النقابات الفرنسية تخير الحكومة: التنازل أو مواصلة الإضراب والاحتجاج على قانون التقاعد

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
11 ديسمبر 2019
EDC6B541-B9E8-4576-A45B-B975185F0A47
+ الخط -
تواصلت الإضرابات في فرنسا، لليوم السادس، احتجاجاً على مشروع الحكومة لتعديل نظام التقاعد الذي تعتبره النقابات المدعومة من أغلبية الفرنسيين (ما بين 65 و70%) أنه لا يخدم مصلحة المواطنين وسيجعل جميع القطاعات خاسرة في نهاية المطاف. وبالتالي يطالب المتظاهرون بسحب الحكومة للمشروع.

ويعدّ قطاع المواصلات من أكثر القطاعات تضرَّراً من هذا الإضراب، إذ أغلقت العديد من محطات الميترو، فيما يتحرك قطار واحد من بين ثلاثة قطارات، وفي بعض المناطق يتحرّك قطار واحد من بين خمسة قطارات.

ونفس الوضعية بالنسبة للباصات، وأحياناً تكون أصعب، وهو ما جعل الفرنسيين المتوجهين إلى عملهم يعانون من آثار هذا الإضراب. وعمدت بعض وسائل الإعلام الفرنسية، في عمومها، إلى التركيز على هؤلاء "المتضررين" من الإضراب وبث لقاءات معهم.

وإضافة إلى الإضرابات التي كادت تشلّ الحركة في فرنسا، والتي ستتواصل الأربعاء، بنفس وتيرة اليوم، جرت تظاهرات في العاصمة وفي العديد من المدن الفرنسية، من أجل مواصلة الضغط على رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، وعلى الحكومة الفرنسية.

ومن المتوقّع أن يُفصح رئيس الحكومة إدوار فيليب، يوم الأربعاء، عن الخطوط الرئيسية لمشروع الإصلاح. وقد استبق رئيس الحكومة الفرنسية إعلاناته بالتأكيد، أمام نواب أغلبيته، الإثنين، أنه "لن تكون هناك إعلانات سحرية"، يكون بـ"استطاعتها وقف التظاهرات"، ولا "وقف أسئلة الفرنسيين".

وهو ما يؤكد تصريحات زعماء نقابيين، وعلى رأسهم الأمين العام لـ"سي جي تي" فيليب مارتينيز، الذي قال إنّ الحكومة ورغم تنظيمها اجتماعات عديدة مع النقابات، على مدى الأشهر الماضية، "إلا أنها لا تفعل إلا ما في ذهنها، ولا شيء يمكن انتظاره من رئيس الحكومة".

ودعت النقابة إلى مواصلة الإضرابات وطالبت عمال شركة الكهرباء باللحاق بالإضراب. وتجدر الإشارة إلى أن 7 محطات ومصفاة النفط محاصَرة من قبل المتظاهرين.

وعودة إلى تظاهرات اليوم، وخاصة الباريسية منها، والتي تمت في هدوء مقارنة بما جرى يوم الخامس من هذا الشهر، فتتضارب الأرقام حول عدد المتظاهرين، وبينما تتحدث إحصاءات نقابة "قوة عمالية"، وهي من بين النقابات الأكثر حدة في معارضة الإصلاح الحكومي، عن 180 ألف شخص في باريس لوحدها، تتحدث إحصاءات مستقلة عن 27 ألف متظاهر، في العاصمة.

أما نقابة "سي جي تي" فتحدثت عن 885 ألف متظاهر في عموم فرنسا، وهو أقل مما سجلته نفس النقابة في تظاهرات 5 ديسمبر/ كانون الأول، والبالغ مليوناً ونصف مليون متظاهر، أما إحصاءات وزارة الداخلية، فتتحدث عن 339 ألف متظاهر في مجموع التراب الوطني.

ونفس التضارب يحدث في الإحصاءات، فيما يتعلق بتظاهرة مارسيليا، حيث تحدثت مصادر الشرطة عن 12 ألف شخص، فيما أحصت نقابة "سي جي تي" 150 ألف متظاهر.

وحتى نقابات الشرطة، الحريصة على الاحتفاظ بنظامها الخاص للتقاعد، فعلى الرغم من تأكيدات وزير الداخلية كريستوف كاستانيير، الأسبوع الماضي، أنه لن يُمسَّ، إلا أنها أكدت أنها "معبّأة للنضال من أجل الحفاظ على خصوصية نظامها التقاعدي، وستنظم تجمعاً الأربعاء، أثناء خطاب رئيس الحكومة المنتظَر".

وإذا كان الجميع، من نقابات ووسائل إعلام وحكومة، يتفق على أن عدد المتظاهرين الذين خرجوا للشوارع هو أقل من يوم الخميس الماضي، إلا أن الإضراب الذي شهدته وسائل المواصلات وطوابير السيارات في الطرق السيارة ومداخل المدن لا يزال بنفس الوتيرة، وهو ما يؤثر على معنويات المواطنين، وعلى وصولهم إلى عملهم.

وفي هذا الإطار ينتظر كثيرون أن تقدم الحكومة تنازلاتٍ ما، على أمل أن تَشُقّ وحدة الصف النقابي، وتكسب نقابة "سي إف دي تي" الإصلاحية إلى جانبها.

وكان لهذه النقابة دورٌ، في النصف الأول من ولاية إيمانويل ماكرون، في دعم الحكومة لإصلاح المكتب الوطني لسكك الحديد، وأيضاً في فرض قانون الشغل المثير للجدل.

ولكن المُضربين يؤكدون، من جانبهم، أنهم لم يقولوا كلمتهم بعد، وأنهم مستعدون للإضراب حتى في فترة الأعياد، وهو ما يلخصه زعيم اليسار ورئيس "فرنسا غير الخاضعة" جاك لوك ميلانشون، بالقول إنّه "من الأوْلى أن نكابد (إضراب) بضعة أيام، على أن نعيش سنوات من البؤس (أثناء التقاعد)".

وهنالك من لا يرى حلاً سوى بالتصعيد، وهو رأي بعض أفراد "السترات الصفراء"، إذ اعتبر أحد قادتها جيروم رودريغيز، الذي فقد عينه بمقذوف أطلقته الشرطة، في إحدى التظاهرات، أنّ "الأمور في فرنسا سوف تتغيّر في اليوم الذي سيَفقد فيه نائبٌ برلماني من "الجمهورية إلى الأمام" (حزب ماكرون) إحدى عينيه...".

ذات صلة

الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
ماكرون يلقي خطابًا متلفزًا يعلن فيه حل البرلمان، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية.
الصورة
ماكرون وفيروز /تويتر

منوعات

هل ستغني فيروز في السعودية؟ لن تغني فيروز في المملكة؟ أسئلة تطرح منذ أكثر من عامين من دون جواب شاف، قبل ايام استعاد البعض الأسطوانة نفسها عبر المواقع البديلة.
الصورة
احتجاجات في فرنسا على مقتل نائل م. (فراس عبد الله/ الأناضول)

مجتمع

أعاد مقتل نائل م. برصاص شرطي فرنسي في مدينة نانتير بالضاحية الغربية للعاصمة باريس، وكذلك الاحتجاجات الليلية في مدن فرنسية عدّة، آفات عميقة يعاني منها المجتمع الفرنسي إلى الواجهة.