احتموا بالذهب

17 يونيو 2016
الذهب يُعد الملاذ الآمن مقارنة بأية وسيلة استثمار أخرى(Getty)
+ الخط -
هناك قاعدة شهيرة تنصح المستثمرين، أفراداً ومؤسسات، بالاحتماء بالذهب والعودة إليه عندما تزداد المخاطر السياسية والأمنية أو الاقتصادية أو غيرها من المخاطر الطارئة، مثل كوارث الطبيعة، أو طويلة الأجل، كالحروب والقلاقل.
حتى البنوك المركزية، التي تتولى إدارة احتياطيات الدول من النقد الأجنبي والذهب، سرعان ما تحتمي بالمعدن النفيس في حال وجود مخاطر شديدة تحيط بالاقتصاد العالمي وتهدد الاقتصادات الكبرى، خاصة اقتصادات مجموعة الثماني الصناعية، أو تعيد النظر في تركيبة سلة عملاتها لتزيد مكون الذهب في السلة، حال حدوث ذبذبات في أسعار العملات الرئيسية، حيث تشتري هذه البنوك كميات كبيرة من الذهب مقابل التخلص من أدوات استثمار أخرى، كعملات وسندات بعض الدول التي تمر بمشاكل أو بحالة غموض سياسي وعدم يقين كما يحدث حاليا داخل بريطانيا.
ويبدو أن هذا ما يحدث حاليا، فالعالم بات في حالة "لخبطة" اقتصادية شديدة قد تعيد للأذهان لخبطة الأسواق في أغسطس/آب 2008، التي جاءت عقب اندلاع الأزمة المالية، كما تذكر المستثمرين بأزمات البترول في عام 1973 والإثنين الأسود في 1987 والأزمة المالية في أسواق شرق آسيا 1997، وأزمة الديون السيادية الأوروبية 2009.
أبرز مظاهر الارتباك الحالي، المخاطر التي تحيط بالاقتصاد الأميركي، والتي دفعت بمجلس الاحتياط (البنك المركزي الأميركي)، لتأجيل رفع سعر الفائدة على الدولار في اجتماع الأربعاء، كما خفض توقعاته للنمو الاقتصادي في البلاد لعامي 2016 و2017.
على الجانب الآخر من الأطلسي، هناك خطر آخر يتمثل في احتمالية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء الخميس المقبل، وفي حال حدوث ذلك فإن خريطة جديدة سيتم رسمها ليس فقط للاقتصاد البريطاني والأوروبي، بل للاقتصاد العالمي كله، بل وسيزيد خروج بريطانيا الضغط أكثر على منطقة اليورو والعملة الموحدة.
لا تقف مخاطر العالم عند هذا الحد، فهناك أزمات تراجع أسعار النفط وما تشكله من تحدٍّ كبير لاقتصاديات الدول المنتجة، ومنها دول الخليج وروسيا والعراق وفنزويلا وليبيا والجزائر ونيجيريا، وأزمات بطء التجارة الدولية والديون السيادية لليونان وركود الاقتصادين الصيني والياباني، وإذا ما أضفنا لهذه المخاطر أزمات حادة تمر بها منطقة الشرق الأوسط وتصاعد الحروب في اليمن وسورية والعراق وليبيا يصبح المشهد أكثر تعقيداً.
ومع زيادة حدة هذه اللخبطة، بات الاستثمار في الذهب هو الاتجاه المفضل لكبار المستثمرين الدوليين، خاصة وأنه يُعد الملاذ الآمن مقارنة بأية وسيلة استثمار أو معدن ثمين آخر، والنتيجة حدوث قفزة في أسعار الذهب أمس، ليصل إلى أعلى مستوياته في نحو عامين.

المساهمون