وزير المالية التونسي يعلنها أزمة: الخزينة مفلسة ولا رواتب للموظفين بلا اقتراض

29 يوليو 2017
الوزير عبد الكافي يكشف عن أزمة اقتصادية (الأناضول)
+ الخط -
صعدت أسهم وزير المالية التونسي بالنيابة، فاضل عبد الكافي، بشكل لافت شعبياً في اليومين الأخيرين، بعد شهادته العفوية في جلسة عامة بالبرلمان التونسي.

وتداول التونسيون بشكل لافت مقطع الفيديو الذي يصوّر وقائع الجلسة وردّ الوزير على منتقديه من المعارضة التونسية، ليكشف عن واقع الوضع الاقتصادي الصعب بلهجة يفهمها الجميع، وإطلاق صفارة الإنذار بعجز الدولة عن دفع رواتب الموظفين في الشهرين المقبلين إذا لم يتم الموافقة على قرض جديد.

وبالرغم من أن ما كشفه الوزير عن إفلاس خزينة الدولة وإدارة الحكومة لموازنتها يوما بيوم، تسببت في مخاوف حقيقية لكل من تابعه، إلا أن التونسيين أعجبوا بلهجة الصراحة حيث لم يلجأ مسؤول لما يسميه التونسيون "اللغة الخشبية"، وكشف كل تفاصيل الوضع الاقتصادي، معلنا عن استعداده للاستقالة من وزارة المالية بالنيابة، أو من وزارة الاستثمار، والخروج من الحكومة إذا أراد رئيسها، يوسف الشاهد ذلك.

ودفاعا عن موظفيه، قال عبد الكافي خلال الجلسة العامة "فيما يعمل الموظفون والوزراء باسم تونس للتفاوض وجلب الاستثمارات يتفرّغ بعض النوّاب لشتمهم وهتك أعراضهم مباشرة في التلفاز وأمام عائلاتهم وأبنائهم …  أسهل شيء هو قلّة الحياء".

واستغرب عبد الكافي من اتهام بعض النواب للوزراء بالتحيّل والفساد ومحاولة رهن تونس والتشكيك في وطينتهم، قائلا "بعض النواب العاجزين عن تحقيق مصلحة تونس عليهم الصمت على الأقل".

غير أن هذه الصراحة غير المعهودة التي رفّعت من أسهم الوزير الهادئ إلى حد الآن، أثارت في نفس الوقت جدلا سياسيا تلقفته المعارضة سريعا.

حيث اعتبر رئيس حزب مشروع تونس، محسن مرزوق، أن الدولة أصبحت تشتغل يوما بيوم وتقترض في شهر يوليو/ تموز للدفع عن أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول، وهي وضعية خطيرة جدا.

واعتبر مرزوق أنه ينبغي مصارحة الشعب بالحقيقة ووضع وتنفيذ مخطط إنقاذ مهما كان صعبا ومؤلمًا أساسه محاربة الفساد بشكل شامل وليس انتقائيا، وتطبيق القانون في الجباية مثلا وتقاسم التضحيات بعدالة، ولكن هذا يستوجب أن يبتعد المسؤولون عن هذه الوضعية الذين أساؤوا استعمال السلطة من سنة 2012 حتى اليوم.

وللتذكير، فقد تمت إقالة وزيرة المالية السابقة، لمياء الزريبي، بعد أيام من تصريحات قالت فيها إن البنك المركزي التونسي سيقلص تدخلاته في ضخ العملة الأجنبية بالسوق، مما سيخفض قيمة الدينار، الأمر الذي تسبب بحسب البعض في هبوط للدينار التونسي أمام اليورو والدولار.

وكشف عبد الكافي أن السيولة المالية للدولة التونسية أصبحت ضئيلة ويجب الموافقة على اتفاقية قرض مبرمة مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 500 مليون يورو، لأنه يأتي مباشرة لدعم ميزانية الدولة وحتى تتمكن الدولة من خلاص أجور الشهرين المقبلين، بسبب ارتفاع كتلة الأجور إلى 15 مليار دينار بعد أن كانت في حدود 6.7 مليارات دينار.

وشدد عبد الكافي على أن تونس لم تعد قادرة على التصدي لالتزاماتها المتعددة إلا عن طريق الاقتراض.

وفيما يتوقع ملاحظون أن يلقى الوزير بالنيابة نفس مصير زميلته السابقة بسبب تصريحاتها، اعتبر آخرون أن جرعة هذه الصراحة الزائدة وهذا الإعجاب الشعبي قد يعجلان برحيله.

وفي المقابل يعتبر مراقبون أن الحقيقة غير ذلك، إذ أن الحكومة بحاجة إلى وزراء قادرين على الدفاع عنها أمام معارضة شرسة تتصيّد كل حركاتها، وهو ما نجح فيه عبد الكافي كما يبدو.

المساهمون