الدينار الليبي ينهار والتضخم يحاصر المواطنين

15 ابريل 2017
الأسعار ترتفع في السوق الليبية (فرانس برس)
+ الخط -




لأول مرة في تاريخ العملة الليبية منذ الخمسينيات من القرن الماضي، قفز سعر الدولار في السوق الموازية بشكل صاروخي إلى 10 دنانير خلال الأيام الثلاثة الماضية، بعدما كان سعره لا يتعدى سبعة دنانير. وفيما كان السعر الرسمي في بنك ليبيا المركزي 1.4 دينار للدولار الواحد، ارتفع الخميس الماضي إلى 8.5 دنانير للدولار الواحد، بعدما أعلن البنك المركزي اتخاذ إجراءات لاستيراد ما قيمته 550 مليون دولار من السلع الغذائية المختلفة عن طريق مستندات برسم التحصيل.

وأقفلت معظم محلات الجملة في سوق الكريمية (أكبر سوق تجاري في ليبيا) أبوابها نتيجة ارتفاع الدولار إلى أرقام قياسية. وارتفعت حدة المخاوف من ازدياد التضخم الذي يطاول غالبية الأسعار الأساسية للمواطنين، مع اتساع حدة البطالة والفقر في البلاد.
وشرح فرحات حسن، تاجر الجملة، بأنه أقفل مخازنه ومحلاته في السوق، وأن هناك حالات مماثلة في أسواق أخرى، مؤكداً أن بعضهم يفكر في اعتماد الدولرة في عملية بيع السلع نتيجة تواصل انهيار الدينار الليبي.

وقال مصطفى عبد الهادي، وهو سمسار عملة في السوق الموازية في "الظهرة"، إن سبب ارتفاع العملة نتيجة مضاربات لرؤوس الأموال ورفع السعر من بائع إلى آخر مما تسبب في رفع السعر بشكل جنوني. فضلاً عن قيام عناصر أمنية تابعة لوزارة الداخلية بقفل محلات الصرافة لبيع العملة بعد وصول الدولار إلى سبعة دنانير، مما زاد عمليات بيع العملة بالخفاء. وأما الرواية الأخرى التي رجحها علي محمد، وهو تاجر ذهب، فهي أن هناك إقبالا شديدا لشراء الدولار من العمالة الأجنبية بأي سعر، ولا سيما في ظل محدودية عرض النقد الأجنبي الموجود في السوق، مما ساهم في ارتفاع الدولار بشكل جنوني.
وعلق عميد كلية الاقتصاد في جامعة طرابلس أحمد أبولسين بأن مجرد تجاوز سعر الدولار الثمانية دنانير فهذا يعني أنه سيستمر في التراجع بسرعة، إذ فقد الدينار في تلك النقطة قيمته نهائياً، وتحول إلى وحدة نقدية زهيدة.
وأوضح في تصريحات إلى "العربي الجديد" أن القيمة الحقيقية للدينار تتآكل نتيجة نفاد المخزون السلعي، بالإضافة إلى ضخ عملة جديدة في الاقتصاد، مما تسبب في زياد الكتلة النقدية (العملة المتداولة خارج المصارف). وأشار إلى أن المناطق النفطية وحقول الغاز شهدت صراعات، وكذلك السياسات التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي لتوفير 400 دولار لكل مواطن.
وأضاف أن كل وحدة من السلع ستزيد ديناراً ويصبح هناك جموح في التضخم، وسيزداد الطلب على الدولار ما سيرفع سعره أكثر، وسيحجم الكبار عن استبدال السلع بعملة فاقدة للقيمة.
وكتب رجل الأعمال رشيد السواني، عبر صفحته على فيسبوك، أن ارتفاع الدولار إلى 10 دنانير سيخرج عن سيطرة أي جهة، ولن يستطيع لا النفط ولا سماسرة العملة ولا تجار الاعتمادات ولا المركزي إيقافه أو التحكم في سعره. وأضاف أنه في بداية 2017 كان السعر مبنياً على معادلة 12 مليار دولار مبيعات نفط مع 37 مليار دينار حجم الموازنة، وبالتالي كان من المفترض أن يكون السعر في حدود 3 دنانير، ولكن عدم تطبيق المعادلة أدى إلى خلل في منظومة الأسعار.
المدير السابق للمؤسسة الليبية للاستثمار محسن دريحة، قال إن عدم الوصول إلى توافق بين مصرف ليبيا المركزي والحكومة على حزمة إصلاحات اقتصادية تخفض الإنفاق العام سيؤدي إلى استمرار شح العملة الصعبة وزيادة النقد الليبي خارج المصارف إلى مستوى غير مسبوق.
وأشار إلى أنه للمحافظة على احتياطي ليبيا من العملة الصعبة ولتغطية كميات السيولة المطلوبة قام مصرف ليبيا المركزي بطباعة المزيد من النقد مما ساهم في رفع الأسعار والتضخم.

وأردف أن الإجراء الأفضل كان رفع سعر الصرف وتوفير العملة الصعبة بسعر أعلى وتوفير السيولة من النقد المستخدم في شراء الدولار.
وأكد المحلل المالي سليمان الشحومي أن قفزات الدولار في السوق الموازية تكون بسيطة ولكنها قفزت في ليبيا بمعدل ثلاثة دنانير عن سعرها السابق، قائلاً إن هناك أطرافاً ترغب في إفساد الاقتصاد الليبي.
كما بين الشحومي أن ليبيا تعاني الركود التضخمي مع ارتفاع معدلات البطالة وضعف النمو وارتفاع التضخم. وشرح أن اقتصاد ليبيا اقتصاد حرب يقودها تجار الأزمات.
وقال طاهر السني، المستشار السياسي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إن مصرف ليبيا المركزي هو المخول بوضع السياسات النقدية في الدولة. وتابع في تغريدة له على "تويتر" إن ما يحدث "أزمة مفتعلة" وأن الليبيين يجنون ثمار الفساد والعناد.
وتوقع البنك الدولي انخفاض احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي إلى 43 مليار دولار نهاية العام الماضي، وكانت احتياطيات ليبيا تصل إلى 107.6 مليارات دولار عام 2011.


المساهمون