روسيا تُهيمن على قطاع الطاقة السوري بثلاثة عقود جديدة

03 سبتمبر 2019
موسكو تشدّد قبضتها على غاز ونفط سورية (فرانس برس)
+ الخط -
بعد منحها عقود إعادة تأهيل المنشآت النفطية والتنقيب بمناطق سورية، منها البلوكات البحرية واستخراج النفط والغاز في شرقي المتوسط، وقّعت حكومة نظام بشار الأسد، اليوم الثلاثاء، على هامش الدورة 61 لمعرض دمشق الدولي، ثلاثة عقود مع شركات روسية في مجال المسح والحفر والإنتاج في القطاع النفطي والغازي في المنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية، اللتين تُعدّان الأغنى في سورية، وفق مسوحات سابقة أجرتها شركات عالمية كانت تعمل في سورية قبل عام 2011.

ووقع العقود عن الجانب السوري المدير العام للمؤسسة العامة للنفط بسام طعمة، وعن الجانب الروسي المدير العام لشركة "فيلادا" أوليك كيريلوف، والمدير العام لشركة "ميركوري" ديمتري غرين كييف.

وقال وزير النفط والثروة المعدنية بحكومة الأسد، علي غانم، الذي صادق على الاتفاقات: "جاءت العقود ثمرة للتعاون المشترك السوري الروسي في المجال الاقتصادي ونتيجة بروتوكول التعاون المشترك بين البلدين وخارطة الطريق الموقعة بين وزارة النفط والثروة المعدنية ووزارة الطاقة الروسية عام 2018".

وحسب ما نقلت وكالة "سانا" السورية الرسمية، قال المدير العام لشركة ميركوري إن العقد الذي تم توقيعه هو للتنقيب عن البترول ومساحته كبيرة، حيث سيتم الحفر في ما بعد في الأماكن المتوقع وجود النفط فيها، وستتم تهيئة المنطقة وبناء البنى التحتية المطلوبة، لافتا إلى أن هذا العقد سيخلق فرص عمل كبيرة في المجالات المرتبطة بعمل الشركة.
بدوره، أكد المدير العام لشركة فيلادا، أن العقد جاء نتيجة تفاوض ومجهود كبير امتد لنحو 6 أشهر للوصول إلى الصيغة النهائية، مضيفاً: "نعمل على تطوير العلاقة الاقتصادية بين البلدين القائمة على مبدأ الاحترام المتبادل بين الطرفين".

ويرى الاقتصادي السوري حسين جميل في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه بهذه الاتفاقات تكون روسيا قد "ضمت كل الأموال التي مولت الأسد بها خلال الحرب، وأطبقت على قطاع الطاقة، بعد التوقيع على التنقيب عن النفط والغاز بالمياه الإقليمية وتطوير شبكات الكهرباء".

ويضيف: "منذ عام 2013 وقبل دخول روسيا الحرب على الثورة عام 2015، منح نظام الأسد عقود التنقيب بالمياه الإقليمية لشركات روسية، واليوم باتت على الأرض السورية خمس شركات متخصصة بالتنقيب في حقول النفط والغاز، تعمل على اكتشاف الموارد براً وبحراً".

