عقبات أمام ترامب لتنفيذ خطط "أمن الطاقة" الأميركي

25 يناير 2017
ارتفاع الإنتاج النفطي في أميركا (Getty)
+ الخط -
دونالد ترامب ليس أول رئيس أميركي يتبنى استراتيجية "أمن الطاقة الأميركي" وتحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط، وينادي بسياسات يزعم أنها ستحرر بلاده من استيراد النفط العربي، وربما لن يكون الرئيس الأخير.
لكن يبدوأن الرئيس باراك أوباما الذي تفجرت في عهده تقنيات استخراج النفط الجديدة، وأنتجت بلاده بكثافة النفط الصخري، يعد أول رئيس يتخذ خطوة عملية نحو تحقيق هدف الاكتفاء النفطي الذاتي للولايات المتحدة.
ورغم ثورة النفط الصخري، لا تزال أميركا مستوردا صافيا لحوالي 6.1 ملايين برميل يومياً، من بينها قرابة 4 ملايين برميل من المنطقة العربية، حيث تنتج الولايات المتحدة حالياً، بما ذلك المكثفات وبدائل الطاقة، حوالي 13.5 مليون برميل يومياً، مقارنة باستهلاكها البالغ 19.6 مليون برميل يومياً، وذلك حسب إحصائيات إدارة الطاقة الأميركية.
من جانبه، أعلن ترامب أنه سيعمل على زيادة الإنتاج النفطي في أميركا وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، عبر مجموعة من السياسات يمكن إجمالها في النقاط التالية، وهي:
أولاً: إلغاء التوقيع الأميركي على اتفاقية المناخ التي أقرها أوباما في مؤتمر المناخ بباريس في يناير/ كانون الثاني الماضي، ووقف جميع الدفعات المالية التي تعهدت بها أميركا لبرنامج التسخين الحراري التابع للأمم المتحدة.
ثانياً: إلغاء كل التشريعات التي أجازتها إدارة أوباما الخاصة بالتسخين الحراري والبيئة في أميركا خلال السنوات الماضية.
ثالثاً: إلغاء جميع القوانين والتشريعات الفيدرالية والولائية التي تحد من التنقيب والكشوفات النفطية في أميركا.
رابعاً: وقف التشريعات الخاصة بمنع استخدام تقنيات التكسير الهيدروليكي في بعض الولايات وإلغاء أيّ قوانين تعوق إنتاج الوقود الأحفوري في أميركا.

خامساً: العزم على تطبيق "ضريبة الحدود" أو الرسوم الجمركية على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة والتي من بينها النفط.
ومن المتوقع، وحسب خبير الطاقة بمصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، دميان كورفالن، أن تؤثر "ضريبة الحدود" التي يزمع ترامب تطبيقها، بشكل مباشر على كل أنواع السلع، ولكن سيكون لها تأثير مباشر على أسواق النفط العالمية وستشجع الشركات الأميركية، خاصة شركات النفط الصخري، على إنتاج أكبر كمية ممكنة من الخامات.
وحسب كورفالن "ربما تطلق الضريبة يد الشركات الأميركية في التصدير، حيث إنها لا تدفع أية ضريبة على الصادرات، وبالتالي ستحصل على أرباح صافية من الإنتاج، كما أن شركات المصافي الأميركية التي تأمل في الحصول على إعفاءات ضريبية وعد بها ترامب، ستعمل على استهلاك الخامات المحلية وليس المستوردة.
لكن في مقابل هذه النظرة المتفائلة، فإن خبراء نفط في أميركا يعددون محدودية خطوة ترامب الخاصة بسياسة "ضريبة الحدود" لمحاصرة النفط المستورد، وعبر تخفيض الضرائب على النفط المحلي من عدة زوايا، يمكن إجمالها في النقاط التالية:
أولاً: محدودية الاحتياطي النفطي الأميركي القابل للاستخراج، حيث لا تفوق الاحتياطات الحالية 32 مليار برميل. وبمعدل الإنتاج الحالي لن تستطيع أميركا مواصلة الإنتاج إلا لسنوات قليلة. وهذا الرأي يتبناه ليونارد موغيري، الخبير النفطي بجامعة هارفارد.
ثانياً: يواجه ترامب انقساماً حاداً داخل المجتمع الأميركي، وستكون هنالك مخاطر كبرى على شعبيته، في حال تجاهل تماماً المخاطر البيئية المترتبة على التوسع في استخدام تقنيات الحفر الهيدروليكي والحفر الأفقي، وتجاهل الاحتجاجات الجماهيرية العارمة في ولايات كبرى ضد تقنيات "التكسير الهيدروليكي" و"الحفر الأفقي"، وذلك ببساطة لأن العديد من الولايات الأميركية والجماهير تعارض التوسع في هذا الحفر عبر هذه التقنيات.
ثالثاً: كلف إنتاج النفط الأميركي عالية، سواء كانت كلف استخراج النفط الصخري أو النفط التقليدي، وبالتالي فمن غير المتوقع أن تنافس كلف الإنتاج الرخيصة في الدول العربية.
رابعاً: بالنسبة لتصدير النفط الأميركي إلى الخارج، يرى خبراء اقتصاد أن سياسات الحماية التجارية التي ينفذها الرئيس الأميركي حالياً ضد السلع والمنتجات المستوردة من آسيا وأوروبا، ستكون لها تداعيات على صادرات النفط الأميركي، لأن الدول التي ينوي ترامب معاقبة سلعها سترد هي الأخرى بمعاقبة سلعه والتي من بينها النفط، وبالتالي ستخسر الشركات الأميركية في منافستها للنفوط المصدرة من باقي أنحاء العالم ومن بينها النفط العربي.
خامساً: لا تزال البنوك الأميركية تحسب خسائرها من تمويل عمليات التنقيب والكشوفات واستخراج النفط الصخري، بعد الانهيار الذي شهدته أسعار النفط خلال العامين والنصف الماضية. وبالتالي لن تتشجع المصارف على تمويل عمليات تنقيب جديدة ما لم ترتفع الأسعار فوق 60 دولاراً. ومن هنا فربما تحدث زيادة في إنتاج النفط الصخري ولكنها لن تكون بنسبة كبيرة.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن شركات النفط الصخري في أميركا تحتاج في المتوسط إلى سعر 60 دولاراً للنفط الصخري، حتى تتمكن من تحقيق أرباح.
ويمكن القول إن هنالك كلفاً أقل من ذلك وتصل إلى 40 دولاراً، لكن مثل هذه الكلف توجد في حقول بسيطة في "برميان" وتكساس ونورث داكوتا، وبالتالي، فإن الحديث عن أن أميركا ستغرق العالم بالنفط لا تدعمه الحقائق وأمامه العديد من العقبات.
المساهمون