الاقتصاد التونسي يبحث عن ثورة إصلاحات تعيد له بريق النمو

28 يناير 2019
تعثر الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات (الأناضول)
+ الخط -

رغم نجاح ثورة تونس في المسار السياسي، إلا أنها لم تستطع تحسين قدرات الاقتصاد المحلي وجعله أكثر تنافسية، بالتزامن مع تصاعد حدة الخلافات بين الحكومة والنقابات، وتدهور ميزان تجارة البلاد.
يقول وزير التجارة التونسي السابق، محسن حسن: "بقدر ما أن الثورة التونسية عام 2011 نجحت على المسار السياسي، إلا أن الوضع الاقتصادي في تدهور مستمر"

واعتبر حسن، الذي يعمل حاليا أستاذا جامعيا بمعهد الدراسات العليا التجارية بقرطاج، في حوار مع الأناضول، أن " الوضع السياسي الحالي لا يسمح بالتقدم في الإصلاحات المطلوبة.. الخروج من الأزمة الاقتصادية، يقتضي القيام بالإصلاحات.. ولن نتمكن من تحقيق المطلوب إلا إذا سرعنا من نسق هذه الإصلاحات الضرورية".

وتعيش تونس منذ ثورة الياسمين، تراجعا في نسب النمو اقترب من الصفر، قبل أن يصعد بمتوسط 2.1 بالمائة خلال العامين الماضيين، لكنه يبقى أقل من نسب النمو المسجلة قبل الثورة البالغة 5 بالمائة.

إلا أن الوزير السابق بدا متشائما من تحقيق قفزة اقتصادية في الظروف السياسية الحالية، التي تتميز بالتجاذبات بين السياسيين، وكذلك بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة تشغيلية).


"أصبحت لا أؤمن بالحوارات الاقتصادية والاجتماعية في تونس، هناك عديد الحوارات ونتائجها على الرفوف.. خاصة تلك المتعلقة بالتفاهمات الاقتصادية الداخلية" حسب وزير التجارة التونسي السابق.

وزاد: "نحن بحاجة إلى استقرار حقيقي على مستوى المشهد السياسي.. عبر تنظيم انتخابات ديمقراطية تنبثق عنها حكومة تعمل لـ5 سنوات قادمة بمسار اقتصادي واضح المعالم".

تطبيق الإصلاحات

ويقلل حسن من إمكانية نجاح الحكومة الحالية في تحقيق الإصلاحات.. فالحكومة الحالية لا ينتظر منها في سنة انتخابية، القيام بإصلاحات كبرى.. كل ما يمكن المطالبة به هو إنقاذ مؤسسات حكومية وإصلاح الصناديق الاجتماعية.

ويشير إلى أن بلاده قادرة على الخروج من الأزمة الاقتصادية لو توضحت الرؤية على المستوى السياسي وتحقيق الاستقرار وتواصل الاستقرار الأمني والاجتماعي وتطورت العلاقة بين الاتحاد والحكومة من صراع إلى شراكة.

وعن علاقة تونس بالقروض واتهامات الاتحاد العام التونسي للشغل الموجهة للحكومة بخضوع الأخيرة لإملاءات صندوق النقد الدولي في رفض زيادة الأجور، يقول حسن "نحن بحاجة حقيقية لصندوق النقد الدولي".

"تونس عضو في هذه المؤسسة المالية العالمية.. صندوق النقد الدولي يتدخل في أي بلد عضو عندما يعرف صعوبات ظرفية، قد تتحول إلى صعوبات هيكلية".

وتابع: "اليوم تونس بحاجة إلى تمويل أجنبي مباشر لموازنة 2019، بقيمة 10 مليارات دينار (3.4 مليارات دولار) بين تداين داخلي وخارجي".

ويؤكد حسن أن "الولوج للتمويل الأجنبي صعب بدون صندوق النقد الدولي.. الحصول على تمويلات هذا الصندوق تفتح الباب أمام بقية المؤسسات المالية العالمية".

وطالب صندوق النقد الدولي في أكثر من مناسبة، بضرورة ضبط فاتورة نفقات الحكومة، عبر زيادة الإيرادات ورفع أسعار الوقود، وضبط الزيادات في الأجور.

إلا أن حسن نبه إلى ضرورة حسن التفاوض مع الصندوق على مستوى الشروط التي يفرضها مثل "خوصصة" المؤسسات أو السياسة النقدية.

تعويم الدينار

وشدد حسن على ضرورة الانتباه إلى الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، التي تتعلق أساسا بالمالية العمومية وبسياسة الصرف والسياسة النقدية.. "لا بد من الانتباه جيدا للتأثيرات السلبية لمثل هذه الإصلاحات".


وقال: "هناك مخاطر تعويم حقيقية للدينار، ووضع الدينار يعكس حقيقة الاقتصاد الذي يمر بفترة صعبة منذ 8 سنوات.. كل المؤشرات الاقتصادية الكلية تقول إننا نعيش صعوبات عديدة جعلت من الدينار في وضع سيئ.. لكن ذلك لا يعني التعويم".

واعتبر أن البنك المركزي التونسي ينتهج حتى الآن سياسة خاطئة تهدف للتعويم التدريجي للدينار.

العجز التجاري

وحول ما يثيره ارتفاع العجز التجاري مع بعض الدول من مطالب بمقاطعة توريد بعض السلع، قال حسن إن العجز التجاري يعود بدرجة كبيرة للعجز الطاقي.

وأضاف: "من حقنا المطالبة بترشيد الواردات غير الضرورية، ولكن الحل الأمثل هو دعم الشراكة مع البلدان التي لنا معها عجز في الميزان التجاري".

ويعد عجز الميزان التجاري التونسي أحد الأسباب الرئيسة لهبوط العملة المحلية لتونس، إضافة إلى تباطؤ نمو الاستثمارات الأجنبية، وصعود نسب التضخم لمستويات مرتفعة تجاوزت 7.4 بالمائة في 2018.

ووفق بيانات رسمية صدرت الشهر الجاري، بلغ العجز التجاري لتونس خلال 2018، رقما قياسيا عند 19.04 مليار دينار (6.45 مليارات دولار)، مقابل 15.59 مليار دينار (5.28 مليارات دولار) في 2017.

ووفق أرقام البنك المركزي التونسي، هذا الأسبوع، يساوي الدولار الواحد 3.03 دنانير، فيما ارتفع اليورو إلى 3.45 دنانير.

(الأناضول)

المساهمون