التدابير الحكومية الجزائرية تفشل في كبح الاستيراد

17 فبراير 2017
الجزائر تحد من استيراد السيارات (فرانس برس)
+ الخط -
في وقت تراجعت فيه مداخيل البلاد إلى أكثر من النصف، تعاني الحكومة الجزائرية من صعوبات في تنفيذ خططها الهادفة إلى كبح فاتورة الواردات، على الرغم من التدابير المشدّدة التي أقرتها في هذا الشأن.

ويبدو أن قرار تمديد العمل بنظام "رخص الاستيراد" للسيارات للسنة الثانية على التوالي، يكشف عن إصرار الحكومة على المضي في طريق خنق الاستيراد عبر تحديد حصص محدّدة للوكلاء بهدف الحد من الأزمة المالية المتفاقمة، وعلى الرغم من ذلك تواجه البلاد تداعيات وتحديات كبيرة بهذا المجال. 

وفي هذا السياق، أكد خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد" أن كبح الواردات في الجزائر مجرد علاج لأعراض المرض وليس للأسباب الحقيقية للأزمة، بعدما كشفت الأرقام أن الإجراءات الحكومية ابتعدت عن الأهداف التي وضعتها.

وحسب الخبير الاقتصادي جمال نور الدين فإن رخص الاستيراد تبقى حلاً جزئياً يُطبّق على بعض المواد والسلع، فيما تبقى الحكومة عاجزة عن تخفيف استيراد الإسمنت والحديد والأدوية والحليب بالإضافة إلى السكر، وهي سلع تكلف خزينة الدولة عشرات المليارات من الدولارات، وذلك لارتفاع الطلب الداخلي عليها وعدم إنتاجها وصناعتها محلياً بكمية تحقق الاكتفاء.

وبالأرقام يقول نور الدين لـ"العربي الجديد" إن "الفجوة بين واردات وصادرات الجزائر ارتفع سنة 2016 إلى 17.84 مليار دولار بنسبة 4.8% مقارنة بسنة 2015 التي بلغت فيها الفجوة 13.71 مليار دولار، على الرغم من حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لكبح الواردات التي سمحت بخفض الواردات من 51 مليار دولار سنة 2015 إلى 46.72 مليار دولار السنة الماضية، في وقت راهنت الحكومة على تخفيض الاستيراد إلى ما تحت عتبة 40 مليار دولار".

ولفت الخبير الجزائري إلى أن "رخص الاستيراد أدت السنة الماضية إلى ارتفاع أسعار السيارات بـ 40%، بعدما قلّصت الحكومة الكمية المسموح باستيرادها إلى 82 ألف وحدة بعدما كانت 450 ألف قبل سنة 2013، نفس الشيء بالنسبة للإسمنت والحديد، فيما استقرت أسعار السكر والحليب لأنها مدعمة من خزينة الدولة".

وبالرغم من سعيها إلى تضييق الموانئ في وجه الحاويات القادمة من الخارج، إلا أن الحكومة بقيت متفرجة أمام مرور بعض السلع التي وضعتها في خانة "الكماليات" المحظورة وقت "التقشف"، وهو ما كشفت عنه أرقام الجمارك المتعلقة باستيراد كميات كبيرة من الفواكه والمكسرات منها 87 مليون دولار من الموز، و42 مليوناً من التفاح، و15 مليوناً من اللوز، و13.8 مليون دولار من العنب المجفف.

وتكشف هذه الأرقام حسب الخبير الزراعي عمر فرهادي لـ "العربي الجديد" عن أن "خطاب الحكومة الداعي إلى تنويع الاقتصاد من خلال الاعتماد على الصناعة والزراعة يبقى مجرد أقوال تكذبها الأفعال"، حسب الخبير الجزائري الذي أضاف: "لا يعقل أن تسمح الجزائر باستيراد البرتقال والطماطم رغم تحقيق البلاد السنة الماضية وفرة في الإنتاج دفعت المزارعين إلى رمي المحاصيل بعدما عجزوا عن تسويقها".

وأضاف فرهادي أن "ثقل الاستيراد رجح كفة الحاويات على حساب كفة الإنتاج المحلي، وذلك بمساعدة الحكومة التي دعمت المستوردين سنوات "البحبوحة المالية" وأهملت المزارعين والمصنعين واليوم تحاول تدارك ما أفسدته في الماضي".

وحسب مصدر من وزارة التجارة لـ"العربي الجديد" فإن "اجتماع حكومة عبد المالك سلال المقرر في 13 فبراير/ شباط الحالي قد أُجل بعد غد، والذي سيتم فيه تحديد الكميات المسموح باستيرادها هذه السنة من سيارات وأسمنت وحديد صلب.

وحسب نفس المصدر، والذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن "عدد السيارات التي سيسمح باستيرادها سيتراوح بين 50 و65 ألف وحدة بعدما كانت 82 ألف السنة الماضية، فيما ستقلص كمية الحديد إلى أقل من مليوني طن، الكمية التي سُمح باستيرادها السنة الماضية".

وأكد المصدر أن وزير التجارة بالنيابة عبد المجيد تبون وضع 10 شروط حتى يتسنى حصول وكيل السيارات على رخصة سنة 2017، منها وضع طلب لفتح مشروع "صناعي" أو "شبه صناعي" في مجال السيارات، بالإضافة إلى توفير قطع غيار السيارات الخاصة بالأنواع المستوردة.

وأوضح أن وزارتي التجارة الصناعة اعتمدتا 38 وكيلاً للسيارات بدلاً من 40 وكيلاً تم تسجيلهم السنة الماضية، إذ أقصت وكيلين من الوكلاء بالرغم من تمثيلهما علامات كبرى عالمياً.

ويعاني الاقتصاد الجزائري من أزمات عديدة، لا سيما في ظل الانخفاض الكبير في الإيرادات، الناجم عن هبوط أسعار النفط بشكل حاد منذ منتصف 2014، والتي تجاوزت نسبتها 50%، ما أدى إلى تآكل احتياطي العملة الصعبة وتراجع كبير في سعر الدينار الجزائري أمام الدولار.

المساهمون