السكر يذوب في أسواق مصر قبل وصوله لأفواه المستهلكين

20 أكتوبر 2016
+ الخط -
داخل أحد المقاهي في العاصمة المصرية القاهرة يعتذر النادل، بصوت مرتفع، من الزبائن عن تقديم أي مشروبات ساخنة تحتوي على السكر لعدم توفره.

إنها المرة الأولى التي يشهد فيها النادل نقصاً حاداً في سلعة السكر تدفع المقهى إلى الاعتذار من زبائنه عن تقديم المشروبات الساخنة.

ويعكس الموقف الذي شهده المقهى، جانباً من أزمة تفجرت أخيراً في مصر، تتجسد في نقص مادة السكر في البلاد، التي يرجعها خبراء ومراقبون إلى أسباب تبدأ بأزمة الدولار، ولا تنتهي بالاحتكار وغياب الرقابة.

وتفاقمت أزمة نقص السكر في مصر خلال الأسابيع الماضية، وتجسدت على شكل طوابير طويلة من المواطنين الذين اصطفوا أمام المجمعات الاستهلاكية، للحصول على رطل (3 كيلوغرامات) من السكر.

وتتزامن أزمة السكر، مع إعلان وزير التموين محمد علي مصيلحي، يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عن توفر البلاد على احتياطي من السكر يكفيها حتى فبراير/شباط 2017.

وأفاد الوزير المصري، الأحد الماضي، بأن الوزارة تعاقدت على شراء 134 ألف طن سكر ستكون جاهزة للضخ في الأسواق الشهر المقبل، إضافة إلى 500 ألف طن لتأمين الأسواق المحلية من تقلبات أسعار السكر عالميا.

وبحسب مواطنين، فإن السكر أصبح يباع (على نطاق ضيق في بعض المحافظات)، بعيداً عن محال السوبرماركت، في أسواق أشبه بـ"السوق السوداء".

وتعمل في مصر 5 شركات حكومية لإنتاج السكر، إضافة إلى شركتين من القطاع الخاص.

وارتفعت أسعار السكر من نحو 4 جنيهات (48 سنتاً) للكيلوغرام، سواء في السوق الحر أو بطاقات التموين في عام 2015 إلى 5 جنيهات (52 سنتاً) للكيلوغرام في بطاقات التموين ونحو 10 جنيهات في الأسواق، ونحو 13 جنيها في السوق السوداء.

وتأتي هذه التطورات المثيرة، بحسب مراقبين، رغم تأكيد مجلس الوزراء المصري في نهاية مايو/أيار 2016، أن الاحتياطي الاستراتيجي من السكر يغطي حاجات البلاد حتى مطلع عام 2017.

وقررت مصر في الشهر ذاته إعفاء مستوردي السكر الخام من الرسوم الجمركية حتى نهاية العام الجاري، وفرضت رسوماً على صادرات السكر بواقع 900 جنيه (101 دولار) للطن.

وأعلنت وزارة التموين المصرية، الاثنين الماضي، عن طرح خمسين ألف طن سكر على مراحل عبر سيارات الوزارة المتنقلة بميادين المحافظات، مقابل 6 جنيهات للكيلوغرام.

وقال محمود حسونة، أمين النقابة العامة للبدالين التموينيين في مصر (أهلية وتضم 26 ألف تاجر)، إن نسبة العجز في مادة السكر تصل إلى نحو 30% في المتوسط، مع وجود تباين في النسبة، حيث تناهز 40% في بعض المحافظات.

وأضاف حسونة أن "كبار التجار" يقفون وراء نقص السكر في الأسواق حالياً، بعد سحبه وتخزينه ترقباً لارتفاع الأسعار في الأيام المقبلة.

وأرجع أستاذ الاقتصاد الزراعي المصري، جمال صيام، أزمة السكر الحالية إلى عدة عوامل، من بينها الحديث عن قرب تعويم العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار، إضافة إلى عدم تفعيل قانون مكافحة الاحتكار، وفشل الحكومة في ضبط الأسواق ومراقبتها.

وقال صيام إن أزمة السكر "غريبة ومثيرة لعلامات استفهام كثيرة لدرجة تدعو إلى الريبة والشك".

وأضاف: "مصر تنتج نحو مليوني طن من السكر، ويبلغ الاستهلاك المحلي نحو ثلاثة ملايين طن، ويتم سد الفجوة التي تصل إلى مليون طن عبر الاستيراد سواء الحكومة أو القطاع الخاص.

ويرى مراقبون أن أزمة السكر قد تستمر رغم محاولات حكومية حتى فبراير/شباط من العام المقبل.

(الأناضول)

المساهمون