القضاء الجزائري يوسّع ملاحقاته لرجال أعمال بوتفليقة

04 ابريل 2019
الجزائريون يواصلون حراكهم (رياض كرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -
رضخ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لضغط الحراك الشعبي وتهديدات المؤسسة العسكرية، وقرر إنهاء عهدته الرئاسية بدءا من الثاني من إبريل/ نيسان الجاري، في وقت يتمسك فيه الجيش بمحاسبة رجال الأعمال المقربين منه، استجابة لضغوط الحراك الشعبي المطالب بمحاسبة المتورطين في قضايا فساد. 

وقامت السلطات الجزائرية بتوسيع دائرة الملاحقات عقب استقالة بوتفليقة ليشمل منع سفر شخصيات جديدة، حسب مصادر لـ"العربي الجديد".

وبعد 5 ساعات فقط من إعلان بوتفليقة مغادرته للحكم، امتثل رجل الأعمال البارز علي حداد أمام قاضي التحقيق بمحكمة "بئر مراد رايس" في العاصمة الجزائرية، الذي استجوبه بتهمة حيازة جوازات ورخص سياقة مزورة، ومحاولة إخراج الأموال دون التصريح بها لدى الجمارك الجزائرية. وامتدت جلسة الاستجواب من منتصف ليلة الثلاثاء الماضي إلى السادسة والنصف فجر أمس الأربعاء.

وأمر قاضي التحقيق بإيداع حداد، أحد أبرز شخصيات نظام الرئيس المستقيل، السجن الاحتياطي وإحالته إلى إدارة الأبحاث التابعة للدرك الوطني للتحقيق معه في تهم الفساد ونهب الأموال العامة.

وأكدت مصادر قضائية، رفضت ذكر اسمها، لـ "العربي الجديد"، أن رجال الأعمال المعنيين بقرار منع السفر سلموا جوازات سفرهم للقضاء الجزائري، في انتظار بداية التحقيقات معهم.

وفي تعليق له على قرار المنع من السفر الذي طاوله، قال رجل الأعمال محمد بعيري إنه "لا يزال يستغرب قرار منعه من السفر، الذي أُبلغ به يوم الاثنين الماضي، من طرف عناصر الدرك الوطني، حيث طلبوا مني إيداع جواز السفر لدى محكمة "بئر مراد رايس" وفي انتظار استدعائي للتحقيق معي".

وأضاف رجل الأعمال المقرب من علي حداد لـ "العربي الجديد" أنه "كان يعمل وفق القانون الجزائري وتحت رقابة البنوك والضرائب، ومستعد لتقديم التوضيحات اللازمة، ولي كامل الثقة بالقضاء الجزائري".

وتأتي تحركات السلطات في الجزائر لمحاسبة المتورطين في قضايا فساد وسط تصاعد الحراك الشعبي على مدار نحو شهر ونصف الشهر.

وعلمت "العربي الجديد"، من مصدر أمني في مطار الجزائر، أن شرطة الحدود منعت صباح أمس، المدير العام لمجمع سوناطراك عبد المؤمن ولد قدور، من مغادرة الجزائر، نحو الصين الشعبية، وذلك كإجراء تحفظي.

وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: "كما تم توسيع الإجراءات القضائية بالمنع من السفر لتشمل حميد ملزي، المدير العام للشركة العمومية لتسيير الفنادق ومدير إقامة الدولة "نادي الصنوبر" التي يقيم بها كبار المسؤولين الجزائريين".

وتابع نفس المصدر أن "القائمة مفتوحة وغير محددة ويتم إخطار القضاء احترازياً لاتخاذ القرار بمنع السفر أو ترك المعني يخرج".

وكانت المؤسسة العسكرية الجزائرية قد دافعت عن القرارات التي أقرها القضاء الجزائري والقاضية بمنع رجال أعمال من السفر خارج البلاد.

وقال نائب وزير الدفاع الجزائري، رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، أول من أمس، في اجتماع ضم كلاً من قادة القوات وقادة النواحي العسكرية والأمين العام لوزارة الدفاع ورئيسي دائرتي أركان الجيش، إنه "بخصوص عمليات النهب التي عاشتها البلاد، وتبذير مقدراتها الاقتصادية والمالية، نتساءل كيف تمكنت هذه العصابة من تكوين ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة، وها هي تحاول هذه الأيام تهريب هذه الأموال المنهوبة والفرار إلى الخارج".

وأضاف صالح: "يجدر التنبيه في هذا الإطار إلى أن قرارات المتابعات القضائية المتخذة صدرت عن العدالة من خلال النيابة العامة التي تحركت استجابة لمطالب شعبية ملحة، حيث تم اتخاذ تدابير احترازية تتمثل في منع بعض الأشخاص من السفر، لحين التحقيق معهم كما قامت الهيئات المخولة لوزارة النقل بتفعيل إجراءات منع إقلاع وهبوط طائرات خاصة تابعة لرجال أعمال في مختلف مطارات البلاد، طبقا للإجراءات القانونية السارية المفعول".

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي جمال نور الدين لـ"العربي الجديد" إن "وقوف الجيش وراء عملية المحاسبة ومحاربة الفساد يضاف إليها تمسك الحراك الشعبي بمطلب محاسبة رجال الأعمال الناهبين للمال العام، سيغير معادلة مكافحة الفساد".

وأوضح أن الإجراءات الأخيرة تؤكد بشكل مبدئي أنه "توجد إرادة سياسية وقضائية لطي ملفات الفساد".

وحسب الخبير الاقتصادي فإن "المهم الآن ألا تكون العملية انتقائية وانتقامية، بل قانونية حتى لا يحدث اضطراب في الأسواق الاقتصادية وتهديد للاستثمارات".

وشمل قرار المنع من السفر عدداً كبيراً من المسؤولين ورجال الأعمال، منهم عمر حداد (شقيق علي حداد)، مدير مجمع "اي تي ار اتش بي" للأشغال العامة، وعائلة "كونيناف" ويقودها ثلاثة إخوة وهم كريم ورضا ونوح وغيرهم، من مستثمرين ومسؤولين عن جهات اقتصادية.
المساهمون