مربو الدواجن في تونس يواجهون الإفلاس

28 فبراير 2016
زيادة كبيرة في المعروض من الدواجن بالأسواق (فرانس برس)
+ الخط -

 

يشتكي مربو الدواجن في تونس من تراجع حاد في عائدات القطاع مقابل ارتفاع غير مسبوق في حجم الإنتاج حيث تم إغراق السوق بكميات ليس المستهلكون في حاجة إليها، ما أجبر المربين على تسويق مشتقات الدواجن بأسعار دون الكلفة الحقيقية للمنتج، الأمر الذي يهدّد القطاع بالإفلاس ولا سيما صغار المربين منهم.

ويطالب المربون بضرورة تدخل وزارتي الزراعة والتجارة للحد من نزيف الخسائر عبر تحديد برنامج سنوي للإنتاج مع كبرى الشركات وغلق باب التوريد، إضافة إلى مساعدة المربين على البحث عن أسواق لتصدير فوائض الإنتاج لتعويض خسارة السوق الليبية التي كانت تستوعب نسبة هامة من الدواجن التونسية.

ويتهم المربون الذين هددوا بغلق مزارعهم، الحكومة بالتخلي عنهم في هذا الظرف العصيب، معتبرين أن قطاع الدواجن يقدم خدمات اجتماعية كبيرة، سواء من حيث عدد العاملين، أو توفير 70% من البروتينات التي يتناولها التونسيون.

وتعوّل الأسر التونسية ولا سيما المتوسطة منها على استهلاك الدواجن في ظل ارتفاع كبير في أسعار اللحوم الحمراء، ما جعل اللحوم البيضاء والبيض الملاذ الأخير للباحثين عن التوازن الغذائي.

واتهم رئيس جمعية مربي الدواجن، شكيب التريكي، الحكومات السابقة بإغراق القطاع بمزارع الدواجن الجديدة، ما ولّد فائضاً كبيراً في الإنتاج أدى إلى انهيار الأسعار.

وقال التريكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن السياسات السلبية للحكومات الماضية أدت إلى ضخ 600 مليون دينار من الاستثمارات في قطاع الدواجن أي ما يعادل 300 مليون دولار بدون حاجة القطاع إليها خلال هذه الفترة، وكان بالإمكان توفيرها لتنمية قطاعات زراعية أخرى تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات حسب تقديره.

ويعتبر رئيس جمعية مربي الدواجن، أن الأموال الكبيرة التي ضُخت في القطاع ذهبت هباء في ظل العجز التام للمربين عن تسويق فائض الإنتاج نتيجة تراجع استهلاك السوق المحلية وانسداد أفق التصدير لافتاً إلى أن الأزمة التي يمر بها القطاع السياحي أثرت بشكل كبير على قطاع الدواجن باعتبار أن النزل كانت من أكبر حرفاء الشركات المنتجة.

اقرأ أيضاً: التونسيون يواصلون الإنفاق على الترفيه رغم أزمة الاقتصاد

ونبه التريكي إلى خطورة ما ستؤول إليه الأوضاع بالقطاع من أزمة مالية خانقة، داعياً الحكومة إلى الأخذ بزمام الأمور والعودة إلى برمجة الإنتاج مع تقنينها بقانون يلزم جميع الأطراف والإسراع في القيام بجرد للمزارع بكافة ولايات المحافظات لأحكام التصرف في الرصيد الموجود مع وقف الاستثمارات الجديدة في هذا القطاع وزيادة سعر الكيلو غرام.

كما اقترح التريكي تكثيف عملية التخزين من 10 إلى 50 مليون بيضة لاستيعاب فائض الإنتاج وخلق نوع من التوازن بين العرض والطلب.

وأوضح التريكي أن الخسائر المسجلة في قطاع الدواجن لن تشمل المربين فقط بل ستنسحب على كافة حلقات الإنتاج والاقتصاد الوطني عموماً، ملاحظاً أن 85% من مستلزمات الإنتاج تستورد بالنقد الأجنبي.

وتقر وزارة الزراعة بوجود مشاكل متراكمة في قطاع الدواجن على غرار التحكم في مستويات الاستهلاك والاعتماد شبه الكلي في حلقة الإنتاج على المواد المستوردة.

ويقتضي تنظيم القطاع وفق دراسات اقتصادية حول القطاع، ضبط تطور مستوى الاستهلاك وتثمين المخزونات والبحث عن أسواق تصديرية دائمة.

ويساهم قطاع الدواجن بنسبة 12% في الإنتاج الزراعي و32% في الإنتاج الحيواني، إضافة إلى مساهمته في تغطية الحاجيات الاستهلاكية من اللحوم بنسبة تتراوح بين 50 و53% وتوفيره لما لا يقل عن 15 ألف موطن، حسب إحصائيات رسمية.

كما حقق القطاع خلال 15 سنة الأخيرة نسب نمو بأكثر من 2% في إنتاج البيض وأكثر من 5% في دجاج اللحم وقرابة 10% بالنسبة للحم الديك الرومي.

ويعد قطاع الدواجن ملاذاً للتونسيين في ظل ارتفاع الأسعار للحوم الحمراء والمنتجات الغذائية الذي تشهده البلاد بسبب عدم الاستقرار وتراجع معظم المؤشرات الاقتصادية، خلال السنوات الأربع الماضية، حيث ارتفع متوسط أسعار السلع عموماً خلال هذه الفترة، حسب تقديرات خبراء، بين 30% و60%، وهو ما أثر على النفقات الأسرية المخصصة للطعام.

وحسب دراسة حديثة، أجراها المعهد الوطني للاستهلاك (حكومي)، فإن وزن مجموعة التغذية في النفقات الأسرية تراجع خلال السنوات الأخيرة من 32% إلى 27%، مقابل ارتفاع نفقات إيجار السكن وغيرها من الخدمات ومنها الاتصالات (الإنترنت والهاتف) التي ارتفعت من 3.5% إلى 5.5%.

وأشارت الدراسة إلى وجود تحول في نوعية التغذية لدى العائلات التونسية، وذلك بتراجع استهلاك اللحوم الحمراء لارتفاع أسعارها، مقابل الارتفاع المطرد في الإقبال على اللحوم البيضاء ومشتقاتها، ولا سيما البيض.

 


 

اقرأ أيضاً:
الديون تطوق رقبة تونس
تونس تعتزم اقتراض 1.12 مليار دولار

دلالات
المساهمون