محاربة الحمائية... مجموعة العشرين تفرض قرارها رغم تعنت ترامب

08 يوليو 2017
خلال التظاهرة في هامبورغ ضد قمة العشرين(كريستوف ستاش/فرانس برس)
+ الخط -






شهدت مدينة هامبورغ الألمانية توتراً شديداً اليوم السبت وأمس الجمعة. داخل قمة مجموعة العشرين تصارع زعماء الاقتصادات الكبرى على قضايا التجارة والمناخ. ترامب تمسك بسياسته "أميركا أولاً"، رافعاً الحمائية في وجه الاتفاقات الثنائية وقوانين التجارة الحرة الدولية.

في المقابل تكتلت الدول الأوروبية برئاسة ألمانيا والآسيوية بزعامة الصين في جبهة رافضة للحمائية وداعمة لمبادئ الاقتصاد الحر التي حكمت العالم لسنوات طويلة.

ونجح التكتل بفرض "رفض الحمائية" في البيان الختامي، وألحقها بعبارة "إمكانية دفاع الدول عن نفسها تجارياً في حال وقوع ممارسات غير قانونية"، بالرغم من أن هذا المبدأ منصوص عنه في قوانين منظمة التجارة العالمية وكذلك في غالبية الاتفاقات الثنائية والجماعية المعقودة بين الدول، وفق تأكيدات المحللين والمتابعين لهذا الملف...

إلا أن التظاهرات خارج قمة المجموعة، لم تكن أقل سخونة. تحت عنوان "أهلاً بكم في الجحيم"، تداعى الآلاف من ألمانيا وخارجها، في تحرك رافض للسياسات الاقتصادية لمجموعة العشرين التي يعتبرونها منحازة للاقتصادات الثرية على حساب الفقيرة. وقد أدى هذا التحرك الصاخب إلى سقوط أكثر من 216 جريحاً من عناصر الشرطة، وعشرات المعتقلين من بين المتظاهرين، إضافة إلى أعمال الشغب التي تخللت التحرك، ما دفع شرطة هامبورغ للإعلان عبر تغريدة على تويتر أن "الوضع خطير جداً".

التنازل مقابل التعديل
وعلى الرغم من أن اجتماعات السبت كانت مخصصة لقضايا أفريقيا وأزمة الهجرة، فإن ممثلي الرؤساء اهتموا بمسائل أخرى، أجروا مفاوضات بشأنها طوال الليل. وانصبّ الاهتمام على مسألتين، هما المناخ لمعرفة مدى تأثير إعلان الولايات المتحدة انسحابها من اتفاقية باريس، والتجارة الحرة مقابل الحمائية.

هكذا، خرج البيان الختامي لمجموعة العشرين، برفض الحمائية، وسط تحفظ الولايات المتحدة على المصطلح، لتحصل مقابل تغيير موقفها هذا على حق استخدام "أدوات مشروعة للدفاع التجاري". ما اعتبر عودة إلى التقليد السائد لدى قمة مجموعة العشرين التي كانت تكرر شعار محاربة الحمائية في بياناتها. وأبدت الولايات المتحدة تردداً واضحاً في السير بهذا الشعار، وكانت رفضت القيام بذلك خلال اجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين في آذار/مارس قبل أن ترضى في قمة مجموعة السبع في أيار/مايو مع فارق واضح مهم هو أن الصين العملاق التجاري الذي يثير قلق الولايات المتحدة ليست عضواً في مجموعة السبع.

وهذا التعديل الذي ساهم في تناول ترامب عن موقفه الداعم للحمائية، لا يتعلق بتغيير في المشهد الاقتصادي العالمي وفق ما حددته الدول الأقوى في العالم وإنما في التوصل إلى "أرضية توافق ضمن النظام القائم"، وفق تعبير مسؤول أوروبي في حديثه مع "رويترز". وهذه المرة الأولى في تاريخ مجموعة العشرين التي يتم فيها ذكر أدوات الدفاع عن المصلحة التجارية.

ولن يكون ترامب المستفيد الوحيد من هذه الصيغة إذ ترغب عدة دول أوروبية خصوصاً في أن يكون لديها في المستقبل وسائل دفاعية أكثر فعالية إزاء ممارسات الإغراق التي تقوم بها بعض الدول وفي مقدمتها الصين. فقد دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حملته الانتخابية إلى "أوروبا تحمي" مواطنيها.

وحول المناخ، أشار البيان إلى انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس والتأكيد على أن كل الدول الأخرى تعتبر هذه الاتفاقية الدولية لمكافحة ارتفاع حرارة الأرض "لا يمكن العودة عنها". وذلك، وسط خلاف أيضاً حول إصرار ترامب على الإشارة إلى الوقود الأحفوري في البيان الختامي.

تحركات صاخبة

وشهد اليوم السبت أكبر تظاهرة لمعارضي مجموعة العشرين في اليوم الأخير من قمة رافقتها صدامات يومية شبه متواصلة بين الشرطة والمحتجين. ونفذ هؤلاء المعارضون بعضا من وعدهم بتحويل هامبورغ إلى "جحيم"، من إحراق سيارات إلى إقامة حواجز أدت إلى تأخير الوفود بينما اضطرت زوجة الرئيس الأميركي ميلانيا ترامب لإلغاء جزء من برنامج زيارتها. وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أن هذه التظاهرات التي أدت إلى سقوط أكثر من 216 جريحا من رجال الشرطة "غير مقبولة". وستواجه انتقادات في ألمانيا حيث يتهمها البعض بإعطاء صورة سيئة عن بلدها خلال القمة.

وقد تجمع الآلاف في هامبورغ احتجاجاً على القمة. وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن الشرطة استخدمت مدفع مياه في محاولة منها لتفريق المحتجين الذين قالت السلطات إن بعضهم كانوا يلوحون بقضبان فولاذية ويطلقون المقذوفات على رجال الشرطة.
وكانت الأعداد الكبيرة المنتشرة من رجال الشرطة تقف على مقربة من ألسنة النيران التي ارتفعت إلى عدة أمتار في الهواء.

وقالت الشرطة إن 6 آلاف شخص كانوا جزءاً من محاولة اختراق لمنطقة يحظر التظاهر بها فرضتها الشرطة، حيث شارك في هذه انمحاولة ما لا يقل عن ألف شخص.
(العربي الجديد)


المساهمون