التأمينات في السعودية تنفي الإفلاس وتؤكد صعوبة تدبيرالمعاشات للأجيال القادمة

20 يوليو 2017
مخاطر إفلاس مؤسسة التأمينات الاجتماعية (Getty)
+ الخط -




نفت مؤسسات التأمينات الاجتماعية السعودية تعرضها لخطر الإفلاس أو عدم القدرة على سداد مستحقات التأمينات والمعاشات في القريب العاجل، وإن أكدت أنها تواجه تحديات مالية، تتمثل في عدم إمكانيتها تأمين المعاشات والوفاء بالالتزمات المالية الخاصة، بالجيل القادم.

وبحسب بيان صادر عن المؤسسة، فإن معدل نمو المعاشات والمنافع الحالية، التي تصرف للمستفيدين أعلى من معدل نمو دخل الاشتراكات.

وتواجه مؤسسة التأمينات الاجتماعية العديد من المشاكل المالية، رغم ارتفاع أصولها المالية، والتي تناهز 540 مليار ريال "ما يعادل 142.4 مليار دولار"، إلا أن بعض الخبراء، يؤكدون أن المشاكل الرئيسية التي تواجه المؤسسة، لا تتعلق بالإيرادات المالية، بل المشكلة في كيفية إدارة هذه الإيرادات المالية. 

ونهاية العام 2015 كشف تقرير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن أن العجز الاكتواري للفترة من عام 1434 هـ إلى عام 1494 يقدر بنحو 121 مليار ريال، وهو ما يمثل 30% من قيمة موجودات المؤسسة، ولا تتوافر أرقام حديثة حول حجم العجز لدى المؤسسة.

وكانت صحف سعودية محلية، قد أكدت في تقارير حديثة، أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية، مهددة بالإفلاس، وهو ما نفته المؤسسة، وأعلنت أنها مستمرة بصرف المعاشات والمنافع التأمينية.

وحسب بيان المؤسسة فإن حجم نمو الالتزامات المستقبلية يتفوق على نمو الموجودات، وأن الاستمرار بهذا الوضع للصندوق مع التغيرات الديموغرافية للسكان وارتفاع معدل الحياة ينذر بمستقبل قادم قد يقود إلى عدم قدرة المؤسسة على الاستمرار بصرف المعاشات والمنافع التأمينية للأجيال القادمة، وهو التحذير الذي تشير إليه الدراسات الاكتوارية التي تعدها المؤسسة بشكل دوري.

وبخصوص نسب الاشتراك، أوضحت المؤسسة، أنها تختلف حسب اختلاف طبيعة التغطية التأمينية، ففي المعاشات تبلغ نسبة الاشتراك على المشترك 9% وعلى صاحب العمل 9%، وفي الأخطار المهنية تبلغ 2% مدفوعة بالكامل من قبل صاحب العمل، وفي التعطل تبلغ 1% على المشترك و1% على صاحب العمل.

أما بخصوص تقديم المؤسسة لخدمات التأمين الصحي للمتقاعدين من القطاع الخاص، بينت المؤسسة أنها مطالبة عبر نظامها بالتأمين على معاشات التقاعد والأخطار المهنية والتعطل عن العمل فقط لا غير، وإضافة أي منافع تأمينية أخرى مثل خدمات التأمين الصحي تتطلب وجود مصادر تمويل إضافية لتمكين المؤسسة من تقديمها.

التقاعد المبكر

وحسب مصادر داخل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فإنه جارٍ البحث عن إيرادات مالية، فقد رفعت قيمة الاشتراكات الشهرية، من 9% إلى نحو 14% من إجمالي الراتب الشهري، مع وقف التقاعد المبكر، الذي يتيح للموظف الذي أمضى 25 عاماً في الوظيفة، التقاعد.
وكشف مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للشؤون التأمينية، عبد العزيز الهبدان، في تصريحات صحافية سابقة، عن أن المؤسسة تريد أن تعيد النظر في التقاعد المبكر، كونه يشكل عبئاً مالياً على نظام التأمينات، مشيراً إلى أن التقاعد المبكر يشكل عبئاً مالياً على نظام التأمينات، خاصةً أن هذا النظام خارج على مبادئ التأمين الاجتماعي الموجه للفرد البالغ سناً لا يستطيع العطاء فيه.

