لبنان: شخصيات "كبيرة" متهمة بالتلاعب بالعملة

13 مايو 2020
الدولار يواصل ارتفاعه أمام الليرة (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

بدأ القضاء اللبناني يتوغّل أكثر في عمق "مغارة الصيرفة" بهدف كشف ملابسات فضيحة التلاعب بأسعار العملات التي تتورّط فيها شبكة مصرفية مالية تتمدّد منذ سبتمبر/أيلول الماضي وتتحكّم بمعادلة "العرض والطلب" مستغلّة شحّ العملة الخضراء في السوق ولدى المصارف التي وصل بها الأمر إلى احتجاز أموال المودعين ولا سيما بالدولار الأميركي.

أسماء المتورطين بدأت تتكشف تدريجاً مع توقيف نقيب الصرافين، محمود مراد، الذي ادعى عليه النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، بتهمتي التلاعب بالعملة المحلية (وقد وصل سعر الدولار إلى ما يفوق 4300 ليرة)، ومخالفة تعاميم مصرف لبنان المركزي (ألزم الصرافين التقيد بسعر صرف يبلغ 3200 ليرة)، لتكرّ سُبحة اعترافات عدد كبير من الصرافين الذين جرى توقيفهم في الملف.
وتتكثف التحقيقات التي أدت إلى استدعاء ميشال مكتف، صاحب كبرى شركات شحن الأموال، وسياسي وناشر صحيفة محلية، وتركه بسند إقامة بعدما استمع إلى إفادته النائب العام المالي، في حين تم توقيف صاحب شركة رامز مكتف "ش.م.ل" وهو قريب ميشال مكتف، على أن يستمع القاضي إلى موظفين كبار في مصرف لبنان.

ويؤكد ميشال مكتف لـ"العربي الجديد" أنّ شركة الشحن التي يملكها لا تتعامل بالليرة اللبنانية منذ فبراير/شباط 2019 أو قيمتها لا من حيث الشراء ولا من حيث المبيع وهي تعمل في شحن العملة وهذا ما شدد عليه خلال الإدلاء بإفادته بشأن عمليات الصيرفة وأسعار الدولار، وذلك بناءً على طلب دائرة التحري في منطقة فردان – بيروت. وتمّ الاستماع إلى إفادته في ملف سبائك الذهب، التي يشتريها من الزبائن بالدولار النقدي، قائلا إنه أثبت صحّة كلامه بالفواتير التي قدّمها وقد تمّ تركه على هذا الأساس.

ويقول النائب العام المالي، القاضي علي إبراهيم، لـ"العربي الجديد" إنّ "التحقيقات لا تزال مستمرّة في ملف التلاعب بسعر صرف الدولار، وسأستمع إلى إفادات كلّ مشتبه فيه بهذه القضية بناءً على المعطيات والوقائع، مهما علت مرتبته إذ لا غطاء على أحد، والحملة ضدّ المتلاعبين مستمرّة بمساعدة الأجهزة الأمنية لملاحقة كلّ الصرافين المخالفين وحتى المرخصين منهم".

ويضيف إبراهيم، أنّ "المواطن اللبناني وقع ضحية المضاربات غير المشروعة والتلاعب في السوق التي انعكست بارتفاع أسعار البضائع والمواد الاستهلاكية بشكل جنوني، من هنا يجب التعاطي بحزم مع هذه القضية، وتوقيف كل مرتكب أو مشارك في هذه الجرائم، وأنا أضع يدي على كلّ ملفات الفساد في إطار الصلاحيات الممنوحة لي من ضمنها ملف ارتفاع الأسعار، والقضايا المالية الأخرى التي أدى للأسف فيروس كورونا إلى تأخير البتّ فيها".

وأسف مجلس نقابة الصرافين في لبنان لتوقيف نقيب الصرافين، الذي بحسب بيان صدر عنهم بعد اجتماع استثنائي عقد برئاسة نائب النقيب، إلياس سرور، "يسعى جاهداً للالتزام بالتعاميم الرقابية وسعر الصرف المحدد من قبل السلطات الرقابية رغم التحديات والصعوبات الكبيرة التي ترافق التنفيذ"، مؤكداً أنّ "المجلس فوجئ بهذه الحادثة المؤسفة التي لا تعكس مطلقاً ما كان يقوم به النقيب من جهود واتصالات حثيثة".

حملة التوقيفات والمداهمات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والتحقيقات القضائية التي اعتقد اللبنانيون أنّها ستنعكس إيجاباً في السوق، لم تشكل أي رادع أمام تجار العملة والصرّافين خصوصاً غير الشرعيين منهم و"الجوّالين" حيث يستمرّ سعر صرف الدولار بالارتفاع في السوق السوداء، في وقت لا تزال التعاملات بالعملة الخضراء متوقفة في محلات الصيرفة المرخصة نتيجة الإضراب الذي بدأ قبل أسبوعين اعتراضاً على توقيف الصرافين. في هذا السياق، يشير الخبير المالي والاقتصادي لويس حبيقة لـ"العربي الجديد" إلى أنّ فوضى سعر الصرف غير مرتبطة فقط بالصرافين فهم جزء من الأزمة، ويستغلون الأوضاع السيئة التي تمرّ بها البلاد لتحقيق أرباح كبيرة، لكنّهم ليسوا الطرف الوحيد الذي يحرّك الدولار، لذلك فإنّ التوقيفات لم تساهم في تخفيض سعر الصرف.

ويشدد حبيقة على أن أبرز الأسباب التي تحول دون ضبط الارتفاع وانخفاض سعر صرف الدولار، تتمثل في غياب الاستقرار السياسي، واستمرار الطلب على العملة الخضراء سواء من قبل المواطنين أو التجار لأسباب وغايات مختلفة.

المساهمون