أربك تفشي فيروس كورونا حركة السياح في المغرب، خاصة في ظل الخوف من الإمعان في إلغاء حجوزات وفود سياحية من الصين نحو المملكة، ما يؤثر على تقديراتها التي تراهن على جذب مواطني العملاق الآسيوي. وقررت الخطوط الملكية المغربية تعليق رحلاتها في اتجاه بكين أسوة بشركات طيران عالمية اتخذت مثل ذلك القرار بعد تفشي كورونا.
وقالت الشركة في بلاغ صادر عنها الخميس الماضي، إن تعليق الرحلات بين الدار البيضاء وبكين، يسري اعتبارا من 31 يناير/ كانون الثاني 2020 وحتى التاسع والعشرين من فبراير/ شباط الجاري. وبررت الخطوط الملكية المغربية، اتخاذ ذلك القرار بانخفاض الطلب على تلك الرحلات في الفترة الأخيرة.
وكانت الشركة، أطلقت منتصف الشهر الماضي خطا جويا بين الدار البيضاء وبكين، حيث تقرر تنظيم ثلاث رحلات مباشرة أسبوعية.
ويدعم قرار السلطات الصينية التي منعت على وكالات الأسفار، اعتبارا من الإثنين قبل الماضي، النقل الجماعي للسياح، التوقعات التي تترقب تراجع أعداد السياح الصينيين الوافدين إلى المملكة في مستهل العام الجاري.
ويذهب مصدر من وكالات الأسفار المغربية، فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن تراجع عدد السياح قد يتجلى بشكل كبير عند تقديم بيانات حولهم، وخصوصاً أن انتشار فيروس كورونا تزامن مع حلول السنة الصينية الجديدة.
ويوضح المصدر نفسه لـ"العربي الجديد، أن السنة الصينية الجديدة تشكل فترة الذروة في حركة السياح الصينيين، الذين يحلون بالمملكة في الأعوام الأخيرة في إطار رحلات جماعية تنظمها وكالات أسفار. ويؤكد أنه منذ الإعلان عن ظهور الفيروس، توالت عمليات إلغاء الحجوزات نحو المملكة، متوقعا أن تتواصل الإلغاءات في حال لم تتم محاصرة الفيروس الذي تسبب في وفاة العشرات من الأشخاص عبر العالم.
ويؤكد الخبير في الشؤون السياحية، أداما سيلا، لـ"العربي الجديد" أنه لا تتوفر بيانات إلى حدود الآن حول آثار الوضع الحالي على العاملين بالقطاع السياحي المغربي. وأشار إلى أن المغرب سعى منذ إلغاء التأشيرة قبل أربعة أعوم إلى جذب الطبقة الوسطى الصينية، التي ترنو إلى السياحة الثقافية، حيث يكون ذلك في إطار أفواج تنظمها وكالات أسفار أضحت تراهن أكثر على تلك السوق.
وأبدى المغرب اهتماما كبيرا بجذب السياح الصينيين الذين قرر إعفاءهم من التأشيرة في عام 2016، وهو توجه يندرج ضمن الرغبة في الانفتاح على بلدان صاعدة غير الأسواق التقليدية، خاصة الأوروبية. وحسب تقارير رسمية، ارتفع عدد السياح الصينين من 43 ألف زائر في ذلك العام، إلى نحو 107 آلاف في 2017، ثم إلى 190 ألفاً في 2018، علما أن المملكة تراهن على رفع حصتها من سياح البلد الآسيوي في 2020.
وتوقع خبراء أن تتكبد الوكالات الكبيرة التي تتعامل مع السوق الصينية خسائر باهظة، خصوصاً تلك التي تستقبل كل شهر في المتوسط ثلاثين وفدا سياحيا. ويرتقب أن ينعكس الوضع الحالي أكثر على الوسطاء غير الرسميين الذي يجلبون السياح الصينيين إلى المملكة، إذ سيحرمون من إيرادات مهمة بسبب لجوء أولئك الوسطاء إلى استيفاء مصاريف الإقامة من الوفود السياحية بالصين بالعملة الصعبة قبل أن يسلموهم مقابل ذلك بالدرهم المغربي عندما يحلون بالمملكة. وسعى المغرب في الفترة الأخيرة إلى تصحيح بعض الاختلالات التي تجلت في جذب سياح الصين، حيث دأبت بعض وكالات الأسفار على توظيف مرشدين غير معتمدين، ما دفع وزارة السياحة إلى التلويح قبل أيام بسحب التراخيص من الوكالات التي تخرق القانون.
ويترقب المهنيون والمستثمرون، كشف وزارة السياحة عن خارطة طريق جديدة، توضح الرؤية حول الاستثمارات ووسائل الترويج للمنتج المغربي، ومعالجة مسألة النقل الجوي في ظل تنويع الأسواق واستهداف الصاعدة منها مثل الصين. وكان مرصد السياحة، توقع بلوغ إجمالي عدد السياح في المغرب من مختلف الجنسيات في 2019 نحو 13 مليوناً، بزيادة 800 ألف وافد عن 2018، في حين كانت المملكة تخطط لوصول الوافدين إلى 20 مليونا خلال العام الجاري، ما يبرر توفير خطة جديدة للأعوام المقبلة، تستحضر الأسواق الجديدة مثل الصين والهند.
ولم تقتصر تداعيات كورونا على المغرب، بل طاولت أسواق السياحة في العديد من الدول العربية الأخرى التي تعتمد في جزء مهم من إيراداتها السياحية على الصينيين، إذ أظهرت البيانات الصادرة عن منتدى التعاون الصيني العربي للسياحة عام 2019 الذي عقد في بكين بنوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن عدد الزوار المتبادلين بين الصين والدول العربية ارتفع بمتوسط 16.5 في المائة سنويا خلال خمس سنوات ماضية بفضل مبادرة الحزام والطريق، مقدرة عدد السياح الصينيين للدول العربية بأكثر من مليوني سائح العام الماضي.