شن النظام السوري حملات على المضاربين في العملة وتجار السوق السوداء في محاولة لوقف تهاوي الليرة السورية مقابل الدولار، وأعلن مجلس الوزراء السوري، مساء الاثنين، تشديد الرقابة على الأسعار، وشن حملة على المتربحين، ضمن حزمة إجراءات اقتصادية لإنقاذ الليرة السورية من الانهيار.
وحسب وكالة رويترز، قال وزير المالية السوري مأمون حمدان، إن الحكومة وافقت على الإجراءات اللازمة والاحترازية لتخفيف تأثير التقلبات الحادة للعملة المحلية، التي دفعتها إلى مستوى قياسي منخفض قبل نحو أسبوعين.
وأضاف للصحافيين بعد اجتماع للحكومة، أن الحكومة ستعمل على "ضبط الأسواق والتشدد في الإجراءات الرقابية وضرب المحتكرين والمهربين بيد من حديد".
وأشار إلى أن الحكومة ستخصص مزيداً من الأموال لسلسلة من مئات المتاجر الكبرى، التي تديرها والتي تبيع السلع الاستهلاكية بأسعار أقل من السوق في محاولة لخفض الأسعار.
وأضاف أن البنك المركزي سيقدم أيضاً الدولار بسعر تفضيلي للمتداولين، الذين يستوردون السلع الأساسية الضرورية، كذلك لفت إلى أن الخطوات الأخرى تشمل منح القروض الحكومية دون فوائد لموظفي الدولة.
وقال تجار عملة ورجال أعمال إن الليرة السورية هبطت إلى مستوى قياسي في السوق السوداء قبل أسبوعين متأثرة بعدم تدخل البنك المركزي، وتضرر الاقتصاد، الذي مزقته الحرب الأهلية.
وأضاف تجار أن العملة بعدما ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 690 ليرة للدولار، تحسنت منذ ذلك الحين وتذبذبت حول 620 ليرة للدولار في الأسبوع الماضي.
وكان يتم تداول الليرة عند مستوى 47 مقابل الدولار قبل اندلاع الأزمة السورية في مارس/ آذار 2011.
ونهاية الأسبوع الماضي لامس سعر الدولار عتبة 700 ليرة سورية واليورو 840 ليرة، لتسجل العملة السورية أسوأ سعر عبر تاريخها، كاسرة حاجز أدنى سعر الذي وصلته بنهاية سبتمبر/ أيلول عام 2016 عندما بلغ سعر صرف الدولار 645 ليرة و710 ليرات أمام العملة الأوروبية الموحدة.
وتستمر معاناة الشعب السوري المثبتة أجوره منذ 3 أعوام عند نحو 45 ألف ليرة سورية، رغم زيادة الأسعار بأكثر من 13 ضعفاً عمّا كانت عليه عام 2011 وزيادة إنفاق الأسرة السورية لأكثر من 250 ألف ليرة شهرياً.
وفي وقت سابق، قال الخبير الاقتصادي السوري الدكتور عبد الناصر الجاسم، لـ"العربي الجديد"، إن تهاوي سعر صرف الليرة يعود لأسباب سياسية ونفسية داخلية، تتعلق بالخلاف ضمن الأسرة الحاكمة، وما نتج عنه من مخاوف بالأسواق. ولكن هذا لا يعني انتفاء الأسباب الاقتصادية، بل على العكس، جميع عوامل انهيار الليرة متوفرة بسورية اليوم.
وتوقع أستاذ الاقتصاد، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن تعاود الليرة التراجع، لأن أسباب التعافي المؤقتة لن تدوم آثارها بالأسواق، متسائلا: "هل يضمن نظام بشار الأسد أن يبقى أصحاب الرساميل يضخون الدولار بالسوق، ويدعمون استيراد النفط والسلع الغذائية والمواد الأولية الداخلة بالصناعة، لأن الدولة فقدت القدرة على حماية عملتها وكفاية شعبها، ورأينا وسمعنا كيف ألزم النظام الصناعيين والتجار بتحمل عبء المرحلة مالياً".