في الوقت الذي بدت أسواق المال اليوم الثلاثاء، أكثر تفاؤلاً بأنباء أفضل بشأن الوضع الصحي المرتبط بانتشار وباء كورونا المستجد، برزت تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب قال فيها إنه "يمكن أن نخسر عدداً معيناً من الأشخاص بسبب الإنفلونزا، لكن قد نخسر عدداً أكبر إذا أغرقنا البلاد في انكماش كبير".
ترامب قال لشبكة فوكس نيوز إن "انكماشاً كبيراً" يمكن أن يفوق في عدد ضحاياه فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة، مبدياً أمله باستئناف النشاط الاقتصادي سريعاً، مضيفاً أنه سيعيد الأسبوع المقبل تقييم تداعيات الإغلاق الذي دعا بعضهم إلى تنفيذه لـ15 يوما.
وتراجعت مبيعات المنازل الأميركية الجديدة في فبراير/شباط بعد صعودها في الشهر السابق، وقد تنخفض بدرجة أكبر بسبب وباء فيروس كورونا، التي تزيد البطالة وتلحق تعطيلات حادة بالنشاط الاقتصادي.
وقالت وزارة التجارة الثلاثاء، إن مبيعات المنازل الجديدة انخفضت 4.4% إلى وتيرة معدلة في ضوء العوامل الموسمية بلغت 765 ألف وحدة الشهر الماضي. وجرى تعديل وتيرة مبيعات يناير/كانون الثاني بزيادة كبيرة إلى 800 ألف وحدة من 764 ألفا في التقرير السابق.
كما قالت موديز الثلاثاء، إن انهيار السوق والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا أفضت إلى خسائر استثمارية بنحو تريليون دولار لصناديق التقاعد العامة الأميركية.
انكماش أنشطة الشركات
وقد انكمشت أنشطة الشركات الأميركية بدرجة أكبر في مارس/آذار الجاري، مسجلة مستوى قياسياً منخفضاً مع تأثر الأعمال سلباً بجائحة فيروس كورونا في كل من قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات، مما يدعم وجهة نظر الاقتصاديين بأن الاقتصاد دخل في حالة ركود بالفعل.
وقالت "آي.إتش.إس ماركت" اليوم، إن القراءة الأولية لمؤشرها المجمع للناتج الأميركي، الذي يرصد قطاعي الصناعة والخدمات، تراجعت إلى 40.5 هذا الشهر، أي أدنى مستوى على الإطلاق ويعقب 49.6 في فبراير/شباط.
أسواق الأسهم
وقد سجل المؤشر داو جونز الصناعي أكبر مكاسبه بالنسبة المئوية في جلسة واحدة منذ 1933 اليوم الثلاثاء، بعد أن قال المشرعون الأميركيون إنهم يقتربون من التوصل إلى اتفاق على حزمة إنقاذ اقتصادي، مما أشاع بعض التفاؤل في الأسواق المضطربة بفعل أكبر موجة بيع منذ الأزمة المالية.
وارتفع داو 2112.98 نقطة بما يعادل 11.37% إلى 20704.91 نقطة، وزاد المؤشر ستاندرد أند بورز 500 الأوسع نطاقا 209.93 نقطة أو 9.38% مسجلا 2447.33 نقطة، وصعد المؤشر ناسداك المجمع 557.18 نقطة أو 8.12% إلى 7417.86 نقطة.
وقد صعدت الأسهم الأوروبية الثلاثاء، متعافية من خسائر أسبوع إذ شجعت احتمالات حدوث استقرار نوعا ماً نتيجة إجراءات التحفيز الأخيرة على الشراء في الأسواق التي تقبع عند أدنى مستوياتها في 7 سنوات.
وقفز المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 8.4% في أقوى جلسة له منذ أواخر 2008، لكنه ما زال منخفضاً 30% تقريباً عن ذروة فبراير/شباط، وذلك بعد أن أثارت المخاوف حيال الصدمة الاقتصادية لفيروس كورونا حمى بيع في شتى القطاعات على مدى الأسابيع الأخيرة.
وانخفض ما يعرف بمؤشر الخوف في أوروبا إلى 52.53، وهو أدنى مستوى في حوالي أسبوعين، بعد أن قفز لأعلى مستوياته في 12 عاما في وقت سابق هذا الشهر. وكان قطاعا الموارد الأساسية والنفط والغاز هما الأفضل أداء اليوم، إذ زاد كل منهما بأكثر من 15%، وفقا لبيانات رويترز.
وصعدت الأسهم الإيطالية نحو 9%، في أفضل أيامها في قرابة 10 سنوات، إذ أظهرت أحدث الأرقام تباطؤا في حالات الإصابة الجديدة بالفيروس المتسبب في مرض كوفيد-19، ما زاد الآمال في أن المرحلة الأشد وطأة من التفشي ربما بصدد الانقضاء.
كما قفزت أسهم ألمانيا حوالي 11%، بينما زاد مؤشر الأسهم القيادية البريطاني 9%، لتشهد البورصتان أفضل جلساتهما منذ 2008.
وكانت البورصات الآسيوية أغلقت الثلاثاء على ارتفاع من 2 إلى أكثر من 4%، حتى أن بورصة طوكيو ارتفعت 7%، وفقا لفرانس برس.
كبير خبراء الاقتصاد لدى "أوستروم آسيت مانجمنت"، فيليب فيشتر، قال إن "الحكومات تأخذ تدابير مهمة ستفضي بشكل آلي إلى انكماش. لكن كلما كانت التدابير مهمة كلما كان وقع العدوى محدودا وفترة الأزمة أقصر. وهذا هو المنطق الذي نراه في كل مكان".
البلاديوم والبلاتين يحلّقان
في سوق المعادن، صعد البلاديوم بما يصل إلى 15% الثلاثاء، متجها صوب أكبر مكاسبه اليومية منذ 2001 مع إعلان إغلاق عام في جنوب أفريقيا المنتج الكبير للمعدن بسبب تفشي فيروس كورونا، في حين زادت العقود الأميركية الآجلة للذهب أكثر من 4% إذ أوقف تحفيز جديد حمى التسييل في أوساط المستثمرين.
وقفز البلاديوم 11% إلى 1907.31 دولارات بحلول الساعة 15:03 بتوقيت غرينتش، في حين زاد البلاتين 6.6% ليسجل 684.80 دولارا.
وارتفع السعر الفوري للذهب 3% إلى 1599.31 دولارا، في حين زادت العقود الأميركية 4.2% إلى 1633.90 دولارا.
صعود متواضع لأسعار النفط
والثلاثاء، ارتفعت أسعار النفط ارتفاعاً متواضعاً، لكنها أغلقت دون أعلى مستوياتها للجلسة، حيث سادت المخاوف المستمرة من التداعيات الثقيلة لجائحة فيروس كورونا على الطلب، ملقية بظلالها على الآمال حيال حزمة دعم اقتصادي أميركية منتظرة بتريليوني دولار.
وتلقت سوق النفط صدمة مزدوجة. فقد أطلقت حرب الأسعار المفاجئة بين السعودية وروسيا سيلاً من المعروض بينما تتجه الجائحة الفيروسية لتقليص الطلب على الوقود 10% على الأقل عالميا.
وفي وقت سابق من الجلسة، كان كل من برنت وغرب تكساس مرتفعا أكثر من 5%. في غضون ذلك، صعدت عقود البنزين أكثر من 30% خلال اليوم، لكنها أغلقت على ارتفاع نحو 8%.