وأشار إلى أن العقود مع الجانب الروسي الممثل بشركات "زاروبيغ نفط" و"زاروبيغ جيولوجيا" و"إس.تي.جي إنجينيرينغ" و"تيخنوبروم أكسبورت" للتنقيب وإعادة تأهيل حقول نفط وغاز وصيانة مصافي نفط متضررة، وتبعتهم اليوم شركتا "فيلادا" و"ميركوري" لتكون روسيا قد سيطرت بشكل شبه كامل على قطاع الطاقة في سورية، حتى في المناطق المأمول وجود نفط أو غاز فيها.
ويعتقد الاقتصادي السوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "أهداف روسيا أبعد من استرداد الديون أو حتى تحقيق أرباح، بل إضافة لذلك، تسعى روسيا إلى التحكم بالجغرافيا وإبعاد أي منافس مستقبلي، مثل قطر أو إيران أو حتى تركيا، عن تصدير الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا، والتحكم بالتصدير عبر الخط الحالي (بلو ستريم)، الذي ينقل الغاز إلى تركيا مروراً بالبحر الأسود، أو خط أنابيب (ساوث ستريم) لنقل الغاز إلى أوروبا، خصوصا أن المياه الإقليمية وغاز شرق المتوسط ستكون الحرب الطاقوية المقبلة عليها بين كبار المنتجين والمستهلكين في العالم وسورية، ووفق هيئة المسح الجيوبوليتيكة الأميركية، يحتوي ساحلها وتحت مياهها الإقليمية على مخزون من الغاز يقدر بـ700 مليار متر مكعب".

وكانت شركة "سويوز نفتا غاز" الروسية، أول شركة أبرمت اتفاقاً مع نظام الأسد عام 2013، للتنقيب عن النفط والغاز بالمياه الإقليمية، وشمل العقد وقتذاك، عمليات تنقيب في مساحة 2190 كيلومترا مربعا لمدة 25 عاما. ثم تبعتها شركة "ستروي ترانس غاز" عام 2017 بعقود التنقيب عن الغاز والنفط في شواطئ طرطوس وبانياس، إضافة إلى حقل قارة بريف حمص، فضلاً عن حق استخراج الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر.

وبحسب مراقبين، فقد منح نظام بشار الأسد روسيا الثروات السورية الطبيعية بشكل علني وقانوني، منذ فبراير/شباط 2017 ضمن ما يُسمى "اللجنة العليا السورية الروسية حول التعاون الاقتصادي" التي تم التمهيد لها عبر "بروتوكول التعاون لعام 2014" الذي يتيح لموسكو الاستثمار بقطاع النفط والغاز والكهرباء والقطاع الإنشائي.

وتلا إنشاء اللجنة العليا والبروتوكول توقيع اتفاقات مطلع العام 2018 تضمن لشركات روسية حق الاستثمار وإعادة تأهيل منشآت النفط والغاز في سورية، إضافة إلى عقد موقع بين المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية وشركة "ستروي ترانس غاز" الروسية بخصوص استثمار واستخراج خامات الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر.

وبحسب الاتفاق الذي وقعته المؤسسة الحكومية السورية مع الشركة الروسية العام الفائت، سيتم تقاسم الإنتاج بين الطرفين، بحيث تكون حصة المؤسسة العامة للجيولوجيا 30% من كمية الإنتاج مع دفع قيمة حق الدولة عن كميات الفوسفات المنتجة إضافة لتحمل نفقات أخرى بحدود 2%. وتبلغ مدة العقد 50 عاما وبإنتاج سنوي قدره 2.2 مليون طن من قطاع يبلغ احتياطه الجيولوجي 105 ملايين طن.
وحول قانونية الاتفاقات التي يوقعها نظام بشار الأسد مع الجانب الروسي الذي يصفه السوريون بالمحتل، يقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار بتركيا، غزوان قرنفل، إن "جميع هذه الاتفاقات والعقود نظامية من حيث الشكل القانوني، كون النظام ما زال يمثل الدولة السورية، ما يعني أن الاتفاقات ملزمة لأطرافها".

وحول إمكانية الطعن بها أو إلغائها مستقبلاً، يضيف قرنفل لـ"العربي الجديد": "يمكن إلغاء تلك العقود إن كانت مخلة بشروط التعاقد المحلية أو الدولية، كأن تكون متضمنة لشروط مرهقة والتزامات مديدة زمنياً أو كانت مجحفة بحق بعض الأطراف أو حتى إن جرت ضمن صفقات دونما عروض أو مناقصات أو إعلان لغير الطرف الروسي".
دلالات