ويضمّ مجلس التعاون الخليجي، الذي تعتمد بلدانه كثيراً على عائدات النفط والغاز في تمويل إيرادات موازناتها، كلاً من: السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، وسلطنة عمان، والبحرين.
ميزانية ضخمة
وكانت السعودية قد أعلنت، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن ثاني أضخم ميزانية في تاريخها للعام المقبل.
وقدرت وزارة المالية السعودية حجم النفقات بنحو 1.02 تريليون ريال (272.3 مليار دولار) في العام المقبل، من توقعات بنحو 1.05 تريليون ريال (280.4 مليار دولار) بعام 2019.
وتبلغ إيرادات المملكة المتوقعة، في العام المقبل، نحو 833 مليار ريال (222.4 مليار دولار)، بتراجع 9.2% عن 917 مليار ريال (244.8 مليار دولار) متوقعة في العام الحالي.
ويرتفع عجز الميزانية السعودية إلى 187 مليار ريال، بارتفاع سنوي 42.7% عن المقدر في العام الحالي والبالغ 131 مليار ريال.
وفي الإمارات، اعتُمدَت موازنة عام 2020 بلا عجز، وهي الأكبر في تاريخ البلاد، بنفقات 61 مليار درهم (16.6 مليار دولار)، مقابل تقديرات 60.3 مليار درهم (16.4 مليار دولار) بالعام الحالي.
وسيُخصَّص ثلث الميزانية لقطاع التنمية الاجتماعية، وثلث للشؤون الحكومية، والباقي للبنية التحتية والموارد الاقتصادية والمنافع المعيشية.
وكانت البحرين قد أقرّت مشروع ميزانية العامين، الحالي والمقبل، التي تتوقع مزيداً من الانخفاض في عجز الميزانية ليصل إلى 1.63 مليار دولار بحلول 2020 في إطار برنامج إصلاح مالي.
أبرز المخاطر
وقال الخبير الاقتصادي محمد رمضان، إنّ انخفاض أسعار النفط من أبرز المخاطر التي تواجه ميزانيات دول الخليج، ولا سيما أنها المصدر الرئيس للإيرادات العامة، فضلاً عن التكلفة الكبيرة لأي تصعيد عسكري، وخطوط التنمية لا تحقق العوائد الكافية.
وأوضح رمضان أنّ التنمية في دول المنطقة مرتبطة مباشرةً بالإنفاق الحكومي، لذا هناك مستويات مرتفعة من الإنفاق رغم تراجع أسعار النفط منذ 2014، مشيراً إلى أنّ من شأن الإنفاق على البنية التحتية وتمويل خطط جذب الاستثمارات تعزيز الإيرادات وخفض النفقات مستقبلاً.
وقال الخبير الاقتصادي محمد العون، إنّ تراجع إيرادات النفط يحدّ من قدرة دول الخليج على تمويل مشاريع البنية التحتية.
وذكر العون أن قطر ستشهد أعلى نمو في القطاع غير النفطي، مستفيدة من الإنفاق على مشروعات كأس العالم 2022، إضافة إلى استفادة الإمارات من استضافة "إكسبو دبي 2020".
وتابع العون، قائلاً إنّ "صندوق النقد رجّح تراجع إنتاج النفط في دول مجلس التعاون إلى أدنى مستوياته في 4 سنوات في العام الحالي، ما قد يؤثر في الإيرادات".
وكان صندوق النقد قد توقع، في تقرير حديث، تراجع إنتاج النفط لدول المنطقة إلى 17.34 مليون برميل يومياً في عام 2019، ثم إلى 17.67 مليون برميل يومياً، خلال العام المقبل.
وتلتزم جميع دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، الحدّ من الإنتاج بموجب اتفاقية (أوبك+) حتى الربع الأول من 2020، فيما تعاني السعودية من نقص كبير في الإنتاج.
وبدأ تحالف "أوبك" خفض إنتاج النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، منذ مطلع 2019 حتى نهاية الربع الأول من 2020.
الضغط على الميزانيات
وفي هذا الصدد، قالت وكالة "فيتش"، إنّ الأوضاع المالية ستضعف في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، خلال عامي 2019 و2020، ما يواصل الضغط على الميزانيات العامة وميزان المدفوعات.
