إغلاق مضيق "هرمز" أمام الصادرات النفطية .. تهديد إيراني وصمت خليجي

09 يوليو 2018
إيران تهدد بوقف منفذ نفطي أساسي (فرانس برس)
+ الخط -
لوحت إيران نهاية الأسبوع الماضي، بإغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط، رداً على إعلان واشنطن نيتها تقليص صادرات النفط الإيراني إلى صفر، واضعة مهلة أمام الدول والشركات حتى الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لوقف تعاملاتها النفطية مع إيران، وذلك إثر انسحاب أميركا من الاتفاق النووي.

وفي المقابل، التزمت الدول التي تقوم بتصدير نفطها عبر مضيق هرمز، ومنها دول الخليج والعراق، الصمت تجاه التهديدات الإيرانية، وهو ما أثار استغراب الكثير خاصة وأنها المتضرر الأكبر في حال اقدام طهران على تنفيذ تهديداتها.

وبموازاة التهديد الإيراني والصمت الخليجي، مارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطاً على منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، لزيادة إنتاجها النفطي وتعويض النقص الذي سيحدثه غياب الشحنات الإيرانية والفنزويلية.

وتجاوبت السعودية مع هذه الدعوة، مؤكدة أنها مستعدة لسد النقص المتوقع في إمدادات النفط العالمية.

ومع أن احتمال إغلاق إيران المضيق يبدو ضعيفاً، إلا أنه قد يكون السبب في إحداث مشاكل هائلة للمنظومة النفطية الدولية، مع تبعات اقتصادية واسعة. إذ في الوقت الذي قد تفضي هذه الخطوة إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، ستؤدي إلى إلحاق الضرر بدول آسيوية والدول الأوروبية، إضافة إلى الدول الخليجية التي تعتمد على هذا المضيق لتصدير النفط والغاز، وكذلك ستؤدي إلى أزمة كبيرة مع إدارة ترامب.

ويعتبر النفط من أهم موارد إيران المالية، التي تنتج نحو 3.8 ملايين برميل من النفط الخام يوميًا، وتصل صادراتها منه إلى 2.3 مليون برميل يوميًا، كما يعد المصدر الرئيسي للبلدان المطلة على مضيق هرمز ومنها السعودية والعراق والإمارات والكويت.

وهدد الرئيس الإيراني حسن روحاني في الأيام الماضية بمنع مرور شحنات النفط من دول الخليج، إذا حاولت واشنطن وقف الصادرات الإيرانية. وقال إن "منع إيران من تصدير النفط يعني أن كافة دول المنطقة ستكف عن بيع النفط".

كذا أعلن إسماعيل كوثري، القيادي بالحرس الثوري الإيراني، منع مرور شحنات النفط عبر مضيق هرمز، إذا حظرت واشنطن صادرات بلاده منه.

في المقابل، صعّدت الولايات المتحدة الأميركية اللهجة، وأكدت البحرية الأميركية الخميس الماضي أنها مستعدة لضمان حرية الملاحة وتدفق حركة التجارة في المضيق.

ويُعد مضيق هرمز ممراً مائياً استراتيجياً، لا بل هو أهم ممر ملاحي لنقل النفط في العالم، إذ يمر منه نحو خمس استهلاك النفط العالمي يومياً، وثلث الإنتاج النفطي بخاصة من دول الخليج، وهو شريان استراتيجي يربط منتجي الخام في الشرق الأوسط بالأسواق الرئيسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا وأميركا الشمالية وغيرها.

وتعبر مضيق هرمز 20 إلى 30 ناقلة نفط يومياً. ويبلغ عرض المضيق 50 كيلومتراً، وعمق المياه فيه 60 متراً.

وتصدر السعودية 88 في المائة من إنتاجها النفطي عبر هذا المضيق، والعراق 98 في المائة، والإمارات 99 في المائة، ويمر بالمضيق جميع نفط إيران والكويت، كما تستخدم قطر هذا المضيق لتوريد معظم إنتاجها من الغاز المسال، وفق تقرير نشرته "بي بي سي" منذ أيام.

كذلك، تعتبر اليابان أكبر مستورد للنفط عبر مضيق هرمز. وتقول إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن المضيق ممر لحوالي 18.5 مليون برميل في اليوم من النفط.

وتشير تقديرات شركة "فورتيكسا" للتحليلات النفطية إلى أن تدفقات النفط الخام والمتكثف عبر المضيق تقدر بنحو 17.2 مليون برميل في اليوم في عام 2017، وحوالي 17.4 مليون برميل في اليوم في النصف الأول من عام 2018.

وكان المضيق، وفق "رويترز" في قلب التوترات الإقليمية منذ عقود، وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها طهران مثل هذه التهديدات.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية، سعى الجانبان إلى تعطيل صادرات النفط بعضهما إلى بعض عبر هرمز، في ما كان يعرف باسم حرب الناقلات.

وقال الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني، عندما كان رئيساً للبرلمان عام 1983: "يمكننا بواسطة بنادق الكلاشنيكوف إغلاق المضيق"، بحسب تقرير لوكالة "الأناضول".

وفي أوائل عام 2008، قالت الولايات المتحدة إن قوارب إيرانية هددت سفنها الحربية، بعد أن اقتربت من ثلاث سفن تابعة للبحرية الأميركية في المضيق. وفي يونيو/حزيران 2008، قال محمد علي جعفري، القائد الأعلى للحرس الثوري، إن إيران ستفرض ضوابط على الشحن في المضيق إذا تعرضت للهجوم.

وفي عام 2011، أعلن الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، عزم بلاده إغلاق مضيق هرمز، ردا على إعلان الولايات المتحدة عزمها فرض عقوبات على بيع النفط الإيراني. وقتها خرج رئيس القوات البحرية الإيراني، اللواء حبيب الله سياري قائلا: "إن إغلاق مضيق هرمز بالنسبة لنا سهل بمقدار شرب الماء".

وعقب ذلك، أطلقت إيران تدريبات عسكرية في المضيق، تحت شعار "تدريبات إغلاق مضيق هرمز"، حسبما أعلن، حينها، نائب رئيس الحرس الثوري، علي أشرف نوري.

ويشير الخبراء، وفق وكالة الأناضول، إلى أن استمرار الجانب الإيراني في التدريبات والمناوشات مع عناصر البحرية الأميركية، منذ سنوات طويلة، عقب كل توتر في العلاقات بين طهران وواشنطن، ما هو إلا محاولة من إيران لإثبات سيطرتها على مضيق هرمز.

ويحيط بالمضيق من سواحله الشمالية إيران، ومن الجنوب سلطنة عمان، بينما يقع في أضيق منطقة بين خليجي البصرة وعمان، بعرض يبلغ حوالي 50 كيلومتراً، في حين يبلغ عرض الممر الخاص بعبور سفن الشحن الثقيلة نحو 10 كيلومترات.

ويعد المضيق، النقطة الوحيدة التي تنفتح منها صادرات الخليج العربي وإيران من النفط إلى المحيط. واكتسب المضيق أهمية إضافية، عقب فشل تشغيل خط أنابيب النفط السعودي، الذي أُنشأ كبديل لنقل النفط عام 1974، بالدرجة المرجوة.


المساهمون