تراجعت البورصات الخليجية بشكل جماعي في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء، لتدخل المنطقة الحمراء، مع تزايد مخاوف المستثمرين من المخاطر الناجمة عن انهيار أسعار النفط في السوق العالمية، بجانب تداعيات تفشي فيروس كورونا الجديد الذي يزيد من الأضرار الاقتصادية للدول.
وسجل سوق دبي المالي أكبر نسبة هبوط، بعد أن تراجع المؤشر العام بنحو 2.57 في المائة، ليصل إلى مستوى 1839 نقطة، كما تراجع مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 1.77 في المائة، ليبلغ مستوى 3899.4 نقطة.
وتراجع المؤشر العام للبورصة السعودية بنسبة 2.15 في المائة، ليصل إلى مستوى 6459.2 نقطة، وسط هبوط جميع قطاعات السوق ومنها قطاع الطاقة الذي انخفض بأكثر من 3 في المائة.
وهبط سهم شركة أرامكو النفطية بنسبة 2.67 في المائة، ليبلغ سعره 29 ريالاً، ليبعد أكثر عن مستوى إدراجه بالسوق في 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي والذي تحدد بـ32 ريالاً.
وكان سعر السهم قد وصل إلى مستويات مرتفعة عند 38 ريالاً في 16 ديسمبر الماضي، لكنه سرعان ما عاد إلى الهبوط تدريجياً بفعل تهاوي أسعارالنفط وابتعاد المستثمرين عنه.
وفي الكويت، انخفض مؤشر السوق الأول بنسبة 1.29 في المائة، وفي قطر تراجع المؤشر العام للسوق 1.1 في المائة، فيما انخفض مؤشر بورصة مسقط في سلطنة عمان بنحو 0.58 في المائة، وفي البحرين 0.09 في المائة.
وانهارت أسعار النفط في الولايات المتحدة، أمس، حيث تحولت قيمة العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي، إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ لتنهي الجلسة عند ناقص 37.63 دولارا للبرميل، مع إقبال المتعاملين على البيع بكثافة في ظل تخمة المعروض وتضرر الاقتصاد من الفوضى التي أطلقتها جائحة كورونا إلى الاقتصاد العالمي.
وأنهى المؤشر داو جونز الصناعي جلسة التداول في بورصة وول ستريت منخفضا 592.05 نقطة، بما يعادل 2.44 في المائة، وخسر المؤشر "ستاندرد اند بورز 500" الأوسع نطاقا 51.4 نقطة، بتراجع بلغت نسبته 1.79 في المائة، وفقد المؤشر ناسداك المجمع 89.41 نقطة، بانخفاض بلغت نسبته 1.03 في المائة.
وينعكس أداء البورصة الأميركية على أغلب أسواق المال في العالم، ما يجعل هبوطها يلقي بظلال سلبية على الأسهم في مختلف الأسواق، لا سيما الخليجية التي تشهد بالأساس ضغوطا متزايدة جراء تهاوي عائدات النفط والخسائر التي يخلفها انتشار فيروس كورونا.
ومساء أمس، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إدارته ستدرس وقف شحنات النفط القادمة من السعودية، ردا على انهيار الأسعار التي تدفع شركات النفط الصخري الأميركية نحو الإفلاس، خاصة في ظل تخمة المعروض وعدم توفر مناطق كافية لتخزين الإنتاج المتدفق.
في هذه الأثناء، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مصادرها، أن السعودية وأعضاء أوبك الآخرين يفكرون في خفض إنتاجهم النفطي في أقرب وقت ممكن، بدلاً من الانتظار حتى الشهر المقبل موعد بدء اتفاقية خفض الإنتاج الأخيرة لأوبك مع الولايات المتحدة وروسيا، والتي تقتضي كبح الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً.
وقال مسؤول سعودي للصحيفة: "يجب القيام بشيء ما بشأن حمام الدم هذا"، مضيفاً: "ولكن قد يكون الوقت متأخرًا قليلاً". لكن أطرافاً فاعلة في سوق النفط قالت إن روسيا والسعودية ما زالتا تتبادلان الضربات في السوق الفورية لبيع الخام رغم اتفاق خفض الإنتاج الذي من شأنه تهدئة حرب الأسعار بينهما.
وأظهرت بيانات شحن، وفق وكالة رويترز، أن الأمر يرتبط بالسوق الفورية أكثر منه بأسعار العقود الآجلة، إذ تتواصل معركة طويلة الأمد على الحصص السوقية، وبخاصة في آسيا بين موسكو والرياض.
وكان الرئيس الأميركي قد هدد قبل أسبوعين بفرض "رسوم ضخمة" على واردات بلاده من النفط، في محاولة للضغط على روسيا والسعودية للاتفاق على خفض الإنتاج وما ما جرى بعدها بأيام قليلة، لكن إعلانه الأخير دراسة وقف شحنات النفط السعودية يعد تطوراً غير مسبوق في سوق الطاقة العالمية.
وأصبح الوضع الاقتصادي والمالي في السعودية ودول الخليج قاطبة على المحك، وفق مؤسسات مالية دولية، إذ تعتمد إيراداتها بما يتراوح بين 65 في المائة و90 في المائة على صادرات النفط.
وفي مارس/آذار الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من اندثار ثروات السعودية في عام 2035، إذا لم تتخذ "إصلاحات جذرية في سياساتها المالية" التي ترتكز بشكل أساسي على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج، التي توقع أن تندثر أيضا ثرواتها في سنوات متفاوتة، لتكون البحرين الأقرب إلى هذا السيناريو عام 2024.
وتعمل الأسعار الرخيصة على جر الموارد المالية للبلدان المنتجة للنفط إلى الانهيار، حيث كشف تقرير لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمي، في وقت سابق من هذا الشهر، عن أن السعودية صاحبة الوزن الثقيل في أوبك، وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم، بحاجة إلى سعر 91 دولاراً للبرميل لتحقيق نقطة تعادل في موازنتها، بينما هوى خام برنت في العقود الآجلة إلى نحو 25 دولاراً للبرميل.