شركات التأمين تعوض خسائرها على حساب التونسيين

10 مايو 2017
تبلغ تعويضات تأمين السيارات 333 مليون دولار سنويا (Getty)
+ الخط -
اختارت شركات التأمين في تونس ترميم خسائرها الناتجة عن حوادث الطرقات عبر رفع رسوم التأمين على مختلف فئات المركبات بنسب تتراوح بين 10 و20%، لتفرض بذلك أسعاراً جديدة في عقود التأمينات، دخلت حيز التنفيذ، منذ أول من أمس الإثنين، بحسب منشور أصدرته وزارة المالية.
وقالت شركات التأمين، إنها ستعمل على حصر الزيادة في الرسوم الإجبارية مع إقرار تخفيضات في الرسوم الاختيارية التي تشمل الحرائق والسرقة وغيرها من الرسوم التي لا يقبل عليها التونسيون عموماً.
وبررت شركات التأمين قرار رفع الرسوم الإجبارية برغبتها في تحقيق توازن في فرع التأمينات الإلزامية للسيارات التي تسجل عجزاً مالياً يقدر بنحو 180%، وذلك عبر الزيادة التدريجية في الأقساط.

وأثار قرار تعديل رسوم تأمينات السيارات استنكار التونسيين ممن اعتبروا أن شركات التأمين تبرر عجزها عن تقديم خدمات جدية ورفع عائداتها بإثقال كاهل عملائها بالزيادات، معبرين عن رفضهم تعويض خسارة الشركات من جيوب المواطنين.
وقال سهيل المناعي، وهو صاحب فرع لشركة تأمينات، إن أغلب الفروع لا تسجل أرباحاً نتيجة ارتفاع التعويضات بسبب كثرة حوادث الطرقات، مشيراً إلى أن كلفة التعويض ارتفعت في السنوات الأخيرة بشكل لافت.
وأضاف سهيل في تصريح لـ "العربي الجديد" أن قرار تعديل فرع الرسوم الإجبارية اُتخذ من قبل وزارة المالية بعد أن سجل تفاقم العجز، مشيراً إلى أن المحافظة على توازن قطاع مالي على غرار التأمينات مهم جداً في تمويل الاقتصاد.

وبالإضافة إلى ارتفاع عدد حوادث الطرقات وتأثيرها على توازنات قطاع التأمين، أكد المناعي أن تجديد أسطول السيارات بنسبة هامة في السنوات الأخيرة أثر على كلفة إصلاح الخسائر أو الأعطاب الناتجة عن الحوادث، مؤكداً أن أسعار مكونات السيارات تتفاقم من يوم إلى آخر نتيجة تقلب سوق الصرف وتراجع قيمة العملة المحلية.
وتقدر خسائر قطاع التأمين في تونس، جراء عمليات الغش والحوادث المفتعلة، وفق بيانات الهيئة العامة للتأمين، بنحو 150 مليون دينار سنوياً (62 مليون دولار).
ويطالب التونسيون إزاء تحملهم لأعباء إضافية في رسوم التأمين، بتحسين نوعية الخدمات المقدمة من قبل الشركات وتقديم حوافز جديدة لمن لا يرتكبون حوادث مرورية، معتبرين أن الرسوم المعتمدة حالياً لا تتوافق مع القدرة الشرائية للتونسيين ولا نوعية الخدمات.

ويقول نوفل بوزيان، وهو صاحب سيارة نقل أجرة، إن الحصول على تعويض يستغرق أشهراً طويلة، في الوقت الذي لا يتحمل فيه أصحاب وسائل النقل العام الانتظار، على اعتبار أن وسائل النقل هي مصادر رزقهم الوحيدة.
ويرى نوفل في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن قضايا التعويض على المسؤولية المدنية تتطلب سنوات للحسم فيها من قبل القضاء، ما يكبد الطرفين (مؤسسة التأمين والمؤمن) تكاليف قضائية كثيرة، محملاً شركات التأمين مسؤولية العجز الذي آلت إليه.
وفي يناير/كانون الثاني 2016 أعلنت شركات التأمين عن تعديل في مختلف الرسوم على السيارات ليكون التعديل الجديد الثاني من نوعه في أقل من سنتين.

وقال رئيس الهيئة العامة للتأمين، حافظ الغربي، في تصريحات سابقة، إن نتائج الدراسة التي أوصى بها البنك الدولي لتطوير القطاع في الفترة المتراوحة بين 2015 إلى 2019، أفضت إلى ضرورة زيادة رسوم بعض أصناف التأمين تدريجياً وخاصة التأمين على العربات، معتبراً أن أوضاع هذا النوع من التأمينات صعبة في الوقت الحالي بسبب حجم التعويضات المالية التي تُصرف لأصحاب السيارات وارتفاع نسبة حوادث المرور.
وبلغت تعويضات تأمين السيارات، وفق بيانات الهيئة العامة للتأمين، أكثر من 800 مليون دينار (333 مليون دولار).

وتقوم العلاقة بين مؤسسات التأمين والعملاء في تونس على عدم الثقة، ففي الوقت الذي تتهم فيه شركات التأمين العملاء بالغش وافتعال الحوادث للحصول على تعويضات، يؤكد العملاء أن أغلب الشركات تماطل في دفع تعويضاتهم، معتبرين أن التعريفات المعتمدة لا تتماشى والخدمات المقدمة.
وإلى جانب زيادة رسوم التأمين، بدأت تونس، منذ بداية العام الجاري، في تطبيق رسم ضريبي إضافي على السيارات الجديدة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المركبات بجميع أصنافها، خاصة بعد زيادة ضريبة القيمة المضافة من 12% إلى 18%.
وأثبتت دراسة حديثة أجراها المعهد الوطني للاستهلاك حول التأمين شملت إقليم تونس الكبرى أن 55% من ساكني إقليم تونس الكبرى غير راضين عن خدمات شركات التأمين، وأكثر من 46% يتوجهون إلى القضاء لفض مشاكلهم مع هذه الشركات.

كما أبرز ت الدراسة ذاتها أن 51.3% من العينة المستجوبة غير راضية عن نوعية الخدمات، وذلك فيما يتعلق أساسا بسرعة الاستجابة لمطالبهم في الآجال المحددة.
وأبدى 84% من المستجوَبين عدم رضاهم عن سرعة صرف التعويضات وقال 58% منهم إنه ليس لديهم الثقة في شركات التأمين.
وشهدت سنوات ما بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011، تراجعاً قياسياً في سعر العملة المحلية رسمياً بتونس، أمام العملتين الرئيسيتين، الدولار الأميركي واليورو الأوروبي.


المساهمون