ثمن الحرب.... تفاقم الصراع يهدّد بإفلاس ليبيا

20 أكتوبر 2017
تدهور الأوضاع المعيشية بسبب تفاقم الاضطرابات (Getty)
+ الخط -
يتواصل نزيف الاقتصاد الليبي في ظل تفاقم الاضطرابات وتصاعد الصراع السياسي، ما دفع إلى إطلاق تحذيرات دولية ومحلية من تعرض ليبيا للإفلاس في حال عدم نجاح الحكومة الحالية في تحقيق التقارب السياسي بين الأطراف المتنازعة والدفع نحو الاستقرار الأمني في البلاد.

وأكد خبراء اقتصاد ليبيون لـ "العربي الجديد" أن تآكل الاحتياطي في ظل تراجع الإيرادات سيؤدي إلى تدهور قيمة العملة ويهدّد بأزمات اقتصادية ومعيشية خانقة بالبلاد. كما كشفوا عن استفحال الفساد في ظل ضعف الرقابة والفوضى التي ضربت مختلف المؤسسات الحكومية بسبب الانقسام السياسي.

وقال الخبير الاقتصادي، عيسى التويجر، لـ "العربي الجديد" إن الدول التي لا تبادر إلى حل المشكلة من بدايتها تستنزف احتياطياتها من النقد الأجنبي وتضطر في النهاية إلى تخفيض سعر العملة المحلية أو تعويمها، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع كبير في الأسعار ومعدلات التضخم والتي عادة ما تحدث تذمراً في الشارع وقد تسقط حكومات بسببها.

وأوضح التويجر أن أسباب تفاقم الأزمة الاقتصادية لبلاد تتمثل في تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والانقسام المؤسسي وسوء الإدارة وضعف السياسة النقدية والمالية بالإضافة إلى طبيعة اقتصاد البلاد الريعي الذي يعتمد على النفط الذي تراجعت أسعاره بشكل كبير خلال الفترات الماضية.

وتعتمد الموازنة الليبية على 95% من إيراداتها من عائدات النفط، حسب تقارير رسمية، وشهد الإنتاج النفطي تراجعاً حاداً عن مستوياته قبل اندلاع الثورة الليبية عام 2011 بسبب الاضطرابات السياسية.

وقال التويجر إن تحذير البنك الدولي حول احتمال إفلاس ليبيا اقتصادياً لم يكن الأول من نوعه وإن كان في الماضي مبطناً.

وكان البنك الدولي أكد في تقرير صدر نهاية الأسبوع الماضي، أن تحسن آفاق الاقتصاد الليبي "يتوقَّف بشكل أساسي على تحقيق تقدم في اجتياز المأزق السياسي الذي أحدث انقساماً في البلاد، وعلى تحسن الأوضاع الأمنية"، محذراً من أنه "إذا استمر سباق الصراع والانفلات الأمني وبالمعدل الحالي، فإن ذلك سيقود في نهاية المطاف إلى الإفلاس"، وستواصل احتياطات النقد الأجنبي الاتجاه "نحو النضوب"، منبهاً إلى أن ذلك الاحتمال "بدأ يُؤثِّر بالفعل على التوقعات".

وتابع التقرير أن الاقتصاد الليبي شهد تحسناً محدوداً، لكنه مازال أقل كثيراً من قدراته الكامنة، كما أشار إلى وتيرة التضخم المتزايدة في ليبيا.

ومن جانبه، أكد الخبير النفطي محمد أحمد لـ "العربي الجديد" أن البنك الدولي وبصفته مشاركاً في وضع الترتيبات المالية للدولة يحاول أن يرسم صورة بأن اتباع هذه الترتيبات سيخرج الاقتصاد الليبي من الأزمة بتحقيقه فائضاً مالياً يبلغ 13.7% من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2019.

وأضاف أحمد أن توقعات البنك الدولي السابقة ليست دقيقة وغالباً ما نجد أرقاماً عكسية على مستوى النمو والتضخم وغيرها من الإحصائيات التي تأتي في تقاريره.

ويرى المستشار الاقتصادي لديوان المحاسبة علي المحجوبي خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن التفاؤل بمستقبل الاقتصاد يحتاج إلى حكومة موحدة ومعالجة الانقسام المؤسساتي في البلاد وتحسين آليات إدارة المتحصلات من بيع النفط بشكل جيد، فضلاً على أن ليبيا بحاجة إلى رؤية واضحة لمعالجة وضع السوق الموازية في العملات والسلع والقضاء عليها، بهدف تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

أما أستاذ الاقتصاد أحمد أبولسين فيرى أن تقرير البنك الدولي يتحدث عن الإفلاس في حين تعيش ليبيا مرحلة ما بعد الانهيار الاقتصادي.

وقال أبولسين لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع معدلات الإنفاق وتراكم الدين العام والفجوة الكبيرة بين سعر الدينار الرسمي والموازي أمام العملة الأميركية، تحتاج وضع سياسات دقيقة ومتوازنة ومحاربة الفساد لوقف التدهور الاقتصادي للبلاد.

وكشف ديوان المحاسبة، أعلى سلطة رقابية في ليبيا، في تقرير صدر بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عن أن إجمالي التحويلات المالية الخارجية للدولة التي تعاني صعوبات اقتصادية، بلغ 172 مليار دولار، خلال السنوات الخمس الماضية، مشيراً إلى أن معظم هذه التحويلات يشوبها الفساد وتهريب العملة.

وذكر ديوان المحاسبة، أن التحويلات الخارجية تمت لصالح القطاعين العام والخاص، من خلال صفقات لتوريد السلع والأدوية ورواتب أعضاء الهيئات الدبلوماسية ومنح الطلبة.
المساهمون