ثروة ترامب تهدد نزاهة منصب" الرئاسة الأميركية"

18 نوفمبر 2016
دونالد ترامب وعائلته أثناء الحملة الانتخابية(Getty)
+ الخط -
شهد تاريخ الرئاسة الأميركية العديد من الفضائح السياسية والأخلاقية، بدءاً بفضيحة "ووترغيت" التي تورط فيها الرئيس، ريتشارد نيكسون، في التجسس على الحزب الديمقراطي، ومروراً بعلاقات، جون كيندي، بالممثلة الشهيرة "مارلين مونرو" وفضيحة الرئيس، بيل كلينتون، الأخيرة، لكن تاريخ "الرئاسة الأميركية" لم يشهد فضيحة مالية واحدة. 
وهذه النزاهة المالية تحسب في السجل النظيف من الفساد المالي لرؤساء أميركا، منذ أبراهام لينكون وحتى الرئيس الحالي باراك أوباما، لكن "النزاهة المالية" لمنصب الرئاسة الأميركية أصبحت محك اختبار بعد فوز الملياردير دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة.
ولأول مرة في التاريخ الأميركي تختار أميركا رئيساً مليارديراً، يفتقر للشفافية بشأن ثروته ودخله وملفه الضريبي، وحتى الآن من غير المعروف كيف سيتعامل الرئيس الثري ترامب مع هذه التناقضات وماهي احتمالات أن يقدح تشابك هذه المصالح في نزاهة "منصب الرئاسة" لأكبر اقتصاد في العالم؟
منذ فوزه والحيرة تعقد ألسن العديد من أساطين القانون في واشنطن حول كيفية حل معضلة تضارب "استقلالية الرئاسة" والحفاظ على نزاهة "منصب الرئيس" عن مصالح ترامب المالية.
بعض القانونيين يقترح على الرئيس ترامب تسييل "إمبراطوريته العقارية" ووضعها في "أمانة غير معلنة الأصول" تحت إدارة مستقلة، فيما يرى آخرون، أن الرئيس غير مضطر لفعل ذلك، وأن القانون الأميركي يسمح له بالاحتفاظ بإمبراطوريته دون وضعها تحت وصاية.
من جانب الرئيس، دونالد ترامب، فإنه لم يول، خلال حملته الانتخابية وحتى بعد فوزه، أي اهتمام بهذه القضية، ورفض إبداء أيّ شفافية تجاه مصالحه المالية قبل فوزه بالرئاسة وبعد الفوز، سوى أنه اقترح وضع مصالحه التجارية في "أمانة غير معلنة الأصول" تدار بواسطة أبنائه.
وقال إنه سيفعل ذلك، حتى يتفادى تشابك المصالح بين منصبه الرئاسي وبين علاقاته التجارية ومنافعه المالية.
لكن منتقدوه يقولون، إن مقترح الرئيس ترامب الخاص بوضع أصوله العقارية تحت وصاية وإدارة أبنائه يتناقض قانونياً مع مبدأ "الأمانة المالية غير معلنة الأصول"، حيث إن موجودات ترامب المالية معروفة القيمة، كما أن أبناءه باتوا الآن جزءاً من أفراد الفريق الانتقالي لإدارته وبالتالي، لم يعودوا جهة مستقلة، بل جزءاً من الحكومة الأميركية التي يرأسها.
وتثار مخاوف في أوساط قانونية وسياسية في واشنطن، من أن يوظف الرئيس الملياردير ترامب العديد من القرارات المالية والاقتصادية وتلك الخاصة بالضرائب والتجارة الخارجية لمصلحة إمبراطوريته المالية، خاصة وأن لدى "منظمة ترامب"، وهي المجموعة التي تدير عقاراته الواسعة والعديد من الإيجارات العقارية التي تتبعها، ديون مصرفية تقدر ببضع مئات من ملايين الدولارات وتواصل الاقتراض من النظام المصرفي.


وخلال الحملة الانتخابية أثيرت العديد من التجاوزات القانونية أو الحيل القانونية التي استخدمها ترامب للنفاد من الدائنين أو الحصول على حسومات ضريبية. وهنالك أرقام متضاربة حول الثروة الفعلية للملياردير ترامب.
يذكر في هذا الصدد، أن مجلة "فوربس" الأميركية قدرت في فبراير من عام 2015 ثروة ترامب بما يصل إلى 4 مليارات دولار، على الرغم من أنه يقول إن ثروته تقدر بحوالي 10 مليارات دولار.
حول هذه الإشكالية التي تواجه ساكني البيت الأبيض ولأول مرة، يقول المسؤول الأسبق في إدارة الرئيس بوش الابن، عن السلوك والأخلاقيات بالبيت الأبيض، المحامي ريتشارد بينتر" إن مقترح تحويل إمبراطورية ترامب المالية إلى وصاية أو أمانة تحت إدارة أبنائه لن يحل مشكلة التضارب بين المنصب الرئاسي والمصالح المالية، لأنه لا يزال يحتفظ بالملكية". وأضاف في تصريحات نسبتها صحيفة" فاينانشيال تايمز"، للمحامي بينتر أن دونالد ترامب لم يعرض، حتى الآن، خطة مقبولة قانونياً لحل هذا التضارب حينما يتسلم منصب الرئاسة رسمياً في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
أما عمدة نيويورك الأسبق وأهم مساعديه الذي ربما سيختاره لوزارة الخارجية، رودي جيلاني، فيرى أنه لا توجد "وثيقة قانونية" تنص صراحة على أن الرئيس يجب أن لا يتدخل في أعمال أبنائه.
ويشير في لقاء مع قناة "سي إن إن" الأميركية إلى أن الرئيس ونائبه معفيان من "تضارب المصالح".
من جانبه يرى المستشار القانوني السابق والمسؤول عن الأخلاقيات خلال الدورة الأولى من الرئاسة الحالية، نورمان إيزان، " يجب على ترامب أن يجري عمليات تسييل لموجوداته ووضعها في أمانة غير معلنة الأصول تدار من جهات مستقلة وليس من أبنائه".
ويرى العديد من رجال القانون، أن إمبراطورية ترامب المالية تبرز العديد من التحديات والمخاطر أمام "نزاهة منصب الرئاسة الأميركية وربما تقدح في حيادية قراراته الخاصة بالمال والاقتصاد".
ومن المخاطر التي ربما تتعرض لها "نزاهة منصب الرئاسة" في عهد الرئيس، دونالد ترامب، وحسب سياسيين ديمقراطيين في الكونغرس، إنه رفض أثناء حملته الانتخابية الكشف عن ملف الضرائب لدخله وربما سيرفض ذلك حينما يصبح يتسلم الرئاسة في يناير المقبل.
وعلى الرغم من أنه من الناحية القانونية فإن مسألة الكشف عن ملف الضرائب مسألة اختيارية وليست إجبارية، إلا أنها من الناحية السياسية تعد شبه إجبارية لأنها تزيد من الثقة بين الرئيس والشعب.
ويلاحظ أن ترامب قال في لقائه مع قناة "سي بي أس" الإخبارية الأميركية، في الأسبوع الماضي، إن الجمهور غير مهتم بذلك.


المساهمون