دخلت مصر في موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع، لا سيما الأساسية منها، في ظل الطلب المتزايد على المنتجات خوفاً من حظر التجول، مع انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي أصاب العديد من القطاعات بالشلل وأحيا السوق السوداء للدولار، ما يزيد من الضغط على الأسعار في البلد، الذي يعتمد بنحو كبير على الاستيراد.
وشهدت العديد من المتاجر حجباً لبعض السلع الرئيسية ترقباً لارتفاع أسعارها في الفترة المقبلة، وفق مصدر في اتحاد الغرف التجارية، مشيراً إلى أن أسعار الأرز قفزت خلال الأيام الأخيرة بنسبة تصل إلى 35 في المائة ليتراوح سعر الكيلو ما بين 8 و12 جنيها بحسب النوع والجودة، مقابل 7 و9 جنيهات الأسبوع الماضي.
كما ارتفعت أسعار الفول الذي يعد الوجبة الرئيسية للكثير من المصريين، لا سيما من الفقراء، بأكثر من 11 في المائة، وفق مصدر في شعبة الحبوب والحاصلات الزراعية، موضحا أن سعر طن الفول ارتفع خلال الفترة الحالية، نتيجة لانخفاض الكميات المعروضة منه ليسجل نحو 30 ألف جنيه للطن (1911 دولارا) مقابل 27 ألفاً بداية مارس/آذار الجاري.
وقفزت أسعار الدواجن بنسبة 20 في المائة، ليصل سعر الكيلوغرام من الدواجن البيضاء إلى 31 جنيها مقابل 27 جنيها قبل نحو أسبوع، وفق شعبة الدواجن في غرفة القاهرة التجارية.
وقال مواطنون لـ"العربي الجديد" إن أسعار مختلف السلع زادت بشكل كبير في الأيام الأخيرة، فيما اختفى العديد منها، خاصة المطهرات ومنها الكلور، الذي كان يعد مستحضرا شعبيا في أغلب بيوت المصريين لرخص سعره، أما الآن فأصبح سلعة نادرة مع انتشار فيروس كورونا.
ويزداد قلق المصريين من حدوث شح في السلع وانفلات في الأسعار، مع تشديد الحكومة إجراءات كبح الفيروس واسع الانتشار وفرض حالة الطوارئ بدءاً من اليوم الأربعاء.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنه كلف الحكومة والأجهزة التنفيذية المختصة باتخاذ اللازم نحو تطوير الإجراءات الاحترازية لمكافحة انتشار كورونا.
ووجه الفيروس ضربة قاسية للعديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية في البلد المثقل بالديون، ويعاني من البطالة، بينما نحو ثلث سكانه يئنون من الفقر وفق البيانات الحكومية، في حين تقدر جهات مستقلة نسبتهم بأكثر من 50 في المائة بسبب الإجراءات المؤلمة لمحدودي الدخل، التي اتخذتها الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وتتزايد المخاوف من تفاقم الصعوبات المعيشية، مع عودة الدولار إلى الارتفاع في السوق السوداء، بينما تحاول الحكومة التحكم في صعوده المحتوم في البنوك وشركات الصرافة، التي أخضعتها لإجرءات قمعية ورقابة مشددة منذ نهاية عام 2016.
وكشف مصرفيون ورجال أعمال، وفق وكالة رويترز، الاثنين الماضي، أن معاملات غير رسمية جرت عند سعر 16.15 جنيهاً للدولار، مقارنة مع السعر الرسمي البالغ نحو 15.75 جنيهاً.
وكانت "العربي الجديد" قد رصدت تحركا صعوديا للدولار منذ حلول مارس/آذار الجاري، تأثرا بتضرر موارد البلاد من النقد الأجنبي بشكل حاد مع توقف السياحة وتراجع الصادرات والهبوط المتوقع لعائدات قناة السويس وكذلك تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
وتتزامن أضرار كورونا مع معاناة الاقتصاد المصري في الأساس من تدهور، حيث أظهرت مؤشرات اقتصادية سيطرة الانكماش على القطاع الخاص غير النفطي، للشهر السابع على التوالي، في فبراير/شباط الماضي، ما يزيد مخاطر دخول البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية.
والاثنين الماضي، حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية، من تعرض الاقتصاد المصري لأضرار بالغة وتآكل احتياطي النقد الأجنبي. كما قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن مصر ستعاني من ارتفاع كلفة وشروط الاقتراض، الناجم عن تأثيرات كورونا.
وعلى مصر جدول ديون صعب مستحق السداد خلال العام الجاري. ووفقا لبيانات تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد، الصادر عن البنك المركزي قبل نحو شهر، فإن الأقساط والفوائد المستحقة في النصف الأول من العام الجاري، تبلغ 9.24 مليارات دولار، بينما تبلغ الأقساط والفوائد المستحقة في النصف الثاني 9.35 مليارات دولار.
وبحسب بيانات تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد، الصادر عن البنك المركزي قبل نحو شهر، ارتفع الدين المحلي بنسبة 8 في المائة على أساس سنوي، بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019/ 2020 نهاية (سبتمبر/أيلول) إلى 4.18 تريليونات جنيه (270 مليار دولار)، بينما قفز الدين الخارجي بنسبة 18 في المائة إلى 109.36 مليارات دولار.