السودان... تجدد أزمة السيولة رغم الوعود الحكومية بالتدخل

13 نوفمبر 2018
المصارف تحمل البنك المركزي مسؤولية أزمة السيولة(فرانس برس)
+ الخط -

 

تجددت أزمة السيولة في السودان، وشكا مواطنون من صعوبة الحصول على النقود عبر السحب من الصرافات الآلية أو نوافذ البنوك، ما دعا رئيس الوزراء معتز موسى إلى التأكيد في وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، على إيجاد حلول جديدة لإنهاء الأزمة.

وقال رئيس الوزراء في تغريدة له في موقع التواصل الاجتماعي تويتر في الخامس من الشهر الجاري، إنه اتفق مع بنك السودان المركزي على أن يتولى تشغيل الصرافات الخاصة لأي بنك يعجز عن تشغيل 85% من صرافاته الآلية.

وأعاد المشهد للأذهان خروج الصرافات الآلية عن العمل في الشهور الماضية بسبب أزمة شح السيولة. ورصدت جولة لـ"العربي الجديد" في الخرطوم خلال الأيام الأخيرة عودة الازدحام مرة أخرى في البنوك والصرافات الآلية لصرف النقود من الحسابات، لتزداد حدة التوتر أمام الكثير من الصرافات الآلية التي بدورها تعلق على الطلبات "بعدم صحة الرقم" أو "لا يمكنك التواصل لعطل فني" أو "الصراف الآلي خارج الخدمة حاليا".

وأعلنت الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن توالي طباعة أوراق نقدية خارج السودان، ستصل في أربع شحنات حتى الثامن عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، بعد وصول أولى الشحنات في الحادي عشر من الشهر الماضي، إلا أنها لم تكشف عن الكميات المطبوعة.

وقال موظف في إحدى المؤسسات الحكومية إنه ظل على مدى ثلاثة أيام يجوب الخرطوم بحثا عن صراف آلي ليستفيد من أمواله دون جدوى، مضيفا: "تفرغت تماما للبحث عن الكاش ما أدى إلى عدم ذهابي للعمل". وأشار إلى أن الكثير من الموظفين تركوا أعمالهم وأصبحوا يبحثون عن النقود دون نجاح.

وشكك خبراء اقتصاد في مصداقية التصريحات الحكومية التي تعد بين الحين والأخر بإنهاء أزمة السيولة، ومد البنوك بالأموال اللازمة يومياً.

وقال التجاني الطيب الخبير الاقتصادي في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة لم تخبر الناس بماهية مشكلة السيولة، فهي تعلم جيدا بوجود مشكلة في النقد واحتياطات البنك المركزي ولا تتصرف في اتجاه الحل، ما يعني عدم الجدية في التعامل مع الأزمة"، مضيفا: "في اعتقادي إذا كانت الحكومة حريصة على الحل يمكن الوصول إليه خلال شهرين فقط".

وكان رئيس الوزراء، معتز موسى، قد أعلن في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي عن معالجة مشكلة السيولة في غضون 7 إلى 10 أسابيع.

لكن الخبير الاقتصادي السوداني، قال إن البنوك تعاني من التعثر ولا تملك احتياطات في البنك المركزي، مشيرا إلى أن الكثير من الأموال خرجت من البنوك ولم تعد، وما يؤشر على ذلك ما يعرف بحملة القطط السمان التي استهدفت أشخاصا متورطين بالفساد وحصلت فيها تسويات مالية مؤخرا.

وأضاف: "هناك كثيرون أخذوا قروش البنوك ولم يرجعوها، بجانب الإجراءات الحكومية لتقليص الطلب على الدولار، ما ادى إلى أزمة سيولة حقيقية".

وكانت الحكومة، قد نفذت مطلع فبراير/ شباط الماضي إجراءات غير معلنة بتحجيم السيولة لدى المواطنين، تجنباً لإيقاف تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار، شملت تحديد سقوف لسحب الودائع المصرفية وتجفيف أجهزة الصرافة الآلية.

لكن خالد الفويل الخبير المصرفي صرح لـ"العربي الجديد"، بأن إجراءات الحكومة لمعالجة أزمة السيولة تحتاج لمزيد من الوقت، مشيرا إلى أن التحسن يكون تدريجيا وحل مشكلة تراجع العملة ومعالجة أي اختلال لضمان عدم العودة للوضع السابق. ورهن نجاح البنوك في تلبية طلبات العملاء باستعادة ثقتهم مجددا وجذب المدخرات.

وكان رئيس الوزراء، وجه قبل نحو أسبوعين بمعاقبة البنوك التجارية الممتنعة عن تغذية الصرافات الآلية لأكثر من 24 ساعة بفرض عقوبات مالية، وهو السؤال الذي يؤكد بجلاء مواجهة سياسات الحكومة لعقبات حالت دون تمكنها من تنفيذ تعهداتها بمد البنوك بالأموال، وإلا لما عجزت عن تغذية الصرافات الآلية، وفق محللين.

وطالب مسؤول بأحد البنوك التجارية، بنك السودان المركزي، باستمرار توفير السيولة للبنوك حتى تتمكن من تغذية الصرافات الآلية البالغة 1540 صرافا آليا.

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن" البنوك التجارية غير مسؤولة عن الخلل الحالي، فورود أي مبلغ للبنك يعني تلقائيا تمكين العميل من الحصول عليه سواء عبر منافذ البنك وفروعه أو عبر الصرافات الآلية، وأما العجز فيرجع إلى عدم مد البنك المركزي للبنوك بالمال".

وشهد الشهر الماضي قيام البنوك البالغ عددها 40 مصرفا بتغذية الصرافات الآلية بمبلغ 22 مليار جنيه (463 مليون دولار)، مما أدى لتشغيل 84% من الصرافات الآلية الموجودة بالخرطوم وتواصل عملها دون انقطاع، ولكن ذلك لم ينه مشكلة شح السيولة حيث ما تزال البنوك تصرف للعميل مبلغ ألفي جنيه (42.1 دولارا) حال كان حسابه بنفس الفرع، وألف جنيه للحسابات بفروع أخرى.

المساهمون