اتساع مقاطعة بعض المنتجات يقلق حكومة المغرب وشركاته

25 ابريل 2018
المقاطعون يستهدفون الحد من موجة الغلاء (Getty)
+ الخط -
اتسع نطاق الحملة الداعية إلى مقاطعة عدد من السلع في المغرب، ولم تعد تقتصر على الحليب والماء المعدني ومحطات الوقود، لشركات بعينها، بل امتدت إلى سلع وشركات أخرى، وذلك وسط قلق متزايد من الحكومة والشركات.
وأثارت الحملة غير المسبوقة في المملكة، التي تشن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل مقاطعة بعض السلع في المغرب، انتقادا حادا من طرف وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، أول من أمس، حيث اعتبر أن من الضروري دعم الشركات الوطنية، واصفا مطلقي تلك الحملة بـ "المداويخ".

واستلهم الوزير كلمة "مداويخ" من رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، الذي سبق له أن خلع ذلك الوصف على الكتائب الإلكترونية من المؤيدين لحزب العدالة والتنمية، عندما كانت تدافع عن وجهات نظر لا توافق التوجهات العامة للحزب.
وعندما سئل بوسعيد، حول ضرورة هيكلة القطاع غير الرسمي في المغرب من قبل الغرفة الثانية من البرلمان، أجاب بأنه يجب دعم الشركات التي تدفع الضرائب وتوفر العمل.

ولاحظ مراقبون أن وزير الاقتصاد والمالية، لم يختر ذلك الوصف اعتباطاً، فعندما يستعيره من بنكيران، فلأن هناك من يعتقد بأن شباب العدالة والتنمية، يشارك في الحملة التي يرى بوسعيد أنها تستهدف عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني ووزير الزراعة والملياردير المالك لشركة توزيع الوقود "أفريقيا".

ودعت الحملة في بدايتها إلى مقاطعة منتجات ثلاث شركات ممثلة في "أفريقيا" التي توزع الوقود، و"سيدي علي" للمياه المعدنية، و"سنترال ليتيير" التي تنتج الحليب ومشتقاته.

وانتقد أصحاب الحملة شركة "أفريقيا" بسبب الزيادات الأخيرة في أسعار البنزين والسولار، وأخذوا على شركة الحليب ما يعتبرونه ضعفا في جودة منتجاتها، واستهدفوا سيدي علي بسبب سعر منتجه المرتفع مقارنة بمياه شركات منافسة.
واعتبر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك (مستقلة)، بوعزة الخراطي، في حديثه لـ "العربي الجديد" أن من يقف وراء الحملة غير معلوم، مؤكدا أنه يتوجب عند الانخراط في مثل هذه الدعوات، التعبير عن ذلك عبر بيان رسمي.

ودأبت الجامعة التي يترأسها الخراطي، على الدعوة إلى التحقق من حقيقة الأسعار في العديد من القطاعات، خاصة الوقود، محملة المسؤولية للحكومة، التي يفترض فيها العمل على سيادة نوع من التنافس الشفاف بعيدا عن الاتفاقات بين المنتجين.
ويشار إلى 38.3 % من الأسر صرّحت، حسب بحث للمندوبية السامية للتخطيط الحكومية، بتدهور مستواها المعيشي في الاثني عشر شهرا الأخيرة، فيما أكدت 32 % من الأسر تحسنه.

وتوقعت 24 % من الأسر، حسب البحث الذي نشر منتصف الأسبوع الجاري، تدهور مستواها المعيشي في الاثني عشر شهرا المقبلة، فيما تترقب 40.7 % الأسر تحسنه و35.2 % استقراره.




الحملة أطلقت في 20 إبريل/ نيسان الجاري عبر صفحتين على "فيسبوك"، استهدفت في البداية جودة الحليب، قبل أن تتوسع الحملة وتشمل "أفريقيا" و"سيدي علي"، غير أنها لم تغفل خلال الأيام الأخيرة ماركات أخرى منتجة للحليب وسلعاً أخرى مثل القهوة والشاي وزيوت المائدة.

وجرى التركيز أكثر خلال الحملة على وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، ومريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والتي تملك عائلتها مجموعة "أولماركوم" المالكة لشركة المياه المعدنية "سيدي علي"، كما جرى التركيز على "سانترا ليتيير" العائدة لـ"جيرفي دانون".

واختلفت المبررات التي سيقت من أجل الدعوة للمقاطعة، بين من يعتبر تلك الماركات رمزا لليبرالية الاقتصادية المتوحشة، والسعي للربح بدون حدود من قبل مالكي رأس المال، بالإضافة إلى اتهامها بالزيادة في الأسعار مؤخرا.
وروّج بعضهم أن تعاونية الحليب "كوباك" التي تعتبر ثاني منتج للحليب بعد "سانترال ليتيير"، أيدت "الحراك الشعبي" الداعي للمقاطعة، وقررت خفض سعر حليب "جودة"، وهو ما نفاه مسؤول في الشركة، رفض ذكر اسمه، رداً على اتصال هاتفي من "العربي الجديد" معتبرا أن هامش الربح في الحليب ضئيل، وبالتالي يصعب تخفيض أسعاره عن المستوى الحالي.

وتصدى بعض العاملين في القطاع للدفاع عن الشركات التي تستهدفها المقاطعة، حيث اعتبروا أنها توفر الآلاف من فرص الشغل، ومنهم من ذهب إلى أن الدولة تحصل على 45% رسم الضريبة على استهلاك الوقود، وتساءلوا حول الهدف من الدعوة لمقاطعة شركات بعينها، بينما تعتمد الشركات المنافسة لها نفس الأسعار أو تقدم نفس نوع المنتج دون أن يأتي ذكرها في الحملة.

وعلى الرغم من تداول أنباء تشير إلى أن الشركات والماركات المعنية بالحملة لم تتأثر ماليا حتى الآن بالحملة، إلا أن مصادر تشير إلى قلقها على صورتها في ظل توسع حملة المقاطعة وزيادة قنوات الانتقادات الموجهة إليها، والتي تأتي عبر الوسائل الأكثر انتشاراً بين الشباب في البلاد، وهي التواصل الاجتماعي.