صح النوم يا معارضة

19 مايو 2016
الأمل معوّل على الفريق الحكومي الجديد برئاسة أبو حطب(فيسبوك)
+ الخط -


تم انتخاب رئيس حكومة للمعارضة السورية، بعد ما يمكن تسميته تعطيلاً لحكومة أحمد طعمة السابقة لنحو ستة أشهر، لم يكن خلالها للحكومة المعارضة أي نشاط يذكر في الداخل السوري المحرر، اللهم عدا بعض اللمسات الطبية والتعليمية.
لو لم نغرق بأسباب تجميد عمل الحكومة المعارضة وبقائها منذ أشهر بلا وزراء لأهم القطاعات الاقتصادية والخدمية، وعلاقة وقف التمويل من دول أصدقاء سورية، وفي مقدمتهم العرب، لدرجة تراكم استحقاقات موظفي الحكومة وأجورهم منذ خمسة أشهر، لنكتفي بما فات المعارضة عموماً جراء غياب سلطة تنفيذية، منوط بها، وإن نظرياً، إدارة شؤون المناطق المحررة التي تزيد عن ضعفي ما يسيطر عليه نظام بشار الأسد.

إذ وبمقارنة اقتصادية سريعة لما تمتلكه المناطق السورية الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، مع ما تملكه مراكز المدن التي يسيطر عليها، لأمكن القول بما لا يحتمل الجدل والتشكيك، إن المناطق التي يسيطر عليها الثوار وتنظيم "داعش" والتنظيمات الكردية، هي خزان سورية النفطي والمائي والغذائي.
في حين تفتقر مناطق سيطرة الأسد التي تكاد تنفجر سكانياً، إلى أدنى مقومات البقاء، ببساطة لأن سيطرة الأسد تقتصر في معظمها على مراكز المدن بعد أن خرجت الأراضي الزراعية ومناطق الإنتاج، بما فيها الصناعية، عن سيطرته.


قصارى القول: تزامن انتخاب الطبيب جواد أبو حطب رئيساً للحكومة السورية المؤقتة، مع اجتماع ما يسمى أصدقاء الشعب السوري بمدينة فيينا، وخرج عن الاجتماع ما يمكن وصفه بالكوارث، وخاصة لجهة تراجع الدول الصديقة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، عن إيصال الدعم الغذائي للمناطق التي يحاصرها نظام بشار الأسد وحزب الله اللبناني، مكتفين بالتصريحات ووعد السوريين المحاصرين برمي سلل غذائية من الجو، مطلع الشهر المقبل، إن استمر الأسد بمنع وصول المساعدات الأممية، كما فعل قبل أيام ومنع الفريق الإغاثي الدولي، حتى من دخول مدينة درايّا المحاصر من فيها منذ نيف وثلاث سنوات.


لسنا بوارد تحليل هذا القرار الأممي الذي أبسط ما يقال حوله إنه عاجز عن إلزام النظام السوري بإيصال الغذاء والدواء للمحاصرين وترجي الأسد لإدخال المساعدات بدل تحويله للمحاكم الدولية بتهم جرائم الحرب، أو عن خيبة السوريين بوعود أصدقائهم بحكم انتقالي لا وجود خلاله للأسد، ما داموا عاجزين عن إيصال الطعام للمحاصرين، ما فتح غير جرح، ربما تتحمل المعارضة نفسها، جلّ تبعات إيلامه.
نهاية القول: ربما المنطق الاقتصادي وحتى الجغرافي يقول إن المعارضة هي من يجب أن تحاصر مدن الأسد، وتمنع عنه الطعام والماء والطاقة، لطالما هي من تسيطر على الأراضي الزراعية ومنابع الماء والنفط والمعابر الحدودية.. وليس العكس.
ولعل في إدارة مؤسسات المعارضة لشؤون المناطق المحددة عن بُعد، وعبر الخطابات والأماني، هو ما قلب معادلة الحصار وأعطى نظام الأسد نقاط قوة جراء ضعف المعارضة وسوء تخطيط متنطعي قراراتها.

وليس في قلب معادلة الحصار أو حتى الاستغناء عن إملاءات الأشقاء والأصدقاء للثورة والثوار، بالأمر الصعب، شريطة أن يكون السوريون أمام ذهنية جديدة لاستثمار الطاقات والموارد المتاحة في مناطق سيطرتهم، ولعل أول وأهم شروط الانتفاع والكفاية يأتي عبر دخول الحكومة المعارضة لتقود المناطق والثوار من داخل سورية وليس من مدينة غازي عنتاب التركية كما هو الحال منذ تأسيسها... وهو الأمل المعوّل على الفريق الحكومي الجديد، لطالما رئيسه أبو حطب كان في الداخل وأشرف وعالج آلاف السوريين.

المساهمون