وأعلنت المؤسسة، في وقت سابق هذا العام، عدم تمكنها من تسديد معاشات التقاعد المبكر، مطالبة الدولة بتأمين موارد مالية، وقالت في بيان لها خلال شهر أبريل/ نيسان، إن التقاعد المبكر يستنزف 63% من إجمالي المعاشات التي تدفعها للمتقاعدين. وطالبت المؤسسة في مناسبات عديدة، دعم ميزانيتها من إيرادات الدولة.

وبحسب الخبراء، فإن إعادة هيكلة نظام التقاعد المبكر، والإعلان دوماً عن عجز في تسديد المعاشات والأجور، من العلامات التي تشير إلى خطر انيهار المؤسسة مستقبلاً.

وكان عبدالله بن محمد العبدالجبار، المتحدث الرسمي باسم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، قال، في وقت سابق، إن معدل نمو المعاشات والمنافع الحالية، التي تصرف للمستفيدين أعلى من معدل نمو دخل الاشتراكات، مضيفاً أن المؤسسة "لا تواجه أي مخاطر مالية حالية، إلا أنه ينبغي الأخذ في الاعتبار المخاطر المستقبلية، والتي تتمثل في ضمان الوفاء بالالتزامات الخاصة بالأجيال القادمة من العملاء".

المصاريف المالية

بحسب تقارير المؤسسة يقارب عدد المشتركين فيها 9.9 ملايين فرد، منهم 1.7 مليون تقريباً سعوديون، و8.2 ملايين وافدون، ويبلغ حجم إيراد الاستقطاع السنوي منهم نحو 24 مليار ريال (6.4 مليارات دولار)، منها 4.2 مليارات ريال (1.13 مليار دولار)، من المواطنين، والباقي من الوافدين الذين يستقطع من رواتبهم 2% لأخطار مهنية.

واستفاد من خدمات المؤسسة طوال 44 عاماً، 23.9 مليون شخص، فيما يبلغ عدد المشتركين على رأس العمل 10 ملايين شخص. وتصرف "التأمينات" حوالى 1.4 بليون ريال شهرياً.

وتوقع تحليل لوكالة ستاندر أند بورز العالمية للتصنيفات الائتمانية، أن يشكل تنامي الشيخوخة السكانية في السعودية ضغطاً على التمويلات العامة والدين الحكومي، خلال العقود الثلاثة المقبلة، في حال عدم إجراء إصلاحات حكومية لاحتواء التكاليف المتصلة بتقدم العمر.
ونتيجةً لذلك، سترتفع نفقات الحكومة، ذات الصلة بتقدم العمر، على المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول العام 2050، مقابل 6% حالياً.

أدوات استثمارية

تستثمر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أموالها، في مجالات عديدة، وتقسم هذه الاستثمارات إلى قسمين، الأول هو استثمارات مالية متمثلة في استثمارات نقدية، وقروض، وسندات، وأسهم حسب عاملين داخل المؤسسة الحكومية.

وتعتبر المؤسسة من كبار المستثمرين في المملكة، إذ تستثمر في غالبية المصارف والشركات وخصوصاً في قطاعات الصناعة والإسمنت والاتصالات، إضافة إلى استثماراتها في شركات عدة في القطاع الصحي، وتستثمر في 48 شركة متداولة أسهمها في سوق الأسهم السعودية، و18 شركة غير متداولة.

أما القسم الآخر فهو الاستثمارات العقارية، وتستثمر المؤسسة في مبان عدة مملوكة بالكامل لها، وبلغ عدد المباني القائمة 17، إضافة إلى مبان أخرى قيد الإنشاء، وتتنوع هذه المباني ما بين مجمعات تجارية وسكنية ومشروعات استثمارية.

آلية عمل المؤسسة

أنشأت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بموجب المرسوم الملكي عام 1969، وهي مؤسسة حكومية لها استقلالها المالي والإداري ويشرف عليها مجلس إدارة مكون من أحد عشر عضواً.

ويعد نظام التأمينات الاجتماعية صورة من صور التعاون والتكافل الاجتماعي التي يقدمها المجتمع لمواطينه ويقوم على رعاية العاملين في القطاع الخاص وكذلك العاملين على بند الأجور في القطاع الحكومي ليوفر لهم ولأسرهم حياة كريمة بعد تركهم العمل بسبب التقاعد أو العجز أو الوفاة وكذلك العناية الطبية للمصابين بإصابات عمل أو أمراض مهنية والتعويضات اللازمة عند حدوث عجز مهني أو وفاة.


(العربي الجديد)


المساهمون