إيران والإمارات... صفقات بمليارات الدولارات وعلاقات تجارية ضخمة

31 مايو 2017
ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين (Getty)
+ الخط -

أثار إعلان الحكومة الإيرانية أمس عن تسلّمها 4.105 مليارات دولار من مستحقاتها لدى شركة "إينوك" الإماراتية الحكومية، تساؤلاتٍ بشأن طبيعة هذه المتأخرات، وماهيتها التجارية بين طرفين من المفترض ظاهرياً أن بينهما عداءً تاريخياً، لا تسكت أبوظبي عن التذكير به كلما سنحت لها فرصة بأي محفل خليجي أو دولي، خاصة فيما يتعلق بالجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها طهران منذ قرابة خمسة عقود، وتحديداً في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1971. 

ولم تكن هذه المبالغ هي الدفعة الأولى التي تسددها إينوك لطهران، ففي مارس/آذار 2016، أكد رئيس البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف، أن إينوك سددت لهم ثلاثة مليارات دولار من متأخرات عليها -لم يذكر إجماليها- تعود إلى صادرات نفط إيرانية كبيرة تغذي طائرات الإمارات منذ سنوات.


تخفيف أثر العقوبات

وعلى مدار الفترة بين 2011 إلى 2015، ضربت الإمارات بقرارات العقوبات الأميركية التي تحظر شراء النفط الإيراني، عرض الحائط، حيث أبرمت شركة إينوك صفقات شراء طويلة الأمد حصلت بموجبها على مئات الآلاف من براميل النفط الإيراني يومياً.

وبفضل الإمارات، ظلت مبيعات إيران من المكثفات خلال سنوات العقوبات تحقق لها أكبر دخل بعد النفط الخام والمنتجات المكررة، حيث كانت دبي هي أكبر مشترٍ يليها مشترون من آسيا منهم الصين الحليف السياسي المهم لإيران.

وعلى الرغم من وجود البديل السعودي، على اعتبار أن السعودية هي أكبر منتج في العالم للمكثفات التي تشتريها الإمارات من إيران، لم تتخلَّ الإمارات عن الخامات الإيرانية، بل رفعت الكميات التي تستوردها من إيران بنحو 20% دفعة واحدة في العام الأول للعقوبات (2012)، حيث سجلت واردات إينوك من النفط الإيراني نحو 127 ألف برميل يومياً في المتوسط، وفق ما نقلته "رويترز" عن مصادر مسؤولة آنذاك.

ولم تفلح الضغوط الأميركية في إثناء الإمارات عن شراء الخام الإيراني، حتى أن الجيش الأميركي رفض في سبتمبر/أيلول 2013 تجديد أي من عقوده في الإمارات مع إينوك لتموين الطائرات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها عند إعادة تزويدها بالوقود في دبي، بسبب إصرار الإمارات على شراء الخام الإيراني. وتستخدم القوات الأميركية والحليفة في الشرق الأوسط قاعدة المنهاد الجوية قرب دبي.

العلاقات التجارية الإماراتية- الإيرانية (getty) 


واشتكت دول خليجية، خاصة السعودية العدو الإقليمي الأول لإيران، على مدار سنوات العقوبات من موقف الإمارات الذي حال دون تطويق طهران مالياً بأن وفر لها منفذاً رائعاً لبيع إمدادات النفط الخام الذي يغذي خزانتها العامة، بما في ذلك أنشطتها العسكرية في سورية واليمن والعراق ولبنان.

أيضاً تجاوزت الإمارات في سبيل إتمام تجارتها مع إيران، فكرة التضييق المالي العالمي على التحويلات المصرفية لإيران، فانتهجت أسلوب مقايضة السلع، أي النفط مقابل أي سلع تطلبها إيران.


منفذ للصادرات والواردات

ومع تضييق الخناق دولياً على إيران تماشياً مع العقوبات التي جرى تشديدها في 2012، قبل أن يتم العدول عنها في 2015، تحولت دبي إلى منفذ رئيس لتجارة إيران الخارجية سواء الواردات أو الصادرات، بفضل ميناء جبل علي.

ومن حيث تحتسب، صبّت العقوبات على إيران في مصلحة دبي التي تعتمد في بنيتها التحتية التجارية على تقديم خدمات الترانزيت والخدمات النقدية والنقلية، وتلعب دور وسيط في تصدير السلع لأنحاء العالم، حيث أصبحت إيران –مع العقوبات- في وضع لا يمكنها أن تكون منفتحة بشكل طبيعي مع دول العالم، ولذلك استفادت دبي أكثر مما استفادت إيران، بل استقر كثير من الرأسمال الإيراني خلال فترة العقوبات في دبي بغرض الاستثمار، ما رفع عدد الشركات الإيرانية في الإمارات من 8 آلاف شركة عام 2013، إلى نحو 10 آلاف شركة العام الماضي 2016.

وكثيراً ما أشارت تقارير رسمية أميركية، إلى أن الكثير من الشركات العاملة في تجارة إعادة التصدير في دبي، كانت ممراً رئيسياً لعبور بعض المكونات ثنائية الاستخدام المدني-العسكري التي أسهمت في تمكين إيران من مواصلة تطوير برنامجها النووي، في تلميحات صريحة على أن التعاون بين الإمارات وإيران تجاوز في بعض مراحله الحدود التجارية.

تجارة مزدهرة

لم تمنع التجاذبات السياسية بين الإمارات وإيران بسبب الجزر الثلاث (طنب الصغرى - طنب الكبرى – أبو موسى) الواقعة في مضيق هرمز، عند مدخل الخليج، والتي سيطرت عليها إيران عام 1971 مع انسحاب القوات البريطانية من المنطقة واستقلال الإمارات، من تنامي العلاقات التجارية بين البلدين.

وتشير تقديرات شبه رسمية، إلى أن عدد الإيرانيين الذين يعيشون في الإمارات يقترب من نصف مليون شخص، بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال الذين ينشطون بشكل رئيس في قطاعات المواد الغذائية والمواد الخام والحديد والفولاذ والإلكترونيات والإطارات والمعدات المنزلية وغيرها من المواد.

وقال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري، في تصريحات في يونيو/حزيران 2015، إن حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين بلاده وإيران بلغ نحو 17 مليار دولار في عام 2014، فيما قُدّر حجم هذا التبادل التجاري بين البلدين بنحو 15.7 مليار دولار في عام 2013 و17.8 مليار دولار في عام 2012، و23 مليار دولار في عام 2011 و20 مليار دولار في عام 2010.

ودائماً ما تؤكد الإمارات خلال لقاءاتها الرسمية مع طهران على رغبتها الجامحة في مضاعفة حجم التبادل التجاري أياً كان رقمه، ولم تكشف الإمارات بيانات حديثة بشأن تبادلها التجاري مع إيران، وسط توقعات بزيادته إلى مستويات تاريخية جديدة نتيجة إنهاء العقوبات الأميركية على طهران.

وتُبدي الإمارات رغبة في رفع مستوى التعاون مع إيران في مجال الطيران المدني، حيث توجد 200 رحلة طيران أسبوعياً بين البلدين، تلعب دوراً في تعزيز التبادل التجاري والتعاون بين مجتمع الأعمال، إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به في المجال السياحي.

(العربي الجديد)

المساهمون