وتوقعت فيتش، في بيان، أن تسجل ميزانيات الخليج عجزاً بنحو 1-2 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في 2019، على افتراض أنّ سعر خام برنت سيبلغ 65 دولاراً للبرميل، مقابل 71.6 دولاراً للبرميل في 2018.
وذكرت أنّ توقعاتها في 2019، تعكس انخفاض متوسط أسعار النفط وزيادة الإنفاق، فـ "أحجام الإنتاج النفطي تضغط أيضاً على العائدات".
وتوقعت فيتش مزيداً من التحسينات في الأرصدة الأولية غير النفطية، في معظم دول مجلس التعاون الخليجي خلال 2020، مؤكدة أن هناك حاجة إلى تدابير إضافية، لتجنب المزيد من التدهور، العام المقبل، في ظل افتراض خط الأساس أن برنت سيبلغ 62.5 دولاراً للبرميل.
ورجّحت تعميق خفض إنتاج النفط أو تمديده، "وسيكون لهذا الأمر أكبر الأثر على سلطنة عمان، التي تعتمد استراتيجيتها للتكيف المالي على المدى المتوسط، بشكل كبير على الزيادات المحتملة في إنتاج النفط والغاز".
سعر التعادل
وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن 64 دولاراً لبرميل النفط هو متوسط السعر الذي يمثل نقطة التعادل (أي التساوي بين الإيرادات والمصروفات) لميزانيات دول الخليج خلال العام الحالي.
وتتمتع قطر بأدنى سعر تعادل لبرميل النفط بالنسبة إلى دول المنطقة بنحو 48.8 دولاراً للبرميل في عام 2019، ونحو 45.7 دولاراً في العام المقبل.
وتأتي الكويت في المرتبة الثانية بسعر 54.3 دولاراً للبرميل، وأعلى هامشياً بقيمة 54.7 دولاراً للبرميل في عام 2020.
ويصل سعر التعادل، خلال العام الحالي، إلى نحو 70.19 دولاراً في الإمارات، و86.5 دولاراً في السعودية، وإلى أعلى قليلاً في عمان بـ 87.26 دولاراً، وأخيراً البحرين 95.14 دولاراً.
خفض النمو
وحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي – أكتوبر/ تشرين الأول 2019، فقد خفض صندوق النقد الدولي، توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدول مجلس التعاون الخليجي، على خلفية عوامل نفطية وغير نفطية، خلال العام الحالي.
وتوقع الصندوق تراجع معدل النمو إلى 0.7% في 2019، مقابل 2% في العام الماضي، بينما رجّح ارتفاع معدل النمو إلى 2.5% في العام المقبل.
واستند النقد الدولي في توقعاته، بالعام الحالي، إلى تراجع أسعار النفط وتذبذبها، إلى جانب انخفاض توقعات إنتاج النفط من جانب مصدري النفط الرئيسيين في المنطقة. فيما يدعم نمو الإنتاج النفطي لكل من الكويت والسعودية تحسن الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة، في العام المقبل.
العجز المتوقع
وأظهر تقرير لشركة "كامكو" الكويتية للبحوث الاقتصادية، ارتفاع العجز المتوقع لموازنات دول مجلس التعاون الخليجي إلى 50 مليار دولار خلال 2019، وبنسبة 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل عجز بقيمة 28 مليار دولار في 2018، وبنسبة 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
وعزا التقرير ارتفاع العجز إلى استمرار سياسات التوسع المالي في دول المنطقة وزيادة الإنفاق الحكومي بنسبة 5.5% إلى 605.6 مليارات دولار بالعام الحالي.
وذكر التقرير أنّ السعودية ستساهم بنسبة 76% من إجمالي زيادة النفقات خلال العام الجاري، وبقيمة تقدَّر بـ 24 مليار دولار.
وبالنسبة إلى الإيرادات العامة في دول المنطقة، رجحت "كامكو"، أن تتحسن بوتيرة أسرع من النفقات التي يجري تكبدها، وهو الأمر الذي سيساهم في تقليص العجز المالي على أساس سنوي إلى 37 مليار دولار في العام المقبل.
(الأناضول)