت أوروبا بوقف غاز الأنابيب الروسي نحو 15 مليار متر مكعب من الإمدادات السنوية التي كانت تتلقاها عبر الأنابيب.

وبالتالي تعمل أوروبا على استيراد كميات إضافية من الغاز المسال من موردين آخرين، وبخاصة الولايات المتحدة التي تضغط عليها لاستيراد الغاز مقابل خفض الضرائب على صادراتها للسوق الأميركي، رغم العقبات التي تواجه زيادة السعة التصديرية في أميركا ومخاوف ارتفاع أسعار الغاز الأميركية وتداعياته السالبة على التضخم والفائدة الأميركية.

يقول معهد بروغيل للدراسات في بروكسل إن نهاية عقد العبور عبر أوكرانيا الذي يحكمه العقد يمثل نصف صادرات الغاز المتبقية من خطوط الأنابيب الروسية إلى الاتحاد الأوروبي وثلث إجمالي صادرات الغاز الروسية، بما في ذلك الغاز المسال، وبالتالي سيكون التأثير محسوسًا بشكل خاص في النمسا والمجر وسلوفاكيا، حيث كان طريق العبور الأوكراني يلبي  65% من الطلب على الغاز لهذه الدول في عام 2023. وبالتالي، من المتوقع أن ترتفع أسعار الغاز في أوروبا في وقت تواجه فيه أزمات مالية.

وتوقع بنك أوف أميركا في تحليل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن يبلغ متوسط أسعار الغاز الأوروبي حوالى 33 يورو لكل ميغاوات في الساعة في عام 2025. وتستند التوقعات إلى انخفاض مستويات التخزين الأوروبية بشكل كبير بسبب الشتاء البارد ونهاية إمدادات الغاز الروسي بعد رفض أوكرانيا تمديد عقد غازبروم. وتشير توقعات "سيتي غروب" الصادرة في ديسمبر الماضي، إلى أن متوسط سعر الغاز في أوروبا سيبلغ حوالى 35 يورو/ميغاواط في الساعة لعام 2025، ويعتمد ذلك على أنماط الطقس وقدرات استيراد الغاز الطبيعي المسال.

ولدى الاتحاد الأوروبي هدف غير ملزم يتمثل بوقف جميع واردات الغاز الروسي بحلول عام 2027، وفق قرار المفوضية الأوروبية في عام 2022. وقد يؤدي إنهاء العبور في أوكرانيا إلى تسريع عملية الانفصال هذه، ويعني ضمناً خسارة روسيا نحو 6.5 مليارات دولار سنوياً، ما لم تتمكن من إعادة توجيه هذه التدفقات إلى خطوط أنابيب أخرى أو محطات للغاز الطبيعي المسال، وفق عهد بروغيل الأوروبي.

ويقول المعهد في تحليله إن أوكرانيا ستخسر هي الأخرى رسوماً تعادل حوالى 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة إنهاء عقد العبور، وتخاطر بتقويض دورها الاستراتيجي شريكاً للطاقة لأوروبا في المستقبل. فضلاً عن ذلك، فإن البنية الأساسية للغاز في أوكرانيا، التي لم تتضرر إلى حد كبير حتى الآن، قد تصبح هدفاً عسكرياً إذا توقف الغاز الروسي عن العمل في خطوط الأنابيب في أوكرانيا.

ويرى المعهد أن وقف نقل الغاز عبر أوكرانيا الذي عارضته المجر وسلوفاكيا والنمسا جزئياً خوفاً من خسائر اقتصادية غير متناسبة قد يخلق شروخاً داخل المجموعة الأوروبية. ووفق بيانات اتحاد الغاز العالمي، بلغ حجم الاستهلاك العالمي من الغاز المسال 400 مليون طن في عام 2022، ويقدر أن يرتفع سنوياً بنسبة تراوح بين 5 إلى 10%. ومن المتوقع أن يكون حجم الاستهلاك العالمي خلال العام الماضي 2024 قد ارتفع بنسبة تراوح بين 5 إلى 10%، يضاف إلى ذلك 15 مليار متر مكعب خسرتها أوروبا بعد القرار الأوكراني بوقف "ترانزيت" الغاز الروسي.

وهذا يعني أن حجم الغاز المسال المطلوب حالياً أكثر من 480 مليون طن. ويسلط التقرير الأخير لوكالة الطاقة الدولية الضوء على عودة الطلب العالمي على الغاز للارتفاع، حيث من المتوقع أن يدفع النمو الاقتصادي في آسيا الطلب إلى أكثر من 4200 مليار متر مكعب في العام الجاري 2025. ويمثل هذا انتعاشاً من أزمة الطاقة العالمية الأخيرة، ولكن التقرير يحذر أيضاً من تقلبات محتملة في السوق بسبب قيود العرض. كذلك يمكن أن يؤدي التأخير في إنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى الحد من العرض على الرغم من زيادة الشهية الاستهلاكية.

ويرى محللون أن الاعتماد المتزايد على واردات الغاز الطبيعي المسال يستلزم المزيد من تطوير البنية التحتية داخل أوروبا. ومن المتوقع أن تعمل دول مثل ألمانيا على تعزيز قدراتها لاستيعاب شحنات الغاز الطبيعي المسال الواردة. ومع ذلك، قد تكون هناك تحديات تتعلق بالقيود المفروضة على القدرات في المحطات الحالية والحاجة إلى التوسع السريع في البنية التحتية للتعامل مع الطلب المتزايد.

وثانياً، الاعتبارات الجيوسياسية وأمن الطاقة، وقد أدت الجهود التي بذلتها أوروبا للحد من الاعتماد على الغاز الروسي إلى إعادة تقييم استراتيجيات أمن الطاقة. ومن خلال تنويع المصادر من خلال زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال، تهدف الدول الأوروبية إلى تخفيف المخاطر المرتبطة بالاعتماد على مورد واحد. وقد يؤثر هذا التحول الاستراتيجي أيضاً بالمفاوضات المستقبلية مع الدول الأخرى المنتجة للغاز في ما يتعلق بالعقود طويلة الأجل وهياكل التسعير.

المساهمون