الحكومة الجزائرية توجه ضربة قاضية لتجار السيارات

30 يوليو 2016
تحجيم الاستيراد يصب في صالح صناعة السيارات محليا (Getty)
+ الخط -


أظهرت بيانات حكومية حديثة متعلقة باستيراد السيارات الجديدة في النصف الأول من العام الجاري، نجاح الحكومة في معركة كبح فاتورة استيراد المركبات التي تعدت 5 مليارات دولار العام الماضي.
وحسب الأرقام التي نشرتها إدارة الجمارك الأسبوع الماضي، فإن الجزائر استوردت ما قيمته 691 مليون دولار من المركبات في النصف الأول من 2016، مقابل 2.13 مليار دولار في الفترة ذاتها من السنة الماضية، أي بتراجع قُدر بـ 67.5%.

وسمحت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية، وفي مقدمتها إقرار نظام "رخص الاستيراد" الذي يمنح حصصا سنوية محددة لممثلي العلامات العالمية، بتقليص كمية المركبات التي نزلت في الموانئ الجزائرية إلى أكثر من 47 ألف مركبة، مقابل نحو 181 وحدة في نفس الفترة من العام الماضي، أي بتراجع بلغ 73.6%.

وتتوقع الحكومة الجزائرية ألا تتعدى واردات السيارات والمركبات عتبة المليار دولار، بعد أن حددت حصة السيارات المسموح باستيرادها بـ 82 ألف وحدة، وقد كانت الحصة 152 ألف وحدة، تقاسمها 40 وكيلا، ما أشعل حربا ضروسا بين الحكومة الجزائرية ووكلاء العلامات المصنعة للسيارات في الجزائر الذين هددوا بتسريح العمال في أكثر من مرة، إلا أن أرقام الجمارك الجزائرية أظهرت رضوخهم لقواعد اللعبة.

وفي خطوة جديدة منها، للاستفادة من العائدات التي يجنيها وكلاء وممثلو العلامات المصنعة للسيارات، ألزمت الحكومة الجزائرية الوكلاء بضرورة إقامة استثمار صناعي في الجزائر من أجل تجديد تراخيص مزاولة النشاط سنة 2017،حيث أبلغت وزارة الصناعة الجزائرية في برقية عاجلة، وكلاء بيع السيارات الجديدة نهاية يونيو/حزيران المنصرم بضرورة الاستثمار في قطاع السيارات من خلال إنشاء وحدات تجميع السيارات أو استحداث وحدات مناولة في قطاع السيارات، مع وجوب وضع الطلبات قبل نهاية 2016.


كما ألزمت وزارة الصناعة الجزائرية الوكلاء بإقامة المشاريع في ظرف زمني لا يتعدى ثلاثة أشهرٍ بعد منح ترخيص مزاولة النشاط.
وفي ظرف أقل من شهر من تاريخ إخطار الوكلاء بالشروط الجديدة، كشف وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب أن مصالحه استقبلت 10 طلبات لإنشاء وحدات تجميع المركبات في الجزائر.

إلا أن الإشكال يُطرح حول مصير الوكلاء المستقلين والذين يستوردون السيارات مباشرة من مصانع الإنتاج، والذين لا يستطيعون المواصلة في نشاط بيع السيارات السنة المقبلة لسببين رئيسيين، الأول يتعلق بشرط الحصول على موافقة المُصنع لتمثيله في الجزائر والثانية ضرورة إقامة مشاريع استثمارية صناعية وإنتاجية في الجزائر، ما جعل العديد منهم يدق ناقوس الخطر.

وفي السياق يقول يوسف نباش، رئيس الجمعية الجزائرية للوكلاء متعددي العلامات: إن "الحكومة أعلنت حربا ضروسا ضدنا دون أن تفكر في العواقب، في البداية عدلت دفتر الشروط، دون أن تعطي مدة للوكلاء لمطابقة السيارات مع دفتر الشروط الجديد، ثم لجأت إلى تحديد كمية السيارات المستوردة عند 82 ألف وحدة".
وتابع أن الحكومة أجلت منح رخص الاستيراد إلى نهاية مايو/أيار الماضي، "مع العلم أن الطلبات تُسلم عادة بعد 4 أو 5 أشهر والآن تُلزمنا بضرورة فتح وحدات أو مصانع إنتاج وتجميع للمركبات".

وأضاف نباش لـ "العربي الجديد"، أن هذه الحرب غير المعلنة "تهدف من خلالها الحكومة إلى إلزام العلامات الكبرى بدخول السوق الجزائرية بسيارات مركبة أو مُصنعة محليا، لكن السؤال المطروح ما هو مصير الوكلاء الصغار، فقبل نهاية 2015 كان هناك نحو 167 وكيلاً معتمداً للسيارات، والآن أصبح العدد نحو 40 وكيلاً فقط".
وتعد الجزائر حاليا قبلة لمصنعي السيارات، وذلك بفضل الامتيازات الضريبية والجمركية، التي تقدمها الحكومة لمن أراد فتح مصانع إنتاج أو تجميع المركبات، حيث أعلن العملاق الألماني "فولكسفاغن"، أن أول سيارة مجمعة في الجزائر سترى النور خلال السنة القادمة، وذلك بعد منحه الضوء الأخضر لإقامة وحدة تجميع من طرف وزارة الصناعة الجزائرية.

وقبل "فولكسفاغن" كانت كل من "هيونداي" الكورية الجنوبية، و"إيفيكو" و"فيات" الإيطاليتان، بالإضافة إلى "نيسان" اليابانية، قد أعلنت عن توصلها إلى أرضية اتفاق مع الحكومة الجزائرية من أجل إنشاء وحدات تجميع مركبات سياحية وأخرى نفعية.
وكانت الجزائر قد قررت مطلع السنة الجارية تجميد عملية استيراد السيارات الجديدة، وإخضاع نشاط استيرادها لنظام الرخص، حيث تم تحديد عدد السيارات التي سيتم استيرادها سنة 2016 في نحو 82 ألف وحدة، لكبح واردات البلاد من السيارات التي تجاوزت كثيرا احتياجات السوق المحلية، حسب المسؤولين الحكوميين.



المساهمون