الانتقام من مزارعي الأرز في مصر

26 ديسمبر 2016
غياب السلع الأساسية من السوق المصرية (وكالة الأناضول)
+ الخط -

في محاولة من النظام المصري لعلاج فشله في توفير الأرز ومواجهة ارتفاع أسعاره ونقص إمداداته في البقالات التموينية، تفتّق ذهن وزير التموين عن حيلة غير ذكية بإحلال سلعة المعكرونة محل سلعة الأرز في منظومة البطاقات التموينية، وألغى مناقصة توريد الأرز المحلي وتمسّك بفرض أسعار متدنية للمنتج المحلي، رغم اعترافه بوصول رصيد السلعة إلى صفر، ثم أعلن عن طرح مناقصة، انتقامية، لاستيراد الأرز الهندي بدل المحلي.

وزير التموين، وهو عسكري برتبة لواء أركان حرب، وتقلد منصب رئيس هيئة الإمداد والتموين في القوات المسلحة، أثار السخرية عندما طالب المصريين بالامتناع عن عمل المحشي، الذي يُطهى من الأرز، لحل الأزمة بعد فشله في توفيرها، رغم أنها من الانتاج المحلي وتفيض عن الاستهلاك، إذ يقدر حجم الاستهلاك السنوي بـ3 ملايين و400 ألف طن، في حين يقدر الناتج المحلي بحوالي 4.5 ملايين طن، ويفيض أكثر من مليون طن عن الحاجة!

النقابة العامة للبقالين التموينيين رفضت القرار، باعتبار أن المعكرونة سلعة غير أساسية للمواطن المصري، والطلب عليها منخفض، عكس الأرز، ما سيخلق أزمة جديدة تضاف إلى الأزمات الناشئة عن العجز الكبير في حصص السلع الأساسية الأخرى، الزيت والسكر.

المعكرونة التي تُصنع من القمح الصلب المستورد يزيد سعره عن قمح الخبز العادي بحوالي 50 إلى 100 دولار للطن، وبسبب شح الدولار وتخطيه حاجز 19 جنيها مصريا يجعلها بديلا مكلفا وغير منطقي، فيتراوح سعر المعبأة منها بين 3.25 و5.5 جنيهات، للعبوة زنة 400 جرام فقط، ليتجاوز سعر الكيلو المعبأ 10 جنيهات!

والعكس في حالة الأرز، إذ يفضّله المصريون ويعتبرونه سلعة أساسية لا يكاد تخلو منه مائدة في وجبة الغداء، وسعره الذي يتراوح في محال التجزئة بين 7 و8 جنيهات للكيلو يظل أقل من سعر المعكرونة المعبأة، فلماذا تصر الحكومة على شراء البديل المستورد غير المرغوب فيه على حساب الأصيل المحلي المتوفر الذي لا غناء عنه؟!

النظام المصري الذي تعوّد على شراء الأرز من المزارعين بسعر يقل عن 2000 جنيه للطن ثم يصدره بسعر 1000 دولار، غاضب من المزارعين الذين أفشلوا خطته في شراء مليوني طن هذا العام، ورفض الشراء بسعر أعلى من 3000 جنيه للطن، 160 دولارا! وأعلن عن طرح 35 ألف طن من الأرز الهندي للرد على تعنت المزارعين وتمسكهم بأسعار عادلة!

الأرز الهندي الذي استورده الوزير أقل جودة ولا يقل سعره عن 410 دولارات للطن، ما يعني أن سعره لن يقل عن 8 جنيهات للكيلو، وهو نفس سعر الأرز المصري الذي يرفضه الوزير! الاستيراد كذلك يدمر صناعة ضرب الأرز العملاقة والتي تعمل بها 7‏ شركات مملوكة للدولة ويشرد‏ 25‏ ألف عامل يعملون فيها.

النظام قرر الانتقام من مزارعي الأرز، فاعتمد الجنرال السيسي خطة لتخفيض مساحة الأرز المصري من مليون ونصف المليون فدان إلى 700 ألف فقط، بنسبة 50%، وشدد على تحصيل غرامة قدرها 3700 جنيه على كل فدان أرز مخالف، وهي الغرامة التي كان الرئيس محمد مرسي قد أسقطها عنهم!


المساهمون