تونس: عقبات تواجه التوسع في تصدير الألبان

06 يوليو 2017
تونس حققت الاكتفاء الذاتي من الألبان (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -





كشفت دراسة حديثة عن عقبات تواجه قطاع الألبان التونسي أمام التوسع في التصدير للأسواق الأجنبية، أبرزها ضعف الجودة التي تعود إلى ظروف نقل وتخزين الألبان على مستوى مناطق الإنتاج ما يؤثر سلباً عليها قبل وصولها إلى وحدات التصنيع، حسب الدراسة المشتركة بين تونس وفرنسا.

وتولي تونس منظومة الألبان اهتماماً كبيراً منذ سنوات بعد أن تمكنت من تحقيق اكتفائها الذاتي وتصدير فوائض الإنتاج نحو القطر الليبي، الأمر الذي شجع المستثمرين في هذا المجال على فتح وحدات تصنيع جديدة في العديد من المحافظات.

دعت الدراسة إلى إعداد مخطط عمل يرمي إلى التطوير الفني والاقتصادي لقطاع الألبان. كما شدّدت على ضرورة إرساء شبكة من الأطباء البيطريين والفنيين من قبل ديوان تربية الماشية التابع لوزارة الزراعة من أجل الاعتناء بجوانب الغذاء والنظافة وتعقيم الماشية إلى جانب تأمين تكوين في مجال استعمال وصيانة تجهيزات التبريد ومعالجتها والالتزام بسلسلة التبريد وذلك بهدف تحسين جودة الحليب.

ويعاني مربو المواشي ومنتجو الحليب في تونس من تذبذب في وتيرة الإنتاج نتيجة الظروف الصعبة التي يعاني منها قطاع تربية الماشية، ولا سيما على مستوى التغذية غير المتوازنة، بسبب محدودية التزويد من الأعلاف وما ينتج عنها من مشاكل عضوية.

ويرى عضو غرفة مصنعي الألبان علي الكلايبي، أن تونس قطعت أشواطاً مهمة في تطوير إنتاج وصناعة الألبان ومشتقاتها، غير أنها لم تبلغ بعد مستوى الدول المحيطة بها شمال المتوسط، وهو ما يجعل آفاق التصدير محدودة.

وقال الكلايبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن غياب الاستراتيجية الحكومية لتأهيل ودعم قطاع تربية الماشية وتركيز وحدات تجميع وتبريد على مستوى القرى والمدن يضعف من رغبة المستثمرين في إنشاء وحدات تصنيع جديدة رغم الأفق الرحب للتصدير في هذا القطاع، وهو ما يحرم الاقتصاد من تنمية هذا الفرع الزراعي المهم.

وبسبب ضعف جودة الحليب المجمع من قبل المزارعين، تعمد وحدات التصنيع في أحيان كثيرة إلى رفض كميات كبيرة من الألبان تسكب في الأودية والطرقات في ظل محدودية طاقة تخزين فائض الإنتاج وفرض الحكومة قيودا كبيرة على التصدير خوفا من اضطراب التزويد في السوق المحلية.

وحسب تقارير رسمية، يبلغ عمر التجربة التونسية في قطاع الألبان أكثر من 20 سنة، وتميزت بآلية تقوم على توفير احتياجات السوق المحلية في حدود 50 مليون لتر سنويا وتصدير 12 مليون لتر من فوائض الإنتاج، فضلا عن تجفيف نحو 26 مليون لتر، حسب أرقام المجمع المهني المشترك للحوم والألبان لسنة 2016 (مؤسسة حكومية).

وحسب بيانات رسمية، يعمل في القطاع 112 ألف فلاح منتج للحليب يرعون قطيعا يضـم 450 ألف رأس ماشية، وينتجون حوالي مليار و300 مليون لتر حليب في السنة، وسيكون الإنتاج في حدود مليار و400 مليون لتـر سنة 2017، ويُشغّل القطاع حوالي 150 ألف شخص، بحجم مبيعات سنوياً ما بين 1500 و2000 مليون دينار، أي ما بين 625 مليونا و833 مليون دولار.

ويصف المسؤول بالمجمع المهني للحوم الحمراء والألبان، كمال الرجايبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، منظومة الألبان في تونس بالهشة لعدم اكتمال تأهيل حلقات الإنتاج، مشيرا إلى أن البلدان التي تمكنت من تطوير هذه المنظومة قامت بتأهيل كل حلقات الإنتاج، بداية من تربية الماشية وصولا إلى التخزين والتبريد ثم التصنيع، فيما لا تزال هذه الحلقات في تونس تشكو بعض القصور، وفق قوله.
وقال الرجايبي إن غياب التمويلات الكافية لتحسين جودة الإنتاج لن يسمح لتونس بتجاوز المستوى الحالي في تطوير منظومة الألبان، مشيرا إلى أن أكثر من 80% من المنتجين هم من صغار المزارعين الذين لا تتجاوز قطعانهم 10 أبقار، وهو ما يفسر عدم قدرتهم على تحسين جودة الإنتاج واقتناء الآلات العصرية للحليب والتخزين.

ويواجه منتجو الحليب صعوبات كبيرة في تسويق منتجاتهم بسبب رفض مراكز التجميع ووحدات التصنيع قبول الكميات التي تفوق حاجة السوق المحلية، وهو ما جعل المنظمات المهنية تطالب الحكومة بمراجعة سياساتها التصديرية في هذا المجال، والاستغناء عن التراخيص المسبقة، مقابل التزام المصنعين بتوفير الاكتفاء الذاتي للسوق الداخلية من الحليب.
وتطالب كل من منظمة الفلاحين وغرفة مصنعي الألبان بتحرير القطاع وتفويض سياسة التصرف في مخزونات الحليب للمصنّعين وتحرير القطاع كلياً، معتبرتين أن قانون السوق لم يعد يسمح للدولة بوضع يدها على منظومات الإنتاج.
ويقوم المخطط الحكومي في هذا المجال على تحسين المواصفات التونسية للحليب طبقا للمؤشرات المرجعية لجودة الحليب بأحواض إنتاج الألبان، وذلك من خلال إنجاز مشروع تأهيل الضيعات (المناطق) المنتجة للحليب والمتمثل في تركيز التبريد على مستوى الضيعة ودعم مراكز التجميع المنخرطة في هذا البرنامج بمنحة خصوصيّة.

دلالات
المساهمون