ينظر السودانيون إلى مؤتمر أصدقاء السودان "مؤتمر برلين" المزمع عقده، اليوم الخميس، عبر تقنية الفيديو بتفاؤل حذر، إذ يرى مراقبون أن المؤتمر مهم لجمع الدعم اللازم لتجاوز الأوضاع الاقتصادية الصعبة في المرحلة الانتقالية، ولكن آخرين يؤكدون وجود تحديات قد تعطل وصول أموال المانحين، وعلى رأسها بقاء اسم السودان حتى الآن في قائمة الإرهاب.
ويلاقي المؤتمر اهتماماً دولياً رفيع المستوى لجهة عقده من قبل ألمانيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، ويحظى بحضور ومشاركة دولية واسعة تشمل عشرات الدول والمؤسسات المالية، بما في ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومجموعة من الدول الأفريقية والعربية، بما فيها إثيوبيا وجنوب السودان وجنوب أفريقيا ومصر وأعضاء مجلس التعاون الخليجي والدول الخمس (الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة).
كذلك ستشارك منظمات إقليمية مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، ومؤسسات مالية دولية مثل البنك الدولي ومصرف التنمية الأفريقي وصندوق النقد الدولي.
ومن المرتقب أن يخاطب رئيس مجلس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، المؤتمر الذي يعقد عبر تقنية "فيديو كونفرانس".
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي، كمال كرار، لـ"العربي الجديد"، إن السودان جزء من المنظومة الدولية، ولا بد للوقوف معه من أجل عبور هذه الفترة للمساهمة في استقرار المنطقة، موضحاً أن التوقعات الرسمية لهذا المؤتمر متفائلة، لكنه نبّه إلى أنه "لا بد من أن نضع في الاعتبار جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وأثرت في الاقتصاد العالمي حتى لا تصطدم التوقعات بالواقع".
وأضاف: إذا استغل السودان موارده المحلية بطريقة مثلى، فلن يحتاج إلى مثل هذه المؤتمرات والمساعدات الخارجية.
وحسب مراقبين، هناك تحديات قد تعطل أموال المانحين، على رأسها بقاء اسم السودان حتى الآن في قائمة الإرهاب. وقال الناطق باسم مجلس السيادة السوداني محمد الفكي، في تصريحات صحافية أخيراً، إن هناك ترتيبات فنية تقوم بها وزارة الخارجية بهدف رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وعن النتائج المتوقعة لمؤتمر أصدقاء السودان، أكد الخبير الاقتصادي إبراهيم أونور لـ"العربي الجديد"، أن التعهدات المرتقبة ستكون بمثابة حسن نيات، وقد لا تلتزم الدول دفع المبلغ المالي الذي وعدت به، مؤكداً أن السودان لا يمكن أن يستفيد من المانحين إلا إذا رُفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأوضح أن أقصر الطرق لحل مشكلة السودان الاقتصادية، فتح الباب للاستدانة من المؤسسات المالية العالمية، داعياً إلى عدم الاعتماد على المانحين، لأن التزامهم غالباً ما يكون شفهياً. وقال إن قرار وضع السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب سياسي، ومن الصعب معرفة ما إذا سيُرفَع من تلك القائمة أو لا.
وغالباً ما يشترط المانحون إجراء إصلاحات اقتصادية، على رأسها رفع الدعم عن السلع، لكي يقدموا دعماً مالياً للسودان. وهو ما أكدته الخبيرة الاقتصادية، عابدة المهدي، التي أوضحت أن بلادها يمكن أن تستفيد من مؤتمر المانحين في الحصول على تمويل مشاريع تنموية، بشرط أن يقدم رؤية إصلاحية واضحة ومحددة بفترة زمنية.
وسبق أن أشار وزير المالية السوداني، ابراهيم البدوي، في مطلع سبتمبر/ أيلول من عام 2019 إلى برنامج من ثلاث مراحل، من شأنه انتشال الاقتصاد من الأزمة الحالية التي يمرّ بها: الأولى معالجة الغلاء وتثبيت أسعار السلع الضرورية، والثانية تستهدف معالجة أزمة الاقتصاد الكلي المتعلقة بعجز الموازنة والتضخم المرتبط بتمويل الموازنة من موارد غير حقيقية.
أما المرحلة الثالثة، فتتمثل بتقوية مؤسسات إدارة الاقتصاد في البلاد، بإطلاق مشروعات تحقق موارد للدولة. لكن المهدي تقول لـ"العربي الجديد": يجب على السودان إقناع المجتمع الدولي ببرنامج إصلاحات واضحة لحصوله على الدعم.
ويواجه الاقتصاد السوداني أزمات متعددة، حيث بلغ معدل التضخم السنوي 114.31% في مايو/ أيار الماضي مقابل 98.81%، في إبريل/ نيسان، وفقاً للأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء.
الخبير الاقتصادي، محمد الناير، طالب الحكومة بقراءة واضحة للوضع الراهن المحلي والإقليمي والعالمي. وأضاف الناير لـ"العربي الجديد": "بالتأكيد، إذا وصل دعم الأصدقاء إلى نحو 5 مليارات دولار، يمكن أن يحدث ذلك تحولاً في الاقتصاد، ويمنح وزارة المالية القدرة على تحرير سعر الجنيه، باعتبار أن لديها احتياطياً نقدياً يؤدي إلى استقرار الصرف لستة أشهر على الأقل".