يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكبر محنة في تاريخه وهو يقدم على الانتخابات الرئاسية بعد شهور في نوفمبر/تشرين الثاني.
ويهدد الانهيار المريع في أسعار النفط مستقبله السياسي ومستقبل الحزب الجمهوري في ولايات نفطية مهمة في الغرب والوسط الغربي في أميركا، وسط ضغوط مكثفة عليه من لوبي "الشركات النفطية" ومسانديها في الكونغرس.
وكانت هذه الشركات من كبار مسانديه في حملته الرئاسية في عام 2016، وبالتالي فإن أي تخلّ عنها سوف يعرّض مستقبله السياسي للخطر.
وعلى الرغم من تعهّد ترامب مراراً بإنقاذ هذه الشركات من الانهيار، فربما تكون لديه أدوات قليلة لإنقاذها في الوقت الراهن.
وقال ترامب، في تغريدة مساء الثلاثاء على موقعه، "لن ندع صناعة النفط والغاز الأميركية للانهيار، طلبت من وزيري الطاقة والخزانة وضع خطة لإتاحة تمويلات لهذه الشركات المهمة، وأن الوظائف بها ستكون آمنة في المستقبل".
وتوظف صناعة النفط الأميركية نحو 10 ملايين موظف، بينما كانت الولايات المتحدة قبل هذا الانهيار المريع تنتج نحو 13 مليون برميل يومياً.
هناك ثلاثة مقترحات حتى الآن مطروحة أمام ترامب، وهي تقديم دعم مالي مباشر لها حتى تتمكن من خدمة ديونها، وتوفير مساحات تخزين في مخازن الاحتياطي الاستراتيجي الأميركية، أو حظر واردات النفط من دول التصدير إلى أميركا.
على صعيد توفير التمويلات، يطالب لوبي الشركات النفطية في الكونغرس مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" باستحداث آلية مالية جديدة للتمويل يتم بموجبها تقديم قروض مباشرة للشركات النفطية تقدر قيمتها بنحو 600 مليار دولار، وذلك وفقاً لما ذكره تحليل في نشرة "أويل برايس".
وتعاني العديد من شركات النفط الأميركي منذ بداية الحرب النفطية بين الرياض وموسكو وإغلاق الاقتصاد الأميركي والاقتصادات المستوردة لخاماتها في آسيا وأوروبا، أزمة في تصريف إنتاجها النفطي. وهنالك حالياً عشرات الحاويات النفطية الضخمة ترسو على شواطئ كاليفورنيا تنتظر مشترين.
ويرى محللون أن إفلاسات شركات النفط الصخري لن تكون قاصرة على مالكيها، ولكن ستنعكس تداعياتها مباشرة على المصارف الأميركية وسوق السندات. إذ أن كبار المقرضين لهذه الشركات هم مصارف كبرى مثل "جي بي مورغان" و"سيتي غروب" و"بانك أوف أميركا" و"ويل فارغو"، وذلك حسب ما ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز. وبالتالي، فإن عدم إنقاذها سيعني ربما بدء أزمة في القطاع المصرفي الذي يواجه انهياراً في أسعار أسهمه بسوق "وول ستريت".
أما بخصوص الخيار الثاني لإنقاذ شركات النفط الصخري، فهو حظر استيراد النفط من السعودية وربما من جميع دول "أوبك+"، بما في ذلك روسيا. وهو الخيار الذي تحدّث عنه ترامب في مؤتمره الصحافي يوم السبت.
وهذا الخيار ربما سيحظى بموافقة سريعة في الكونغرس، وسط الغضب العارم وسط ساسة أميركا من إغراق شركة أرامكو للسوق النفطية ومفاعلة أزمة انهيار الطلب العالمي على الخامات.
لكن يرى محللون أن هذا الخيار ربما لن ينقذ الصناعة النفطية، لأن واردات أميركا من دول "أوبك+" لا يتعدى 3 ملايين برميل، معظمه من السعودية وروسيا.
وقال مصرف غولدمان ساكس في مذكرة، يوم الثلاثاء، "إن صناعة النفط الأميركية ستخسر عدة ملايين من البراميل خلال الأسابيع المقبلة".
كما توقع المصرف أن تتواصل الضغوط على عقود خام غرب تكساس لشهر يونيو/حزيران مثلما حدث لعقود مايو/أيار.
ويرى رئيس قسم الطاقة في مصرف "آدوركابيتال" الاستثماري السويسري، مايكل غارفي، أن عودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية ربما ستحتاج إلى فترة طويلة. وقال غارفي، في تعليقات لمجلة فوربس، "نحن في بداية فترة الاختبار للصناعة النفطية ".
أما الخيار الثالث، فهو إتاحة مساحة من الخزانات النفطية في مخازن الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي لإنتاج الشركات النفطية، وقال ترامب إنه سيمنح شركات النفط الصخري مساحة 77 مليون برميل في الخزانات الاستراتيجية.
لكن محللين يرون أن هذه الكمية لن تكفي سوى أيام قليلة لتخزين إنتاج النفط الأميركي البالغ حالياً نحو 12 مليون برميل يومياً. ويتوقع محللون أن تمتلئ الخزانات النفطية التجارية بمنطقة كاشينغ في أوكلاهوما خلال الأسابيع المقبلة.
فيما يتوقع مصرف غولدمان ساكس أن تستمر أزمة الأسعار خلال شهر يونيو/حزيران في أفضل الأحوال. وهو ما يعني عملياً أن فترة الصيف التي يرتفع فيها عادة استهلاك النفط الأميركي ربما تكون خارج خارطة رفع الطلب على الوقود في الولايات المتحدة.
ومن بين الخيارات الأخرى المطروحة، الضغط على "أوبك+" لتنفيذ مزيد من الخفض في معدلات الإنتاج. ولكن يبدو أن هذا الخيار غير ممكن وسط التصريحات الصادرة من موسكو.
وحسب رويترز، قال الكرملين، الأربعاء، إنه من السابق جداً لأوانه استخلاص أي نتائج بشأن خطوات إضافية ممكنة لوقف هبوط أسعار النفط قبل دخول الاتفاق العالمي الذي اتفقت عليه مجموعة "أوبك+" حيز التنفيذ في الأول من مايو/أيار.