ناشطون يدعون لاستثمار ثلوج تونس دعماً للسياحة والتنمية

19 يناير 2017
تساقط الثلوج بكثافة في تونس (أمين لاندلسي/الأناضول)
+ الخط -
مع تواصل تهاطل الثلوج بمرتفعات الشمال الغربي التونسي، ترتفع مطالب خبراء التنمية وأهالي المنطقة بتحويل الثلوج التي أصبحت مصدر "نكبة" للمنطقة إلى مصدر تنمية.

ويعتبر نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي أن الثلوج التي عزلت مناطق بأكملها في محافظات جندوبة والكاف يمكن أن تتحوّل إلى مصدر للثروة، إذا ما أبدى صانعو القرار رغبة في تحويل جزء من الاهتمام الذي تحظي به السياحة الشاطئية نحو منتجات سياحية جديدة تثمّن ما تحتويه هذه المناطق من إمكانيات طبيعية مميزة قادرة على استقطاب السياح محليين وأجانب.

وبالرغم من الظروف الطبيعية الصعبة وتحذيرات مصالح الأرصاد الجوية، شهدت المناطق التي يكسوها الثلج على غرار عين دراهم وفرنانة وساقية سيدي يوسف، تدفق أعداد كبيرة من السياح المحليين جازفوا بالتنقل للاستمتاع بجمال مشاهد الثلوج وتنشيط الحركة السياحية والتجارية في هذه المناطق.

ويقول المختص في التنمية المحلية مولدي الزوابي، إن الحكومة لا تنظر إلى الجزء الفارغ من الكوب، مشيرا إلى أن السلطة ظلت تتعامل لعقود مع منطقة الشمال الغربي كمنطقة منكوبة كلما اجتاحتها الثلوج، بالرغم من أن كل الإمكانيات متاحة أمامها لتحويل عين دراهم مثلا إلى منتجع عالمي للسياحة الشتوية.

وأضاف الخبير في تصريح لـ "العربي الجديد" أن مناطق عديدة في مرتفعات الشمال الغربي تضاهي في قدراتها الطبيعية المنتجعات الشتوية الأوروبية التي يرتادها السياح من أماكن عديدة في العالم، لافتا إلى أن دولا مجاورة في شمال أفريقيا نجحت في اقتلاع نصيبها من السوق العالمية للسياحة الشتوية القائمة أساسا على الأنشطة المتعلقة بالثلوج.

ويطالب الأهالي في عين دراهم بتوجيه المستثمرين نحو منطقتهم التي لا تبعد سوى 40 كلم عن مدينة طبرقة الساحلية، مؤكدين أن هناك نية مبيتة لترك الحال على ما هو عليه في مرتفعات الشمال الغربي الذي يجمع بين السهل والجبل والبحر والثلوج شتاء.

ودعا خبير التنمية مولدي الزوابي، إلى الإسراع في إحداث مصعد إلى "تيليفريك" ومركب سياحي متكامل يقوم على الاستشفاء، لافتا إلى أن المنطقة التي يعيش أغلب أهاليها على عتبة الفقر تحتاج إلى خطة تنمية خاصة. وتوقع أن يغير المشروع السياحي وجه المنطقة بأكمله.
وفي غياب أي مركبات صناعية يكتفي أهالي مرتفعات الشمال الغربي بأنشطتهم الزراعية المتواضعة وبعض الصناعات التقليدية المصنوعة من الخشب والفلين، بحكم قربهم من الغابات التي توفر لهم المواد الأولية.

ووفق خالد الحاجي الذي يعمل عون استقبال بأحد فنادق عين دراهم، فقد شهدت المنطقة نهاية الأسبوع الماضي مع تساقط الثلج توافد آلاف السياح المحليين وحتى الجزائريين الذي قدموا للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة غير عابئين بتحذيرات الأرصاد الجوية.

وقال خالد لـ "العربي الجديد" إن طلبات الإقامة في الفندق كانت في حدود 300%.
واعتبر أن غياب فنادق أخرى في الجهة وضعف الاهتمام الحكومي بالإمكانيات السياحية للمنطقة أغلق كل منافذ التنمية، قائلا: "هناك رغبة سياسية أن تبقى المنطقة فقيرة لحماية مناطق سياحية أخرى من المنافسة".

وترتفع المدينة قرابة ألف متر عن سطح البحر، وتغطي الثلوج كل فصل شتاء جبال الشمال الغربي. وقد سجلت عين دراهم رقما قياسيا في تونس من حيث سماكة الثلوج التي وصلت قرابة المترين سنة 2005 وطمرت أجزاء كبيرة من المدينة تحت الثلوج، غير أن خصوصياتها الطبيعية والمعمارية لم تقنع لا حكومات ما قبل الثورة ولا حكومات ما بعدها ولا المستثمرين لإقامة مشاريع سياحية كبيرة تغير شكل المنطقة التي ترتفع فيها نسبة البطالة إلى أكثر من 60%.

ورغم الحوافز المغرية التي وفرتها الحكومة للمستثمرين لتنفيذ مشاريع في المحافظات الداخلية، إلا أن استجابة رجال الأعمال والمؤسسات المحلية والأجنبية بقيت ضعيفة جدا، وهو ما جعل الحكومات المتعاقبة تعجز عن إيجاد حلول لاستيعاب العاطلين عن العمل في هذه المناطق.

وتبدو الحاجة لتنشيط الجهات الداخلية في تونس أكثر إلحاحاً مع تطابق خريطة الإرهاب مع خريطة الفقر والبطالة، فالمناطق التي سجّلت أعلى نسب الأميّة والفقر والبطالة كانت هي نفسها مسرحا لأشّد العمليات الإرهابية فتكا كما وكيفا. فالولايات الستّ، التي تذيّل قائمة التنمية في تونس، ومنها محافظة القصرين وسيدي بوزيد، تعرضت وحدها لما يزيد عن 80% من الهجمات المسلّحة على قوات الأمن والجيش.

المساهمون